الرئيسة/  مقالات وتحليلات

التكليف الأخير

نشر بتاريخ: 2019-09-29 الساعة: 09:35

عمر حلمي الغول كلف الرئيس الإسرائيلي، ريفلين، يوم الأربعاء الماضي رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نتنياهو لتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن فشل في إقناع كل من زعيمي الائتلاف الحاكم، وزعيم تكتل "أزرق أبيض" بتشكيل حكومة وحدة وطنية، والسبب الأساس في ذلك رفض غانتس التفاوض مع نتنياهو ككتلة يمينية متطرفة، ورفضه تولي زعيم الليكود الفترة الأولى من قيادة الحكومة. مع أنه من تحت الطاولة أراد ذلك، وهو ما دعاه وفق ما ذكره زعيم القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة، إلى مطالبة القائمة بمنحه عشرة أصوات فقط من مجموع عدد أصواتها الـ13.
وفي قراءة لآفاق عملية التكليف تشير التقديرات الموضوعية، إلى أن نتنياهو لن يتمكن من النجاح في مهمته لأكثر من سبب، منها، أولا: خلال مهلة التكليف الأولى ومقدارها 28 يوما، سيتم توجيه لوائح اتهام لنتنياهو ببعض قضايا الفساد، التي قد تؤدي به للسجن في حال لم ينسحب من سباق تشكيل الحكومة، ويعقد صفقة مع القضاء لترك المشهد السياسي؛ ثانيا: فشل زعيم الائتلاف اليميني المتطرف من اختراق أية قوة إسرائيلية من القوى الصهيونية المناهضة له، رغم كل الرشاوى، التي عرضها نتنياهو عليهم جميعا، وكان آخرها تقديم جزرة التناوب بينه وبين ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" على رئاسة الحكومة، وقبلها على زعيم تكتل "كاحول لافان" بأن يتولى رئيس الحكومة المكلف مدة سنة مقابل ثلاثة اعوام لغانتس، حتى يعطيه الفرصة لمنح لبيد فرصة تولي الحكومة مناصفة معه، وسبق ذلك عرض على زعيم حزب العمل منحه امتيازات في عدد الوزارات، ورفع سقف الأجور لـ6000 شيقل، غير أن محاولاته حتى الآن باءت بالفشل؛ ثالثا: بروز وتنامي تيار داخل الليكود وفق استطلاع للرأي بين اعضائه وزعمائه يطالب بضرورة رحيل رئيس الحكومة الفاسد.
وكان نتنياهو أعلن مباشرة بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، أن هناك صعوبات وتعقيدات كبيرة تواجهه في مهمته الجديدة، وأنه يميل لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع تكتل "أزرق أبيض" دون تخليه عن ائتلافه اليميني المتطرف، وهذا ما رفضه بيني غانتس، وأشار عليه بالذهاب لحكومة تجمع الليكود وتكتله مع القوى الليبرالية الأخرى. لكن الليكودي المسكون بعقدة التمسك بالحكومة رفض ذلك حتى الآن. وبالتالي فرضية أن يتجاوز نتنياهو عقدة تشكيل الحكومة ليست سهلة ولا متوفرة، هذا إذا أتيح لرئيس الحكومة المكلف تخطي لوائح الاتهام، التي من المفترض أن توجه له خلال الأيام القليلة المقبلة، والمفترض أن تكون في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
لكن الساحر نتنياهو قد يخرج أحد أرانبه الجديدة لخلط أوراق اللعبة السياسية على الساحة الإسرائيلية، مثلا التخلي عن ائتلافه اليميني المتطرف، والاستجابة لخيار غانتس؛ أو الدفع بعملية عسكرية على إحدى الجبهات، وإرغام القوى الأخرى على الانصياع لشروط اللحظة السياسية، بما في ذلك تأجيل الحديث عن تشكيل الحكومة، وحتى عن قضايا الفساد، التي تطارده؛ وهناك خيار آخر الذهاب لجولة ثالثة من الانتخابات. وبغض النظر عن كل الاحتمالات المذكورة وغيرها، فإن مصير نتنياهو بات شبه محسوم، وهو الذهاب إلى السجن، وعدم تكليفه مجددا، ليس هذا فحسب، إنما عدم العودة نهائيا لزعامة الليكود والمشاركة في الانتخابات البرلمانية لاحقا. انتهى نتنياهو، وأسدل الستار على مرحلته الأكثر دموية وفجورا وعنصرية في تاريخ دولة الاستعمار الإسرائيلية حتى الآن.
من الواضح أن نتنياهو سيقاتل حتى اللحظة الأخيرة من المهل الممنوحة له، ومقدارها 42 يوما إذا قدر له القفز عن التهم الموجهة له، ولن يستسلم أبدا للتعقيدات المنتصبة في طريق تشكيل الحكومة برئاسته. وسيستخدم كل ما لديه من فنون المناورة والتلاعب بمزاج القوى والشارع الإسرائيلي. رغم ارتفاع ضجيج الأصوات المنادية بمغادرته المشهد السياسي وموقع رئاسة الحكومة، والعودة لبيته أو السجن. لم يبق الكثير لنرى ما ستؤول إليه النتيجة خلال الأيام القليلة المتبقية له.
[email protected]

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024