الكفيف المدرب
نشر بتاريخ: 2019-08-31 الساعة: 14:06بيت لحم - وفا- في مشغل لا تتجاوز مساحته 50 مترا، وُلد شغف السبعيني الكفيف حسن سعد "أبو خليل" بصناعة المقشات التقليدية ذات الأسلاك النحاسية الصلبة الممشوقة على قطعة خشبية أشد صلابة.
الكفيف العاشق لهذه الحرفة يرى أن بمجرد دخوله إلى مشغل جمعية بيت الرجاء للمكفوفين في بيت لحم، ينبثق النور في قلبه ويدب الأمل في روحه، آخذا على عاتقه تدريب النزلاء في "بيت الرجاء" وهو أحد مؤسسيه عام 1968، أملا منه بصناعة جيل من المكفوفين ذو مهارة وكفاءة عالية.
يقول أبو خليل: "في بداية تدريب أي مجموعة من التلاميذ المكفوفين نبدأ بتهيئتهم نفسيا، فالكفيف إذا ما أحس بالأمان تجاوب أسرع للتعلم، وكلما زادت ثقته بنفسه يكتسب الثقة في مجتمعه".
ويضيف أن الخطوة التالية تتمثل في إعطاء التلميذ قطعة من الخشب المُخرَّم، حيث يتفقدها ويتحسسها ويحفظ في خياله حجمها وتفاصيلها قبل البدء بالعمل على إدخال الأسلاك النحاسية في ثقوب القطعة الخشبية بانتظام.
وبعد انتهاء العمل في كل يوم يحصي أبو خليل وطلابه عدد القطع التي أنجزوها، ويتم ترتيب كل ست قطع في مجموعة.
"الصعوبة حينما يكون طالبه ليس كفيفا فحسب، وإنما حينما يكون كفيفا ويعاني من تأخر في النمو العقلي، فيتطلب تعليمه سنوات طويلة على عكس آخر ذو قدرات عقلية سليمة فيتعلم أبجديات الحرفة وأصولها في ظرف شهرين لا أكثر" يقول أبو خليل.
ويتذكر المدرب الكفيف أنه قبل سنوات الحصار على غزة، كان يأتي العديد من الطلاب من غزة يتعلمون صناعة كراسي الخيزران والمكانس بمختلف أنواعها، "رغم الظروف الصعبة التي يمر بها بيت الرجاء إلا أنه ما زال يستقبل نزلاء من كل الضفة، فهو بالكاد يوفر لنا المواد الخام التي اقتصرت على صناعة المكانس الكبيرة، التي يستخدمها عمال النظافة في كنس الشوارع" يضيف.
وبكلمات يعتصرها الألم والحزن، يتابع: "المجتمع ومنذ سنوات طويلة اختار أن يكسر الأيادي العاملة حينما اختار المنتجات الصينية الأقل سعرا وجودة، ما اضطرهم لتخفيض كميات انتاجهم، فهم يواجهون صعوبة كبيرة في تسويقها".
ويطالب المؤسسات الأهلية والحكومية والإنسانية بمساعدتهم، من خلال شراء منتجاتهم التي تلزم كل مؤسسة، داعيا رجال الأعمال والشركات الخاصة لتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم ليكونوا منتجين في المجتمع لا عالة عليه.
"يجب أن يفتحوا (الناس) قلوبهم لنا وألا يوصدوا الأبواب في وجوهنا، فنحن نحتاج إلى الكلمة الطيبة أكثر من حاجتنا إلى لقمة العيش على الرغم من أهميتها".
m.a