"طبيب قلقيلية".. القصة كاملة
نشر بتاريخ: 2019-08-07 الساعة: 19:29قلقيلية - وفا- أثار توقيف النيابة العامّة، للطبيب "أ.د" من مدينة قلقيلية، ظهر أمس الثلاثاء، سخط نقابة الأطباء، التي ردت بإخلاء جميع مرافق وزارة الصحة، وهددت باتخاذ قرارات أخرى، ما أسفر عن ردود أفعال غاضبة من قبل المواطنين.
أصل القضية يعود إلى أواخر شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري، عندما تقدمت المواطنة "أ.ش"، بشكوى الى مديرية صحة قلقيلية ضد الطبيب "أ.د" واتهمته فيها بالتحرش الجنسي، وبعد اجراء التحقيقات اللازمة تم تبرئة الطبيب من التهمة المنسوبة اليه، بحسب مصدر امني لـ"وفا".
وأضاف: "في غضون عشرة أيام أقدم مجهول على اطلاق تسع رصاصات صوب الطبيب "أ.د"، عند تواجده في عيادته الواقعة في بلدة حبلة جنوب قلقيلية، ثمانٍ منها أصابت جسده، أسفرت عن عجز دائم بساقيه، ومشاكل صحية أخرى".
"الشرطة، قبضت بعد البحث والتحري على شخص مشتبه بقيامه بعملية إطلاق للنار على الطبيب، وأحالته الى القضاء وتبين انه شقيق المشتكية، والذي ما زال قيد التوقيف بتهمة الشروع بالقتل". أشار المصدر الامني ذاته.
منذ شهرين لجأت "أ.ش"، الى القضاء وقدمت شكوى، تدعي فيها بقيام الطبيب "أ.د"، بالتحرش الجنسي، أثناء مراجعتها للمستشفى الذي يعمل فيه بالمدينة، وارجئ التحقيق بها لحين تماثل الطبيب للشفاء بسبب وضعه الصحي آنذاك، وتم توقيفه أمس، بحسب ما أورد المصدر.
ممثل عائلة الطبيب مختارها "م.د"، قال: "توجه ابننا إلى نيابة قلقيلية أمس، لإحضار ملف قضية الاعتداء عليه من المحكمة، وفوجئنا، بوجود قرار توقيف بحقة دون مذكرة إحضار أو تبليغ".
وأضاف: ما جرى مع احترامنا للسلطة القضائية يعتبر مساواة بين الضحية والجلاد، مع العلم أن القضية مضى عليها أكثر من 6 أشهر، ولم يتم استدعاء الطبيب لأي جهة كانت، وادعاء المشتكية كاذب، وقضيتها مشكلة كيدية، بسبب ايقاف شقيقها، لتكون قضية مقابل أخرى.
فيما قال "م.ش" شقيق المشتكية إن اعتقال الطبيب جاء نتيجة تحقيق ودلائل دامغة أدت الى توجيه تهمة هتك العرض بسبب تعديه الجسدي على شقيقتي، مطالبا بأن يأخذ القانون مجراه الى حين الوصول الى العدالة.
وبحسب النيابة العامة، فقد تم توقيف الطبيب مدة "24" ساعة على ذمة التحقيق الى اليوم، بعد ابلاغ نقابة الأطباء بحيثيات القضية وانتداب طبيب لحضور مجريات التحقيق معه.
نقيب أطباء قلقيلية اياس الصالح قال لـ"وفا": إن اعتقال الطبيب أمر مخالف للقانون بسبب اتفاق مبرم بين نقابة الاطباء والنائب العام، ينص على عدم توقيف أي طبيب إلا بعد اثبات التهمة عليه .
وأضاف: النقابة ستعقد مساء اليوم اجتماعا للوقوف على آخر المستجدات والاجراءات التي ستتخذها النقابة بخصوص هذا الموضوع.
