الرئيسة/  مقالات وتحليلات

إدارة المعركة إعلاميا

نشر بتاريخ: 2019-05-05 الساعة: 02:42

بكر أبوبكر عند كل مواجهة نخوضها مع العدو الصهيوني نقف أمام بوابة الإعلام ونحن مكبلين الأيدي لا نستطيع أن نظهر بالشكل الملائم الذي يعطينا التآزرأو التعاطف الدولي، والاقتراب من مواقفنا.

 فنحن نتحيّر ما بين خطاب المظلوم والضحية والإنسان حين نُظهر حجم القصف العدواني الذي نتعرض له كشعب تحت الاحتلال وعدد الضحايا من الجرحى والشهداء، وما بين خطاب المهاجم والقوي والمنتصر.

وإذ كان الخطاب الأول خطاب الضحية/الانسان يستدعي استراتيجية واضحة متناسقة في الرد الميداني والسياسي، فإن الثاني أي الخطاب الناري وهو ما نتقنه يعتمد على التضخيم والمبالغة فتصبح أقل الأفعال التي نقوم بها فترة المواجهة وكأنها نصر مبين، فما بالك بعد انتهاء المواجهة والعدوان؟

 مثل هكذا خطاب ناري يعتمد إظهار البطولات العسكرية ولو بالمبالغات حين يوجه للداخل بالمنطق التعبوي والتحشيدي للجماهير فإنه قابل للتفهم جماهيريا، ولكنه لا يُفهم مطلقا على الصعيد الخارجي في ظل الاعلام المفتوح، ومدفعية العدو الاعلامية التي تجعل دوما من الضحية أنها المعتدي بجدارة وجب أن نتعلم منها.

 خطاب الكثير فينا يعتمد على إظهارأننا في مواجهة متكافئة بين جيشين أو بين قوتين متناظرتين! قصدنا ام لم نقصد، ما هو غير صحيح، فلم نصل لهذه الدرجة بعد ولن نصلها الا حين تصبح الأمة هي الظهير الحقيقي للمقاومة في ظل وحدة وطنية ناجزة.

 لننظر للخطاب على لسان أحد القياديين الفلسطينيين الذي يقول أن: (المقاومة إستطاعت أن تكرس معادلة توازن الرعب)! فمادمنا كذلك -ونحن نتلقى القصف فوق رؤوسنا- فلسنا ضحايا ولا نستطيع مطلقا أن نقول أننا بحاجة لتدخل العالم فنحن كرسنا معادلة الرعب ونحن قادرون على الرد!

وعندما نحاول أن نلملم جراحنا ونتوافق وطنيا على خطاب واحد يستجلب الدعم العربي والدولي يصعد الخطاب المناكف والمكابر ليقرر أن: (المقاومة الفلسطينية في غزة إستطاعت أن تثبت قواعد الإشتباك مع العدو)! ونحن في الحقيقة من يتلقى الضربات الموجعة والدماروالشهداء والجرحى.

بل نحن نعود لتصوير الإسرائيلي كما يريده تماما أي أنه هو الضحية/الإنسان، تصوروا أننا نحن من نصور عدونا بالضحية-دون أن نقصد- تحت ضرباتنا الكلامية العميقة والموجعة؟

لننظر لما يقوله أحد الأخوة القياديين حول ما يراه توازن الرعب! قائلا حول العدوان على غزة في 4/5/2019 : (وهذا ما أكدته المقاومة من خلال هذا الكم من الصواريخ التي أطلقت على العدو الصهيوني) مضيفا أن: (المجتمع الصهيوني مجتمع هش وضعيف لا يتحمل ضربات المقاومة)؟!

وهذا المجتمع الصهيوني لهشاشته وضعفه كما يقول تترجم بالإتجاه الآخر: أننا نحن المعتدي على هذا المجتمع الهش والضعيف، والمسكين، أي أنه هو الضحية أليس كذلك؟

بل ويضيف قيادي آخر ليقول ما يجعل من التعاطف العالمي كبيرا مع الاسرائيليين مهما بلغت درجة عدوانهم حين يصرّح بثقة غريبة أن: "مصير الإسرائيليين سيكون جهنمًا إذا استمر العدوان"! وفي الحقيقة أن نيران جهنم تصب فوق رؤوس شعبنا نحن المرة تلو الأخرى. 

لو نظرنا للرد الاعلامي الصهيوني لوجدناه يتخذ صيغة دفاعية صرفة مع جاهزية ميدانية للرد دون كلمات كبيرة وشعارات فاخرة، فالتأثير الكبير يعبر عن نفسه بالأفعال الكبيرة وليس بالكلمات الكبيرة.

 يربط الاعلام الصهيوني المحترف بين أقوالنا الكبيرة ليجعلها المقياس، وليس أفعالنا الضعيفة أي أننا نتعامل مع عدونا بشكل معاكس بين الفم المفتوح والفوهة المفتوحة.

من أفواهنا نُدان إعلاميا فيتخذ المحتل الإسرائيلي منصة الانسان (المدافع عن المجتمع الهش والضعيف والمسكين) وهو أبعد ما يكون عنها فهو يشن حربا –كما يرسم الصورة-على الإرهاب الفلسطيني ولا يشن عدوانا، ولكم كما يقول الإعلام الصهيوني أن تنظروا لكم الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون ضدنا!

وتصبح حسب الاعلام الصهيوني أن إصابة طفل إسرائيلي هي القضية ولو استشهد مقابله عشر فلسطينيين أو أكثر، فالمعتدي هم الفلسطينيون! ولكم أن تنظروا لتصريحاتهم النارية! 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024