الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بوتين يملأ الفراغ الذي يتركه ترامب

نشر بتاريخ: 2019-10-16 الساعة: 09:12

باسم برهوم يبرهن الرئيس الروسي يوما بعد يوم، بانه لاعب مهم في الشرق الاوسط ويتحرك بسرعة ملفتة لملء الفراغ الذي يتركه الرئيس الامريكي ترامب. فزيارة بوتين للسعودية ليس كتلك التي قام بها قبل 12 عاما، في تلك الفترة كانت روسيا لا تزال تتلمس طريقها للخروج من أزماتها، التي نجمت عن تفكك الاتحاد السوفياتي وتحاول وضع نفسها من جديد على خارطة النظام الدولي.
في السياسة الدولية تضع الدول نفسها في دائرة الفعل والتأثير، اما بقوتها ووزنها الاقتصادي، او بسقف اقل من ذلك، ولكن تستخدم كل اوراقها بذكاء وهذا ما يقوم به بوتين. هذا الرئيس توجه الى الشرق الاوسط في الوقت المناسب، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة قد استنزفتها الحروب، وبعد ان سقط خيارها في تسليم المنطقة للإسلام السياسي، في فوضى الربيع العربي. التصريحات الاخيرة لترامب حول خسائر واشنطن الهائلة في الشرق الاوسط حوالي 14 ترليون دولار وآلاف الجنود الأمريكيين القتلى والجرحى، تكشف هذه الحقيقة.
الانكفاء الامريكي بدأ فعليا من عهد الرئيس اوباما الذي سحب معظم قواته من العراق، وقبل بواقع تقاسمها مع إيران، كما تصرف بحذر شديد بشأن الأزمة السورية خوفا من اي تورط عسكري امريكي واسع جديد. الرئيس ترامب لم يكمل ما بدأه اوباما وحسب، بل ذهب أكثر من ذلك للتخلي عن حلفاء واشنطن التقليديين ويمارس معهم سياسة الابتزاز بشكل وقح ومكشوف. الفشل الأمريكي المتواصل ظهر جليا في الازمة الايرانية، عندما التزم ترامب بعدم الرد على استفزازات طهران بما في ذلك انتهاكها الخطوط الحمر بمهاجمة مواقع النفط السعودية.
يتحرك بوتين وكأنه المايسترو الجديد الذي يملك الكثير من اوراق اللعبة في الشرق الأوسط، الى درجة انه يطرق ابواب الرياض اليوم وهو يمثل حاجة وضرورة للسعودية ودول الخليج، فهو مرحب به ويمكن ان يبرم ببساطة صفقات بشأن النفط وأسعاره وكميات انتاجه، وحتى يمكن ابرام صفقات اسلحة وتفاهمات بشأن قضايا اقليمية. فالجميع اليوم يستمع باهتمام لما يقوله بوتين ويحسب لكل كلمة يقولها حساب وهذا هو الفارق الذي جرى خلال ال 12 عاما من زيارة بوتين الاولى للسعودية. فالزمن الذي كانت به واشنطن صاحبة الكلمة العليا في المنطقة يبدو انه قد انتهى، فالدب الروسي اليوم يضع أقدامه بقوة في الشرق الاوسط ومن لا يصدق ذلك عليه ان يسأل نتنياهو، الذي بات يتباهى باتفاقاته مع بوتين الذي بات يمتلك علاقات قوية مع كل الأطراف المتنافسة والمتناقضة في المنطقة.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024