ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية .. المشاركون غادروا البلاد ولم تغادرهم!
نشر بتاريخ: 2019-07-16 الساعة: 09:51رام الله- الايام- "اليوم عدت إلى ألمانيا .. لا أقول غادرت فلسطين وتركتها ورائي، بل أقول جئت بها معي".
هذا ما كتبه الروائي السوري الكردي جان دوست، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عقب عودته إلى حيث يقيم قادماً من رام الله، وبيت لحم، وطولكرم، والقدس، إثر مشاركته في ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية، ونظمته وزارة الثقافة في الفترة ما بين الثامن من الشهر الجاري، لمناسبة ذكرى استشهاد الروائي المناضل غسان كنفاني، وحتى الثاني عشر منه.
أما هوشنك أوسي الروائي السوري الكردي المقيم في بلجيكا، فكتب على صفحته في "فيسبوك"، أيضاً: ساعات تفصلني عن مغادرة هذه الأرض التي يستحق كل ما عليها ومن عليها الحياة والحرية والكرامة .. ساعات تفصلني عن مغادرة فلسطين، ولن تغادرني فلسطين.
ولم يكتف أوسي بذلك، بل نشر قصيدة نظمها في الطريق من رام الله إلى بلجيكا، بعنوان "شجيرة لوز"، ومما جاء فيها: النهايةُ الماثلةُ أمامي، كشارعٍ عتيقٍ، متفرّعٍ من آلام "رام الله"، ليست نهايتي، ولا هي نهايتكِ .. البدايةُ التي جابت هذه المدينة، ووزعت على جدرانها المزيد من النوافذ والأبواب، وانحنت كعلامة استفهام على آلام وهواجس ومرايا الصبايا، هي أيضاً ليست بدايتي، لكن تشبهها".
وأشار الروائي السوداني طارق الطيب، المقيم في النمسا، إلى أنه في طفولته كان يعيش في العريش، حيث كان والده ضابط حدود، ومنها لا يزال يتذكر رحلة وحيدة "عبرنا فيها الحدود إلى داخل رفح وغزة، حيث ركبنا سيارة عسكرية، وكان علينا أن ننام على بطوننا أنا وأمي وأخواتي إلى أن عبرنا الحدود، وبقينا مع أسرة فلسطينية في حوش ما زلت أتذكره حتى الآن .. أتذكر أن "البوظة" الألذ تذوقتها في تلك الرحلة الخاطفة إلى فلسطين، ولا تضاهيها حتى أشهر ماركات الـ"آيس كريم" في أوروبا.
وأضاف: شعرت بإحساس غريب حين تم إيقافي لفحص أوراقي الثبوتية، لأول مرة أكون في أرض عربية، ومن يفحص الأوراق يحدثني بلغة غير لغة أصحاب الأرض، لكن سرعان ما تبددت المخاوف حين ركبت السيارة، وكان السائق فلسطينياً، وكم استفزني منظر هذه المستعمرات، الذي شعرت وأنا أشاهدها بأنني في متحف فلسطيني تم السطو عليه .. طوال الطريق وأنا أشعر بشيء غريب، فلولا السائق، وإحساس الإطارات وهي تسير على أرض فلسطين، لارتعبت رعباً شديداً، إلى أن دخلت رام الله، وكانت هذه الزيارة بكل تفاصيلها التي لابد أن تكتب .. علينا أن ننقل فلسطين إلى العالم .. كل يوم في فلسطين كنتم تفتحون لنا روحاً وقلباً جديدين.
وقال الروائي السوري خليل النعيمي: من يدخل هذا المكان (فلسطين) من الصعب أن يخرج منه، رغم كل ما فيه من آمال .. لقد رافقت الحشود الفلسطينية عبر الحافلات قادماً من المعبر في الجانب الأردني، وما يحدث لهذه الحشود مؤلم .. ما شاهدته من الصعب تحمله، حيث كان الاحتلال يتعامل معنا كحيوانات تساق إلى حظيرة، وهذا لا يوجد على سطح الكرة الأرضية، إلا في فلسطين، حيث لا استعمار استيطانيا إلا فيها، ومع ذلك لمست الحب والألم والكرم في فلسطين .. هم يريدون منا ألا نأتي ثانية إلى فلسطين، لكننا سنأتي كلما حانت لنا الفرصة.
وأشار الروائي العراقي جنان جاسم حلاوي إلى أن زيارة فلسطين بالنسبة له "استثنائية"، خاصة أن حكايته مع المقاومة الفلسطينية بدأت منذ كان في المرحلة الثانوية .. وقال لـ"أيام الثقافة": هذه زيارة استثنائية، لأنه طوال هذه الفترة كنت أعيش مع فلسطين، لكنني لم أشاهدها ولم أزرها .. الأجواء في مخيم الدهيشة ذكرتني بالأجواء في مخيم عين الحلوة بلبنان، ذات الزواريب، وذات التركيبة المكانية والسكانية، وربما ذات الحالة المادية المتردية، لكن أدهشتني فلسطين المدينية، وخاصة رام الله بجمالها وحضاريتها .. كان مهماً بالنسبة لي أن أطأ أرض فلسطين، وأختلط بأهلها، بعد أن بقيت وستبقى في الروح والقلب.
وكان الروائي جان دوست قال لـ"أيام الثقافة": منذ الطفولة كنا نحلم بأن نقاتل في فلسطين، نحن من ترّبينا على أشعار محمود درويش وتوفيق زياد وسميح القاسم وباقي شعراء المقاومة .. طرح علينا سؤال "التطبيع"، واستغربت هذا السؤال، فإن كنا جئنا لنطبّع فنحن نطبّع مع أشقائنا الفلسطينيين .. جئنا لنعيد فلسطين إلى الواجهة، خاصة بعد أن همّشت على إثر "فورة ثورات الربيع العربي"، فالشعوب العربية باتت مشغولة في قضاياها .. "إن كان ادعاء التطبيع من مثقفين عرب، فهذا ينم عن قصور في الوعي، وإن كان من أنظمة عربية فينمّ عن نفاق سياسي، لأنهم هم المطبّعون وليس نحن".
وأضاف دوست: نحن جئنا لنتضامن مع أسرى وعائلات الشهداء في فلسطين، حيث تعلمنا من أم ناصر أبو حميد الصبر والجلد .. اكتسبت خلال زيارتي إلى فلسطين خبرة سنوات، وسأعمل على كتابة نص عن هذه الزيارة بقلم الشاعر والمصوّر والروائي.
وكان المشاركون من سورية، والعراق، والسودان، والأردن، وفلسطين، تجولوا في كل من مدن رام الله، والبيرة، وطولكرم، وبيت لحم، وبعضهم من خطف الوقت لزيارة القدس، حيث استهلوا زيارتهم إلى أرض فلسطين بوضع الأكاليل على ضريح الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وهي الزيارة التي اختتمت باستقبال الرئيس محمود عباس لهم، والإشادة بزيارتهم هذه، في حين كان التفاعل معهم كبيراً في الندوات، وخلال زيارتهم التضامنية مع خنساء فلسطين أم ناصر أبو حميد، وخلال جولاتهم في مدينة بيت لحم، وفي أزقة مخيم الدهيشة، قبل العودة إلى رام الله، التي سكنوها ولا تزال كغيرها من الجغرافيا الفلسطينية تسكنهم.
amm