الرئيسة/  مقالات وتحليلات

طوبى لكم يا أهل غزة

نشر بتاريخ: 2019-11-17 الساعة: 09:08

حنان باكير افتتح المزاد.. وانفتح مزاد الدم الفلسطيني. هو مزاد ينفتح من كل طرف، يروّج لمشاريعه السياسية، وأيديولوجياته المختلفة، ولطالما كانت قضية فلسطين التجارة الأربح للعالمين العربي والغربي. ومع ارتفاع أسعار البورصات العالمية، صار الدم الفلسطيني، وارتفاع منسوبه، هو المطلوب في عمليات الربح والخسارة.
لن أتحدث عن منسوب الدم الفلسطيني المراق، في مخيمات الشتات، ولا المجازر وهدم البيوت، فالحال واحد بين الفلسطيني المقيم والفلسطيني التائه!
تبقى حرب غزة، وهي مسلسل على حلقات من العنف الدموي، تفتح في القلب ألف جرح. غزة هي المعتقل الكبير، ببشرها وحجرها، فالكل وكل شيء فيها محكوم بالإعدام. وفي كل حرب يُساق الى المحرقة، بعض من الغزيين، من الجنين الى الإنسان المسن. حرب استنزاف بشري، ومادي، تدمير البيوت، لتفاقم أزمة المواطن المادية. محاصرة الشاطئ ومنع صيد سمكه، وربما يُجعل من الغزيّ طعاما للأسماك، اذا أمكن! وعلى وهج نيران المحرقة، ينضج الأطفال قبل أوانهم، ويغادرون طفولتهم في وقت مبكر. لكن الأمهات ينجبن التوائم.
المحرقة الحالية، كانت على حساب نتنياهو، للإفلات من ملف الفساد الذي طاله، ولأسباب انتخابية، تبقيه وحده على قمة هرم السلطة، وهذا ما بات معروفا.
في الضفة، تتخذ المجازر شكلا مختلفا، ولا تقل خطرا، لكنها تتم بسلاسة. إذا كانت المقاومة في غزة، ذريعة وحجة لإبادة الناس، باستدراجها للفلسطيني للرد على عملية اغتيال، أو انتهاك أمني، فما هي الذريعة في الضفة، من قتل يومي، "تنغيص" حياة المواطن، بالحواجز والإذلال، وسرقة محاصيل الزرع وخاصة الزيتون، مجازر شجر الزيتون، والأشجار المثمرة. اعتقال الأطفال وترهيبهم بالاستدعاء للتحقيق، عمليات قتل الشباب، وكلها في ظروف غامضة؟؟
وعملية السلب الكبرى، هي الاعتداء على ما يفترض أنها مناطق الدولة الفلسطينية، بحسب اتفاقية أوسلو.. فالمستوطنات تستشري كالسرطان، والحديث عن ضم أراض تابعة للسلطة الوطنية، وما زالت المنطقة بالنسبة لهم هي يهودا والسامرا.. ولانعدام الذريعة، فإن مجازرهم تتم بسلاسة وبالمفرق..
إعلاميا وعالميا، تلعب أجهزة إعلام العدو، دور الضحية المستهدفة بكل أشكال العسف. فقبل أيام نشرت صحيفة "أفتن بوستن"، وهي من كبريات الصحف النرويجية، مقالا تنتقد فيه مناهج التدريس في فلسطين. إذ أنها تشجع على العنف، وتروّج لفكرة الصراع الأبدي، وأن الجهاد أهم شيء في الحياة، وقليلا ما نجد في تلك المناهج تحضير الأطفال لمستقبل الفلسطينيين والإسرائيليين، للعيش بسلام وفق حل الدولتين! وأن لا ذكر لمباحثات السلام، بل هي تشجع خطاب الكراهية، لدى الطلاب.. ويضيف الى أن المناهج الفلسطينية هي الأسوأ بين دول إسلامية أخرى، فالأردن مثلا قام بتطوير مناهجه التعليمية، ويطالب الدولة النرويجية، بوقف الدعم المادي للسلطة الفلسطينية! والكلام لكاتب المقال.
أما السخرية والاستخفاف بالعقول، في هذا المقال الذي أفردت له الجريدة الصفحة الأولى، فتكمن في فقرة تمّ ترجمتها الى العربية، ونشرت على غلاف الجريدة، تحت عنوان "قوة ونقيفة". من ضمن ما ورد فيها "ما العلاقة بين مقدار استطالة مطاط النقيفة وقوة الشد المؤثرة فيه"؟ وأيضا "ما القوى المؤثرة في الحجر بعد انطلاقه من النقيفة"؟ انتهى الاقتباس.
فالمقلاع أو النقيفة، يمكن الحديث عن ارتداداتها وتأثيرها، التي هي أقوى بألف مرة من الأسلحة الفتاكة الجهنمية، والأسلحة الفسفورية والسموم، التي يستعملها المحتل في الدفاع عن نفسه! سأكتب مقالا باللغة النرويجية، لن أسميه ردا، فالمقال فيه استخفاف بالعقول قد تنطلي على الأجنبي البسيط، المحدود الإطلاع، لكن الحديث عن طفولة في النار، يبقى الأجدر بإظهار معاناة الطفل الفلسطيني.. أتمنى أن تكون الدبلوماسية الفلسطينية، في النرويج، قد قامت بالواجب في الرد على تلك الادّعاءات..
هل بلغ هلعهم من المقلاع أو النقيفة، باستحضار التاريخ بشكل معكوس بين داوود والبطل الفلسطيني جوليات!

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024