المحاضر في قسم القانون الجنائي في جامعة النجاح الوطنية علاء بني فضل، أوضح أن ما قامت به النيابة العامة اجراء صحيح يتفق وحكم القانون، خاصة قانون الاجراءات الجزائية، الذي اعطى لها صلاحية تحريك واستعمال الدعوى الجزائية، والتحقيق في الجرائم، ومن اجراءاتها توقيف المتهم لمدة معينة من اجل جمع الادلة او للحفاظ على جمع الادلة.
وبين أن استناد نقابة الاطباء على اتفاق مبرم بينها وبين النائب العام، خاطئ لا يوجد له سند في القانون، فالمادة "24 من قانون الأخطاء الطبية"، تتحدث عن حظر التوقيف في قضايا الخطأ الطبي فقط، وحسب بيان النيابة العامة فإن الطبيب الموقوف على ذمتها متهم بارتكاب جناية.
"التوقيف في الجنايات جائز وهو يعود لتقدير النيابة العامة، بهدف حماية التحقيق ومجرياته حسب المادة "105" من قانون الاجراءات الجزائية". قال بني فضل.
وأضاف: بالنسبة لتهديد نقابة الاطباء بالإضراب واخلاء مرافق وزارة الصحة، فهو مخالف لقانون العمل الفلسطيني، وللقرار بقانون بشأن تنظيم ممارسة حق الاضراب لعام 2017، وقد يعرض الأطباء للمسؤولية الجزائية والمدنية والادارية.
وأكد أن على النقابة الالتزام بقرار محكمة العدل العليا بوقف الاضراب، وفي مخالفتها فإن الاطباء يكونون قد ارتكبوا جريمة الامتناع عن تنفيذ الاحكام القضائية، وعقوبة هذه الجريمة الحبس والفصل من الوظيفة.
الناطق باسم وزارة الصحة أسامة النجار تحدث لـ"وفا"، عن اضرار اغلاق القطاعات الصحية أمام المواطنين، وقال: "اغلاق العيادات والخدمات الصحية أمر خطير جدا، خاصة بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى المبارك، وهي طويلة، ما سيؤثر سلبا على المرضى، الذين يحصلون على الأدوية من المراكز الصحية".
وأضاف: "الأمر الذي قامت به نقابة الأطباء بإعلان الاضراب، يؤخر الكثير من العمليات الطارئة والمبرمجة منذ فترة لإجرائها، ومن المتضررين ايضا، طلبة الانجاز الذين يسعون في هذه الاثناء، الى الحصول على تقارير طبية من أجل سفرهم الى الخارج واكمال مسيرتهم التعليمية".
النيابة العامة أصدرت بيانا للرأي العام، ردت فيه على نقابة الأطباء، وأكدت ان المواطنين أمام القانون سواء، وحرصها على حفظ حقوق كافة المواطنين دون تمييز.
محافظ قلقيلية رافع رواجبة، أكد أن الاجراءات القانونية والقضائية لا علاقة لها بالمحافظة، داعيا الجميع للاحتكام للقانون، من أجل تطويق الأحداث والوصول الى العدالة.
واستنكر رواجبة التهجم والتشهير والقذف والتهكم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي انتشرت بعد اعتقال الطبيب، موضحا أن ذلك يؤدي الى زعزعة السلم الأهلي في المحافظة.
وأشار إلى أن الاجهزة الأمنية كلفت أمس بمتابعة كافة مواقع التواصل الاجتماعي لرصد اي تحريض وتهجم بهذه القضية، وذلك للحفاظ على السلم الأهلي وتجنب الوقوع بالفتن.
محكمة العدل العليا الفلسطينية، قررت مساء اليوم، وقف الاضراب مؤقتا، الذي اعلنته نقابة الاطباء في بيانين صادرين عنها، الاثنين والثلاثاء.
وكانت النيابة العامة ممثلة عن الحكومة ووزارة الصحة قد تقدمت بدعوى الى محكمة العدل العليا في رام الله هذا اليوم، للطعن في القرارات الصادرة عن نقابة الاطباء بـ"اعلان الاضراب الشامل واخلاء المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية من الاطباء".
m.a