الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الجن لا يقتل.. الانسان يقتل الانسان

نشر بتاريخ: 2019-09-24 الساعة: 09:35

باسم برهوم إعلان الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات اعتقال مشعوذين اثنين في منطقة رام الله والبيرة قاما بتعذيب فتاة بالكهرباء بحجة إخراج الجن من جسدها، هذا الإعلان قد أثلج قلوب الكثيرين، فالإعلان دليل أن الجهات الرسمية بدأت بالفعل تأخذ بعين الاعتبار أكثر من أي وقت مضى خطر هؤلاء على المجتمع، وتقوم باعتقالهم لمنع أذاهم. أعمال المشعوذين، الذين يعملون باسم الدين، والدين منهم براء، أسهمت في مقتل فتاتين، بالإضافة لإيذاء أخريات جسديا ونفسيا.
الغريب بالأمر أن هناك من يتعامل، وفي القرن الواحد والعشرين، مع هؤلاء المشعوذين ومظاهر التخلف هذه، بالرغم من أن المجتمع الفلسطيني هو مجتمع متعلم وفيه أقل نسب الأمية في العالم العربي، وربما في العالم أجمع. فمظاهر انتشار والشعوذة هي من ملازمات عصور الانحطاط والتخلف، عندما كان الناس يمزجون الخرافة والعادات بالدين.
من هنا فإن مواجهة هذه الظواهر الضارة لا تقتصر على الإجراء الأمني وحده، بالرغم من أهميته، فما نحتاج اليه هو الوعي والتوعية، خصوصا اننا نعيش في عصر قدم الطب والطب النفسي فيه اجابات عن معظم ما يتعرض له الانسان من امراض جسدية ونفسية، وهي علوم تتطور كل يوم، وبشكل متسارع، فلماذا نلجأ الى النصابين الذين لا علاقة لهم بالدين ولا يفهمون مقاصد معانيه، ولا علاقة لهم بالعلم واصوله؟
عندما ادت اعمال أحد المشعوذين الى مقتل فتاه لا يتجاوز عمرها ال 16 عاماً في قرية الجيب شمال القدس قبل سنة تقريباً، سألت أحد مواطني هذه القرية ما رأيك بما حصل؟
اجاب لا علم لي بالتفاصيل، ولكن انا تألمت لما جرى للفتاة. كررت السؤال هل بالفعل كان الجن في داخلها وحاول الشيخ إخراجه من جسدها بالضرب فماتت، قال هذا ما سمعناه، ثم سألته لأفحص حقيقة موقفه، هل تؤمن ان الجن كان في جسد البنت فعلا؟ قال الجن مذكور في القرآن، فقلت هذا صحيح الجن مذكور ولكن لم يقل انه متخندق في أجسادنا، وان يضرب الانسان وتقتله حتى يخرج الجن، والقرآن الكريم كتاب الدين الإسلامي، قد حرم قتل النفس مهما كان السبب.
ان مواجهة مظاهر التخلف ومظاهر النصب والاحتيال تحتاج الى عمل شامل على مستويين، الاول ما تقوم به الشرطة في تعاقبهم واعتقالهم بشكل حثيث، والمستوى الثاني ان تقوم وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني بدورها في تثقيف المجتمع وتخليصه من الخرافات واللجوء للغيبيات في معالجة الامراض الجسدية والنفسية، والاهم من كل ذلك، التعليم ومناهج التعليم، الذي يجب ان تميز بين ما هو دين وما هو دين شعبي وخرافة، وما هو علم لا يقبل الا الحقائق، وبين الغيبيات التي لا علاقة لها بالعلم.
ان الجن لا يقتل بل الانسان هو الذي يقتل الانسان، بهدف الكسب بالنصب والاحتيال، لنقل لا لمظاهر التخلف، فنحن شعب نصنع تاريخاً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي فلا يجوز ان نغرق بالخرافات.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024