الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إسرائيل على صفيح ساخن

نشر بتاريخ: 2019-11-12 الساعة: 09:07

عمر حلمي الغول ما زالت دولة إسرائيل الاستعمارية تتخبط، وتراوح في المكان ذاته، لا أحد من القوتين الأساسيتين قادر على تجاوز عنق الزجاجة، الأزمة تتعمق وتتمدد في كل اتجاه. بنيامين نتنياهو حسم خياره باتجاه الذهاب لجولة ثالثة من الانتخابات، ولهذا ناور طيلة الأيام الماضية في تكليف بيني غانتس لتشكيل الحكومة، رغم ان زعيم "كاحول لافان" قدم تنازلا واضحا له، بتوليه الفترة الأولى من رئاسة الحكومة دون ربط ذلك بائتلاف اليمين (55 مقعدا)، لكن رئيس حكومة تسيير الأعمال رفض العرض. ثم جاء وثبت نفتالي بينت وزيرا للحرب دون وجه حق، لا سيما وأن وضع الحكومة غير طبيعي، لأنها مستقيلة، ولا يحق لرئيسها إجراء أية تعديلات في قوامها. ولهذا ذهب تكتل "أزرق أبيض" للمحكمة العليا للطعن في تعيين ممثل حزب اليمين الجديد.
كما ان المزاج العام في الشارع اليميني بدأ في الانزياح التدريجي بقبول حكومة جديدة على أن يذهب لانتخابات ثالثة، وهذا ما اشار له استطلاع جديد للرأي أعده "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" بالتعاون مع معهد "غوتمان" في الرابع من تشرين الأول/ نوفمبر الحالي يشير إلى أن 46% من ناخبي الليكود، و53% من ناخبي "إلى اليمين" بالإضافة إلى 32% من ناخبي شاس، و29% من ناخبي "يهودوت هتوراة" يفضلون تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة الجنرال غانتس على الذهاب لجولة ثالثة من الانتخابات. بالإضافة لذلك هناك تحركات لليكوديين الجدد لنزع مقود القيادة من يد زعيمهم الحالي.
وفي الاتجاه الآخر، في استطلاع تم قبل يومين في أوساط "كاحول لافان" أظهر أن نصف التكتل يرفض تشكيل حكومة أقلية مدعومة من القائمة العربية المشتركة. كما أن افيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" ما زال يناور، ويرفض قبول دعم القائمة المشتركة لحكومة برئاسة غانتس، وفي ذات الوقت يرفض انفتاح غانتس على قوى الحريديم اليمينية، ورفض حكومة برئاسة نتنياهو مع اليمين. وهو ما يشير إلى انه ينتهج سياسة المناورة لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، أولا التأكيد على انه، هو الممسك بمفتاح الحكومة، وهو بيضة القبان المرجحة لأي خيار؛ ثانيا يسعى من خلال التعطيل المنهجي للانتخابات إلى دفع الأمور نحو جولة ثالثة، اعتقادا منه، انه يستطيع الحصول على مقاعد أكبر، وتقريرا في صناعة القرار الإسرائيلي مستقبلا.
وفي ظل هذه الأجواء المتلاطمة من الواضح، أن غانتس مكبل من قاعدته الانتخابية وتكتله، ومن ليبرمان، ومن رفض نتنياهو التعاون معه. وحتى لو افترض المرء، أنه سيلجأ إلى دعم القائمة المشتركة، وإمكانية اختراق لبعض قوى اليمين، فإن تكتله سينهار، وأية حكومة سيشكلها ستنهار بأسرع من البرق، في أقل من عام. وبالتالي الاتجاه المرجح، هو الذهاب لانتخابات ثالثة، إلا إذا نجح الرئيس رؤوبين ريفلين في تكليف شخصية من أحد التكتلين، أو من خارجهما، وتمكن من جمع 61 نائبا داعما له.
الخيار الأخير، وهو افتراض واقعي، رغم أنه بعيد، ان يتمرد شخص من الليكود على نتنياهو، ويطعن في أهليته، ويقود فريق من الحزب للتحالف مع غانتس. أو يقوم المستشار القضائي، مندلبليت قبل انتهاء تكليف غانتس بتوجيه اتهام واضح وصريح لرئيس الحكومة، تنتج عنه إقالة نتنياهو منها، وذهابه للسجن، أو إجراء مساومة تكفل له اعتزال السياسة، والبقاء في البيت.
أما رهان نتنياهو على الجولة الثالثة، وبقاؤه في الحكم حتى آذار/مارس 2020، بهدف تحصين نفسه نسبيا من تهم المستشار القضائي، فأعتقد انها مغامرة غير محسوبة جيدا، ولا يبدو في الأفق تمكن نتنياهو من مواصلة الحياة السياسية، والاتجاه الأقرب للمنطق، هو إسدال الستار على أطول رئيس حكومة في إسرائيل، وفتح الأفق امام شخصية إسرائيلية جديدة.
لكل ما تقدم، فإن النظام السياسي الإسرائيلي يقف على صفيح ساخن، وساخن جدا، واللوحة مشوشة، وضبابية، والأزمة أعمق مما يعتقد الإسرائيليون والأميركان. وهذه نتيجة طبيعية لصيرورة النظام الاستعماري الإسرائيلي المركب، الذي يعيش ظروفا وشروطا أكثر تعقيدا من اي نظام سياسي مهما كان متخلفا، لأن واقعه ومستقبله محفوف بالمخاطر.
[email protected]

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024