الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إسقاط نتنياهو بحكمة وواقعية "المشتركة"

نشر بتاريخ: 2019-09-24 الساعة: 09:34

موفق مطر يسمو ويرقى الوعي السياسي كلما ضرب الوعي الوطني في عمق الأرض فقواها وتقوى بها. المعادلة السابقة جسدتها القائمة المشتركة، رغم يقيننا أن أعضاء القائمة لا يرون في تقييمنا هذا إلا دعما معنويا، فللأخوة تجارب نضالية وطنية مكنتهم من قراءة واقعهم، ونظم أهدافهم، واختيار أساليبهم المشروعة لتحقيق تطلعات وآمال الجماهير العربية.
كان لابد من توظيف الحضور السياسي والقوة النيابية (المرتبة الثالثة) لتحقيق الحد الأدنى من أهداف المشاركة في الانتخابات النيابية للكنيست الاسرائيلي، ما لم تتحقق معظمها أو كلها، فأمر إثبات الذات وإظهار الشخصية السياسية لمليوني فلسطيني في مدن وقرى فلسطين التاريخية والطبيعية، وتسجيل الحضور الفعال في لعبة الديمقراطية بات في مربع الاطمئنان ما وفر قاعدة انطلاقة ثانية وثالثة للفوز بمربعات اضافية، التي ستكون حتما على حساب انحسار وتراجع مربعات اليمين المتطرف، أو أي كيان حزبي تتشكل منطلقاته من ألف باء الاحتلال والاستيطان وحتى العنصرية.
إسقاط نتنياهو ومنعه من العودة الى سدة الحكم، كان هدفا للمشتركة إلى جانب أهداف أخرى، فهو رأس اليمين المتطرف والإرهابي في نظام تل أبيب، والمستخدم رقم واحد لتنفيذ صفقة القرن، وقائد الجبهة الأمامية في الحملة الاستعمارية الأميركية الجديدة على منطقتنا العربية وعلى الشرق الأوسط أيضا.
إن تحقيق هدف إسقاط نتنياهو، وتوجيه ضربة لحزمة اليمين الأشد تطرفا في دولة الاحتلال، ليس سهلا، لكنه ليس مستحيلا بذات الوقت، حتى وإن رأيناه – حسب نتائج الانتخابات – معقدا ومركبا، لكن اتقان إخوتنا في الداخل للعبة الديمقراطية، واستخدامهم سلاح الأصوات الانتخابية، كأسلوب نضالي سلمي مشروع، قائم على الدهاء والحكمة والتعقل والواقعية، سيمكنهم حتما من تحقيق هذا الهدف، كحتمية ونتيجة طبيعية لتطور أدائهم وتسجيلهم نقاطا متقدمة وحسن تطبيقهم لقواعد اللعبة ورفع مستوى خبرتهم فيها أيضا.
باء الداعون لمقاطعة الانتخابات بفشل، ولكن تأثير دعوتهم السلبي مازال حاضرا، وقد ضاعفوا هذا التأثير عندما حرضوا جماهير الناخبين الفلسطينيين على نواب القائمة المشتركة الذين أوصوا الرئيس الاسرائيلي باختيار رئيس حزب أزرق أبيض (كحول لافان) لتشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة.
لا نريد أن نكون ناطقين باسم نواب القائمة فهذا مجال قد برعوا به ولا يتقدم عليهم به واحد، فهم اقدر على شرح وتفسير، مواقفهم تجاه الأحزاب الاسرائيلية كافة، لكن ما نفهمه وما نقدره حسب ما احتويناه بمنظورنا للحالة السياسية الاسرائيلية، ونتائج الانتخابات، فإن نواب القائمة المشتركة قد ضربوا (ضربة معلم) في توصيتهم، لأنهم إن لم يفعلوا هذا في هذا السياق تحديدا، فإن المجال أمام نتنياهو سيكون اسهل للعودة الى رئاسة الحكومة أو الدخول الى حكومة وحدة مع حزب ابيض ازرق.
نعتقد أن نواب القائمة المشتركة قد نصبوا شركا لنتنياهو سيقع فيه حتما ان هو تراجع عن تعهداته لأحزاب اليمين الصغيرة الفائز كل منها ببضعة مقاعد في الانتخابات بأن "يبقى متحالفا معهم مهما كانت النتائج" وأخذ تعهدا منهم بالبقاء في تحالف معه أيضا فنتنياهو تسرع بهذا التعهد ولم يكن قادرا على تأمين وزارات لهذه الأحزاب إن دخل بحكومة وحدة مع غانتس، إلا اذا سار على طبعه الذي يلتقي به مع ترامب، فيغدر بهم، عندما يقرع باب بيت غانتس ليدخل في طاعته كرئيس للحكومة فيحقق معه اغلبية بـ64 مقعدا في الكنيست، قد يوظفها لنظم قوانين كان يفكر بامتطائها للنجاة من الملاحقة القضائية، وبذات الوقت يقطع الطريق على خصمه اليهودي ليبرمان رئيس حزب (اسرائيل بيتينو) وعلى القائمة المشتركة من التأثير المباشر على شكل وبرنامج الحكومة القادمة، وعلى القوانين المعدة سلفا، حتى لو كانت القائمة المشتركة في هذه الحالة على رأس المعارضة.
الواقعية السياسية تعني البقاء على صلة جذرية بالمبادئ، لكن مع تغيير على السياسات والأساليب والأدوات كلما تغيرت الوقائع على الأرض، أو إذا برزت وقائع لم تكن في الحسبان، وهنا يبرهن السياسي الواقعي على حكمته وشجاعته ، ذلك أن إقناع الجماهير بالمتغيرات اللازمة والضرورية لا يقل عن مستوى معركة سياسية حقيقية مع الخصوم، خاصة عندما تدخل القوى المضادة لتعمل لصالح الاحتلال تحت يافطة الوطنية والتمسك بالشعارات وتخون من لا يطبقها حرفيا !!.
بدأت القائمة المشتركة مسيرتها نحو الاتجاه الصحيح، وتمضي بقراراتها في الاتجاه الصحيح، أما الذين عبثوا في الشارع فإن الهاوية مصيرهم، فالوعي الوطني الذي ترتفع بقوة دفعه هامات وقامات شعبنا الفلسطيني ستجعلهم في انظار هذا الشعب في كل مكان مجرد كائنات مجهرية ضارة.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024