الرئيسة/  فلسطينية

"حارة النصارى".. وسعي الاحتلال لتصفية الوجود المسيحي

نشر بتاريخ: 2019-06-19 الساعة: 04:49

القدس-وفا-في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، تتعرض (حارة النصارى) لتصفية وجود حقيقية من خلال محاولات محمومة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الوجود المسيحي هناك، تماما كما تعرض ويتعرض الحي الإسلامي، في مشهد يتكرر على مدار الساعة لأسباب استيطانية توسعية ولمحو الطابع العربي للمدينة المقدسة التي تشهد حربا تهويدية شرسة.

"حارة النصارى" واحدة من الحارات الأربع الكبرى في مدينة القدس الشرقية، وتحتوي على نحو 40 موقعا مسيحيا يسكنها أكثر من سبعة آلاف نسمة، تقع داخل أسوار القدس، وتضم الحي اليهودي، والاسلامي، وحارة الأرمن.

عندما تدخل المنطقة ترى أسمى المعالم التاريخية والدينية، حيث كنيسة القيامة، وكنيسة الروم الأرثوذكس في القدس، ومن حولها تلتف محلات لبيع التذكارات ومقاهٍ ومطاعم وفنادق، وحتى محلات قديمة وأثرية للصاغة والساعات خاصة في شارع داوود.

هذه الحارة متواجدة منذ القرن التاسع عشر الذي تميز في ازدهار المباني والمعالم، فكانت لها حصة ونصيب من بناء الفنادق الأثرية في ذلك القرن، والتي من ضمنها (فندق كازا نوفا، وفندق الروم الكاثوليك، والبتراء، وإمبريال)، كما تحتوي على عدد من المتاحف البطريركية الارثوذكسية في الجزء الجنوبي الغربي، وبركة سباحة تدعى (بركة حزقيا)، تستخدم لتخزين مياه الأمطار.

حالة من الخوف تسود البلدة القديمة في القدس المحتلة، بعد ازدياد وتيرة استيلاء الاحتلال الاسرائيلي على الأملاك المقدسية والفلسطينية، إلى جانب محاولات تزوير المعالم المسيحية، والسعي المستمر من قبل الاحتلال لخلق فتنة في المجتمع الفلسطيني بين المسيحيين والمسلمين.

وتستغل سلطات الاحتلال الأوضاع الدولية والإقليمية لفرض سيطرتها على الفنادق، ومنها فندق البترا والامبريال ومبنى الأعظمية، فتم نقل حق المنفعة من العرب الى الإسرائيليين، عدا عن زيادة نفوذ وسيطرة الاسرائيليين بالقدس المحتلة لخلق أمر واقع يتماهى مع "صفقة القرن" التي تتحدث عنها الولايات المتحدة الاميركية وتهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

إلى ذلك قال المختص في عمار شؤون القدس جمال عمرو: "الحقائق عن الارض تشير إلى ان الاحتلال عمل ويعمل وسيعمل على تصفية الوجود الفلسطيني دون التفرقة بين المسيحي والمسلم، لأن المسيحيين استهدفوا بذات الطريقة ولكن بأساليب مختلفة".

وأضاف: "الاحتلال لم يرحم الوجود المسيحي، لا المقدسات ولا الارض ولا حتى الانسان، واستطاع التغلغل بشتى الطرق، فلا ننسى التسريبات التي حصلت وترفضها الكنائس رفضا تاما، فالعقارات المسيحية تتعرض لذات التنكيل والتدنيس كما يحصل بالأحياء المسلمة".

وتابع، "حارة النصارى او حتى الحي المسيحي ككل لم يسلم من الأطماع الاسرائيلية، فهو الاعلى جغرافيا والمطل على كنيسة القيامة والمسجد الاقصى، له تنظيم جميل للغاية، ويعتبر محطة سياحية عالمية للحجاج المسيحيين الذين يأتون من شتى أرجاء العالم، فالإسرائيليون لم يفوتوا مثل هذا الحي.

واكد أن هناك تناقصا كبيرا بعدد المسيحيين وصل الى 2.5% فقط، من خلال تسهيل السفارات الخارجية لهجرة جميع الشبان المسيحيين للعمل في الخارج.

وقال مدير عام مركز الدراسات في القدس أرنان بشير: "تتميز حارة النصارى بموقعها الاستراتيجي بالنسبة للمقدسيين، فهي تتوسط البلدة القديمة، وجزء منها يشكل حارة الارمن أي الحي المسيحي بالكامل، وحارة النصارى متواجدة منذ آلاف السنين ومن أهم المواقع في العالم، فهي تضم كنيسة القيامة التي تعد من أقدم الكنائس في العالم".

وأضاف: "الحارة تغيرت من حيث المعالم، وتم الاستيلاء على بعض المقدسات المسيحية، فالوضع الحالي يتجه نحو تغيير المعالم المسيحية وفرض السيطرة الاسرائيلية، وأن التغيير يحصل من داخل المباني وليس من الخارج".

وقال أحد المسيحيين الذين يعيشون بحارة النصارى: "تحتوي الحارة على سوق قديم جدا يعود الى القرن الثالث ميلادي، عدا عن وجود الكنائس والأديرة والمحلات القديمة، ولكن منذ الستينيات تحول الى سوق ومكان أثري للسياح الأجانب".

وأكد "أن الاحتلال الاسرائيلي يحاول يوما بعد يوم تغيير معالم الحي، بطريقة تلغي الترابط ما بيننا وبين المسلمين، فالاحتلال يحاول بشتى الطرق الاستيلاء على كل المقدسات المسيحية والإسلامية وتهويدها وخاصة في الأحياء القديمة سواء باستخدام القوة أو بفرض السيطرة عليها".

anw
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025