الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"نداء القدس"

نشر بتاريخ: 2019-04-04 الساعة: 09:44

موفق مطر وقع ملك المغرب محمد السادس والبابا فرانسيس قبل خمسة أيام على وثيقة ، بعنوان ( نداء القدس )  تم التأكيد في مقدمتها على وحدة القدس الشريف وحرمتها، وبعدها الروحي ومكانتها المتميزة كمدينة للسلام .

 يمثل البابا فرانسيس مئات الملايين من المؤمنين المسيحيين في العالم ، كما يمثل الملك محمد السادس  باعتباره رئيسا للجنة القدس مئات الملايين أيضا من شعوب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي حيث كان مكلفا برئاستها من قبله والده الملك الحسن الثاني بتفويض من منظمة المؤتمر الاسلامي منذ العام  1975.

تعتبر وثيقة ( نداء القدس ) التي وقعها  البابا فرانسيس اثناء زيارته للمملكة المغربية في الثلاثين من آذار الماضي واحدة من الوثائق  التاريخية  الخاصة بمدينة القدس نظرا لمضمونها ، واللحظة التاريخية التي وقعت فيها ، علاوة على الرمزية  الروحية والسياسية التي يتمتع بها كل من البابا فرانسيس وملك المغرب محمد السادس.

 نعلم جيدا الموقف الايجابي للبابا فرانسيس من القضية الفلسطينية ، ونعلم عمق الثقة بين رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس والبابا الذي يحرص في كل مناسبة على تأكيد آمال المؤمنين المسيحيين في العالم لرؤية السلام كحقيقة واقعة في الأرض المقدسة عموما وفي (مدينة الله )  القدس خصوصا . وندرك جيدا أن وثيقة (نداء القدس ) لاتقل في اهميتها عن قرارات مجلس الأمن  والجمعية العامة للأمم المتحدة  التي اعتبرت قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال اسرائيل باطلا ، ذلك ان قرارات المنظات الأممية ترتكز على  نصوص القوانين الدولية والشرائع والمواثيق الدولية ، ما يجعلها عاملا هاما لتقدمنا في ميدان الصراع السياسي والقانوني مع دولة الاحتلال الاستيطاني ( اسرائيل)  ، وبذات الوقت ندرك اهمية تأمين انجازات مرتكزة عللى العوامل الروحية  الناظمة لمواقف مئات الملايين من أمة الانسان في الدنيا تكون موازية وداعمة للقرارات السياسية الصادرة عن المنظومة الدولية على تنوع وتعدد عناوينها ..حتى وان صيغت كل واحدة منها بمصطلحات خاصة ، وهذا امر طبيعي ، لكنهما وجهان للموقف الانساني الصحيح يحمل اخدهما البعد القانوني فيما يحمل الآخر البعد الروحي ..  وهذا مابرز جليا في نص وثيقة ( نداء القدس ) المنسجم مع رؤيتنا  للقدس في بعدها الروحي تحت سقف  المبدأ السياسي الفلسطيني الذي جسده الرئيس ابو مازن في آخر خطاب له في مؤتمر القمة العربية في تونس قبل اربعة ايام عندما قال :" " إن القدس ليست للبيع ، وستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين .. لن نقبل أبدًا ولن نسمح لأحد، ولن يسمح أهلنا وشعبنا وكل العالم وكل أحراره، أن يبيع ترمب القدس لإسرائيل، هذا لن يحدث أبدًا ".

وثيقة نداء القدس ستكون بمثابة الصورة الصحيحة التي يجب ان تبقى عليها  القدس كمدينة مقدسة ، بكنوزها الحضارية وهويتها العربية ، حيث نصت على التالي :"

" إننا نؤكد أهمية المحافظة على مدينة القدس الشريف، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، وبوصفها، قبل كل شيء، أرضا للقاء ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوحيدية الثلاث، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل والحوار.

ولهذه الغاية، ينبغي صيانة وتعزيز الطابع الخاص للقدس الشريف كمدينة متعددة الأديان، إضافة إلى بعدها الروحي وهويتها الفريدة.

لذا، فإننا نأمل أن تُكفَل داخل المدينة المقدّسة حرّية الولوج إلى الأماكن المقدّسة، لفائدة أتباع الديانات التوحيدية الثلاث، مع ضمان حقّهم في أداء شعائرهم الخاصة فيها، بما يجعل القدس الشريف تصدح بدعاء جميع المؤمنين إلى الله تعالى، خالق كلّ شيء، من أجل مستقبل يعمّ فيه السلام والأخوة كل أرجاء المعمور".

ولعلنا نقرأ بين السطور موقفا رافضا لتحويلها الى مركز صراع ديني يعمل ترامب ونتنياهو على تصنيع كل ارهاصاته في المنطقة ، واولها اعلان اسرائيل كدولة يهودية ، والقدس عاصمة موحدة لها ، فيما مخططات تهويد المدينة ومقدساتها لم تتوقف منذ دخول اول دبابة  لجيش الاحتلال الاسرائيلي في حرب الخامس من حزيران من العام 1967 للمدينة واحتلالها ..مع التذكير دائما ان :" فلسطين لم تعرف يوما أية مشاكل بين أصحاب الديانات السماوية الثلاث، والمشاكل بدأت تبرز وتتصاعد مع ظهور الحركة الصهيونية، والاستيطان الصهيوني فيها  وكانت أعلى تجلياتها تمثلت في محاولة بعض المستوطنين اليهود الاستيلاء على حائط البراق وجعل المكان حكرا عليهم، باعتباره "حائط المبكى" ما تسبب بهبة  البراق عام 1929 ،  حسب الباحث وليد الخادي في كتابه (القدس مفتاح السلام ) .

القدس عنوان وجودنا نحن الفلسطينييون ، كنا ومازلنا وسنبقى في قلب المعركة من اجل الحفاظ على هويتها  الانسانية العربية الفلسطينية  ، وسنبقى كذلك حتى نعيدها مدينة للسلام  وعاصمة ابدية لفلسطين كما كانت ، والعقلاء في العالم مقتنعون بأن  انتصارهم للمبدا الفلسطيني هذا  ليس مصلحة  سياسية وحسب ، بل لقناعتهم بأنه القانون الطبيعي  والتاريخي الذي لابد منه  لقطف ثمار الحوار الديني القائم على مبدا المحبة  والرحمة والسلام  والتكامل الحضاري بين الأمم والشعوب ، فمن القدس الفلسطينية الحرة تنطلق بشائر السلام على الأرض .

لسنا وحدنا في معركة القدس ، ويمكننا اعتبار خطاب الملك عبد الله الثاني  ملك المملكة الاردنية الهاشمية الوصي على الأماكن المقدسة في القدس وثيقة  اخرى سيكون لها تأثير كبير في مسار معركةالقدس ،ذلك ان الملك عبد الله قد قالها بكل ثقة  :" بالنسبة لي القدس خط أحمر، وشعبي كله معي" واضاف :" عمري ما رح أغير موقفي بالنسبة للقدس ".

 



 

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024