الرئيسة/  مقالات وتحليلات

لبنان.. الطائفية والفساد علاقة جدلية

نشر بتاريخ: 2019-10-20 الساعة: 10:36

باسم برهوم لم يدفع شعب ثمن نظامه السياسي بقدر ما دفع الشعب اللبناني. فمنذ الاستقلال عام 1943، شهد لبنان احداث عام 1958، وفي الفترة من عام 1975 وحتى عام 1990 دخل الشعب اللبناني ولبنان في حرب أهلية طاحنة، ومن ثم وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 دخل البلد بانقسام كبير شهد خلالها موجة من الاغتيالات واحداثا اخرى عمقت عمليا من هذا الانقسام.
منذ الخميس الماضي يشهد لبنان انتفاضة شعبية عارمة، الأسباب المباشرة لها قرار الحكومة بفرض دفعة جديدة من الضرائب تصيب الطبقات الاكثر فقرا، الا ان الاسباب المباشرة ذات الاسباب التي فجرت لبنان في كل المرات ألا وهي هذا النظام الطائفي الذي راكم طبقة سياسية في معظمها فاسدة تحميها الطائفية.
النظام السياسي اللبناني هو من حيث الشكل نظام جمهوري ديمقراطي يستند لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، لكنه في الجوهر هو نظام طائفي توافقي تمت صياغته في ظل الاستعمار الفرنسي، واعتمد بعد الاستقلال عام 1943, وبالمناسبة كان في البداية اتفاقا غير مكتوب. بموجب هذا الاتفاق الرئيس يجب ان يكون مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب يكون مسلما شيعيا، اما رئيس الوزراء فهو مسلم سني. هذا النظام وان اعطى فسحة من حرية الرأي والتعبير، الا انه ولكونه طائفيا كان يهزم اي عملية محاسبة حقيقية ويهزم اي عملية تغيير جدية نحو بناء نظام سياسي علماني ديمقراطي مبني على اساس المواطنة والمساواة التامة بالفرص.
من دون شك ان واقع لبنان اليوم ليس كالسابق فهناك حزب الله الذي يهيمن عمليا على الجزء الاهم من القرار السياسي في البلد وله امتداده الاقليمي. التطور الاهم هو انكفاء الولايات المتحدة الأميركية عن المنطقة الامر الذي يتيح فرصة لتغيير موازين القوى في الداخل اللبناني. فالتحرك الشعبي الاخير الذي ما زال مستمرا قد يسمح للمرة الاولى بتغيير المعادلة الطائفية الموجودة ولكن ليس لنظام علماني وانما لنظام طائفي تسيطر عليه طائفة بشكل كاسح، لذلك ليس هناك ما يلوح بالافق ويمكن ان يغير هذا النظام الطائفي، لان الطائفية لا تزال تسيطر على عقل اللبناني بالرغم من الشعارات البراقة التي نسمعها من المتظاهرين في الشوارع اللبنانية.
اتمنى ان اكون مخطئا وان نرى لبنان الذي نحبه وهو يتخلص من الطائفية ومن فساد طبقته السياسية، ولكن وقبل ذلك كله دعونا نتمنى للبنان الشقيق الخير وان يتغلب الوعي والحس الوطني على اي محاولة لجر البلد نحو حرب اهلية اخرى مدمرة.

khl

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024