ضمن مهرجان شاشات الحادي عشر لسينما المرأة فيلم "يوما ما".. عن حياة أربع صديقات في غزة
نشر بتاريخ: 2019-07-22 الساعة: 09:24غزة- الايام- يبدأ الفيلم بمشهد لصديقتين تتحدثان عبر الهاتف، تتفقان على اللقاء، ثم تلتقيان في محل للملابس؛ تختاران قمصاناً وفساتين، ينتهي الموعد بهما إلى المطعم حيث تمزحان حول نظام التخسيس.
يقطع لقاء الصديقتين مشهد آخر لصديقتهما الثالثة في مكان آخر "ميسولين" التي تنام بين الكتب والروايات، والدتها تسخر منها بأن عزف فرقة موسيقية في غرفتها لن يوقظها، تستيقظ وتصنع القهوة إذ تتحضر للانضمام إلى فرقة المسرح التي تعمل معها بالتمثيل.
وبالنهاية تلتقي جميع الصديقات في طريقهن لعرس زميلة أخرى كانت قد أقسمت ألا تتزوج بل أن تكمل تعليمها في أميركا، لكن يبدو أن هذا لم يحدث!، وهنا يبدأن بالغناء في التاكسي محتفلات قبل الوصول إلى حفل الزفاف أغنية "قلبي دق ثلاث دقات..".
بهذه العفوية والبساطة والسلاسة يروي لنا فيلم "يوما ما" حكاية يوم عادي بين أربع صديقات، إلا أن الفارق أنهن يعشن في قطاع غزة، حيث لا يتخيل أحد أن العلاقات الإنسانية تشبه أي علاقة في العالم سواء كانت علاقات صداقة أو حب أو زمالة، ففي غزة من الممكن أن تعرف عن الحرب والشهداء والمصابين والحصار، لكن ليس ذلك النوع من الحياة العادية.
ويعود السبب أن التغطية الصحافية، والإنتاج السينمائي المتعلق بهذه المنطقة يركز على الصراع ، لكن ليس الأمر ذاته إذا أردت التحدث عن يوميات أهلها خاصة الفتيات، فهذا نوع من "تابو" مهما كانت تفاصيل هذه الحياة عادية، لكن المخرجة أسماء المصري ابنة غزة وبيئتها أرادت كسر هذا "التابو" وأخرجت فيلما عن "يوما ما" في حياتها وثلاثة من صديقاتها.
ويتناول الفيلم المواضيع التي تشغل أربع صديقات في الوقت الحالي؛ كالعمل والزواج والسفر والحرية، وتلاحقهم الكاميرا بين السيارة والمطعم والبيت والعمل، في إلقاء للضوء على أحلام جيل صغير، ورغبته في الخروج من غزة، دون أي مبالغة في الحديث عن حقوق نسوية أو وطنية، بل كأحلام وأماني قد تطرحها أي صديقات قد يكن ولدن في البرازيل أو مصر أو أي مكان بالعالم.
والشخصيات ظهرت بمِهنها وأسمائها الحقيقية، كذلك ظهرت غزة في كامل جمالها وحيويتها من خلال مشهدين؛ نهاري ومسائي بأسلوب "تايم لابس" وهي تقنية تصوير تختزل الزمن وقد تناولت مرور الوقت في شوارع غزة في النهار والليل دون فواصل زمنية.
أما مشاهد تصوير الصديقات في الأماكن العامة فتُحسب للمُخرجة كون غزة مدينة مليئة بالمحاذير الاجتماعية فيما يخص الفتيات، وهنا بالذات تكمن خصوصية الفيلم وما يجعله مختلفاً عن تصوير أي أربع صديقات في العالم.
منى تحلم بالسفر إلى ألمانيا رغم أنها تعمل في شركة اتصالات مهمة، بينما ريما التي تعبر عن شخصية المخرجة فتعمل على بحث التخرج في قسم الفيزياء بالجامعة، وتستطيع الخروج من غزة متى تريد نظراً لأنها تحمل الهوية الإسرائيلية ولكنها تدافع عن موقفها "عارفة حالي كثير منيح، زي السمكة إلي عايشة بالبحر، لو طلعت منه بعرفش أعيش"، وهذا يتناقض مع الصورة النمطية عن غزة أن الكل يود الخروج منها إذا سنحت له الفرصة.
أما حنين الصديقة الثالثة فهي مذيعة في محطة إذاعية، لها برنامج حواري عن الأوضاع السياسية، والصديقة الرابعة "المشاغبة" هي ميسولين السلطان ممثلة مسرحية تسعى للحصول على أدوار البطولة.
تقول المخرجة أسماء المصري عن الفيلم: "ما يميز الفيلم أن القصة تدور ليس فقط عن يوم في حياة أربع فتيات، ولكن يتحدث أيضاً عن أربعة أساليب حياة مختلفة، تشترك بمكان العيش وحدود المدينة التي يتطور فيها كل شيء بإيقاع بطيء".
وتضيف حول علاقة الفيلم بثيمة المشروع "أنا فلسطينية" بأن الفيلم يتناول شكل الحياة الحقيقية لفتيات غزِيات، وطموحهن وأهدافهن، وبحثهن عن الهوية ولو بشكل غير مباشر.
ومن المهم الإشارة أن صديقات المخرجة في الفيلم هن صديقاتها في الواقع، ومع ذلك أدّين أدوارهن دون ارتباك أو مبالغة بل كن مرتاحات مع الكاميرا، وهذا جعل الفيلم ذكياً، فخصوصية مدينة كغزة لم تطغَ عليه.
وقد بقي الفيلم الذي يتراوح بين الوثائقي والروائي تلقائياً بسيطاً حتى نهايته، كما قال رسالته دون شعارات، وبيّن أن الفتاة في غزة تحلم كما أي فتاة في العالم بالسفر والتميز في العمل والحب، يسمعن الأغاني، ويجربن مطاعم جديدة، فهن يفعلن كل شيء عادي في مدينة غير عادية.