الرئيسة/  مقالات وتحليلات

بوءة ايبان وسياسة الخصم المالي: ما أشبه اليوم بالبارحة..!

نشر بتاريخ: 2019-05-05 الساعة: 01:38

نداء يونسكان دهس اسرائيلي لأربعة عمال فلسطينيين قبل أكثر من ثلاثة عقود القشة التي قصمت ظهر البعير الاسرائيلي، إلا أن الاسباب العميقة الكامنة وراء اندلاع الانتفاضة الاولى  سقطت محاولات الاحتلال الانتقاص منها والتعامل معها كـ "حادث سير" أو مظاهرة تقمعها بالغاز والرصاص، وتجاوزتها الى ما قامت عليه من تراكمات ارتبطت بشكل وثيق بالاحتلال وسياساته، خاصة الاقتصادية، والتي تعيد الى الذاكرة أيضا الخصم كسياسة.
وكان أبا إيبان الذي شغل وزير خارجية اسرائيل في سبعينيات القرن الماضي، حذر وقبل سنة من اندلاع الانتفاضة الاولى، من أن "الفلسطينيين يعيشون محرومين من حق التصويت أو من حق اختيار من يمثلهم. ليس لديهم أي سلطة على الحكومة التي تتحكم في أوضاعهم المعيشية، إنهم يتعرضون لضغوط وعقوبات ما كان لهم أن يتعرضوا لها لو كانوا يهودا [...]"" وأضاف: إن هذه الحالة لن تستمر دون أن يؤدي ذلك إلى انفجار".
ورغم ان هذا التحذير مثل ناقوس خطر من مستوى متقدم، إلا ان المستويين القيادي والاستخباراتي في دولة الاحتلال فشلا في قراءة الغليان الشعبي في الارض الفلسطينية حتى اواخر الثمانينات، والذي تراكم سواء للاسباب السياسية المتعلقة بالاحتلال والتهجير، او المعيشية المتمثلة بتردي الاوضاع الاقتصادية والتمييز بين العمال الفلسطينيين وهؤلاء القادمين في اطار الهجرات الصهيونية المستمرة، او التاريخية المتمثلة بسياسات الاحتلال والاحلال لمكون بشري على ارض شعب آخر; كان لسياسة الاحتلال المتمثلة باقتطاع 20% من مرتبات العمال الفلسطينيين لتمويل المصاريف العامة في دولة الاحتلال وخلافا لما اعلن عنه بشأن صرفها على الضفة والقطاع، دورها في هذا الانفجار.
اذاً; نحن امام تاريخ يعيده المحتل، الاقتطاع من رواتب العمال بالامس القريب والاقتطاع لجزء من اموال المقاصة الان فيما يشكل تمييزا جديدا يضاف الى سلة الاجراءات العنصرية الاسرائيلية، وتدخلاً في الشأن الداخلي الفلسطيني، ودفعاً بالاقتصاد الفلسطيني الى الحضيض، وفشلا في قراءة الغليان الفلسطيني، و/أو تجاهلاً لكافة التقارير الاستخباراتية والتحذيرات الرسمية والسياسية من انهيار وشيك نتيجة الغليان في الشارع الفلسطيني مضافا اليه البعد السياسي المتمثل بعدم انتهاء الاحتلال، والعبء الذي يمثله الانقسام، وتوجهات ترامب تجاه القدس المحتلة والجولان، وما تعلنه مستويات في سلطة الاحتلال من سعي لضم للضفة الغربية، وما يروج له من محددات غير واقعية لصفقة تسعى الى حل الصراع القائم بإنهاء الوجود الفلسطيني، وخلق جغرافيات بديلة لوطن معروف.
وبالإضافة الى ما يمثله هذا التصريح من وجود تمييز عنصري بين سكان دولة الاحتلال بناء على معطيات التفوق المدانة في قوانين واخلاقيات العالم الحر والمواطنين الفلسطينيين، تضعنا تصريحات ايبان التي صدرت مكتوبة في حينها، أمام اعادة انتاج للاسباب التي اوردتها المراجع التاريخية للانتفاضة، والتي تمثلت برفض الفلسطينين "ما حدث لهم بعد حرب 1948، وبالذات التشريد والتهجير القسري وممارسات العنف المتصاعدة والإهانات والأوضاع غير المستقرّة، والرغبة بانهاء الاحتلال، سيما وان ايا من شعوب العالم لم ترض باحتلال قوّة أجنبيّة للأرض التي يعيشون عليها منذ آلاف السنين".. فكانت واحدة من اقل الثورات ضد المحتل تكافؤا بالقوة واكثرها صياغة للتاريخ والاعلام واللغة ومفهوم الحق في المقاومة،.
ان دولة الاحتلال التي تقوم بتمويل الارهاب الاستعماري في الضفة ليس فقط ببناء الوحدات السكنية للمستعمرين وخلق البنى التحتية مثل شوارع الفصل العنصري وامداد المستعمرين بالسلاح والمال، بل وبتخصيص المساهمات المالية لدعم المتطرفين الاسرائيليين، مطالبة بدفع تعويضات يتم خصمها من المساعدات الأميركية السنوية المقدمة لها، لصالح الفلسطينيين عن احتلالها للارض الفلسطينية وسرقتها للمياه والتاريخ والترويع والقتل، الخ.
الخصم التاريخي لـ 20% من مرتبات العمال الفلسطينيين والخصومات الحالية من اموال المقاصة الفلسطينية تاريخ مكرر وارهاب مستمر وفشل لدولة الاحتلال، وما اشبه اليوم حقا بالبارحة..!!

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024