الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"بارانويا" الجهل الديني

نشر بتاريخ: 2019-04-04 الساعة: 09:43

بكر أبوبكر يتم استدعاء المقولات الدينية أو الآيات والأحاديث الشريفة أو التاريخ في عملية توظيف سيء، تدلل إما على جهالة فكرية مدقعة، أو على حقد دفين ومرض نفسي مكين، لا تمحوه محاولة الظهور بمظهر المسلم الطهور أو المقاوم الأوحد.

إن هذا الأسلوب التوظيفي المسيء للتاريخ دون وعي، والذي  تحاول القلة المصابة بأمراض النفس السقيمة أن تعكسه على الآخرين من إخوانهم باعتبارهم العدو! يمثل ردة فعل دفاعية وحيلة نفسية تعويضية تتجاوز به سقمها ورعبها وضعفها، وتكرس فيه الفرقة والانقلاب والانقسام ضد حدة الهدف ممثلا بالعدو الأوحد وهو الذي يحتل أرضنا في فلسطين.

قائل (قتلانا في الجنة وقتلاهم بالنار) اليوم لا يفهم الاسلام العظيم مطلقا هذا أولا، فهي مقولة في غير مكانها ولا تُقال من مسلم لمسلم أبدا، مهما كان حجم الخلاف المذهبي أو السياسي إلا من قبل التنظيمات الاسلاموية الارهابية المتطرفة التي تتبع فكر شكري مصطفى وسيد قطب وأيمن الظواهري وأبوبكر البغدادي التي لحقت بالخوارج الحرورية والأزارقة القدماء فجهلّت المجتمع ثم كفرته فأباحت دمه.

أما ثانيا فهي عبارة في مكانها المحدد لها وجاهتها حيث قيلت بالكفار في غزوة أحد من قبل عمر بن الخطاب (رض)، فيما كان رد الرسول العظيم على شتائمهم أن قال صلى الله عليه وسلم قولوا لهم: ( اللهُ مَولانَا وَلا مَولى لَكُم)

وثالثا: ليس بيننا كفار، فنحن لا نعيش عصر الكفار والمسلمين أو المنافقين والمسلمين، فهذا الفكر الظلامي يعشعش فقط في رأس أولئك المختلين نفسيا، فكلنا مسلمون والحمد لله مهما اختلفنا بالاجتهادات، وأيضا نحن كمسلمين ومسيحيين ضمن الوطن متساوون المواطنة. 

ورابعا:  حتى الكفار (أو الملحدين) هذه الأيام هم مواطنين، ولك كمثال فقط أن تراجع تعريف رجب طيب أردوغان لدولته العلمانية (نحن نسميها المدنية) حيث عرفها أنها تعني: وقوف الدولة على مسافة واحدة من الجميع بغض النظر عن دين الشخص أو إلحاده (كفره)، وله أن يعيش بمساواة وحرية ضمن القانون.

خامسا: نحن مجتمع كل من فيه هو مواطن محترم بغض النظر عن دينه أو ملته أورأيه السياسي، وليذهب المرضى النفسيين ليعالجوا أنفسهم.

اما سادسا: فالقياس الفاسد دلالة على فساد العقل، وافتقاد المنهج، ودلالة على جهل القائل أيّ كان وسطحيته، فهو نفس ما قيل سابقا من قبل أشقياء في "حماس" قبل الانقلاب عام 2007 عندما هاجموا مخافر السلطة، ويعاد تكراره اليوم بسياق تحريضي مرتبط بالخلل النفسي حيث الشعور بالنقص والضعف ما يتم تغطيته بتوظيف المقولات التاريخية بشكل منفصل عن الواقع، ما يعبر عن بارانويا (جنون الارتياب بالآخر)

اما سابعا: فإنه إن لم تتخلص التنظيمات الاسلاموية التي ترى نفسها معتدلة من أمثال هؤلاء المتطرفين في قلبها وفي تعبئتها الظلامية، فهي ستظل تنهل من نبع الفكر ذاته الذي يُفسد النفس والروح، وينظر للأمة نظرة الكراهية والحقد الأسود والارتياب ضمن عقلية المعسكرين الإقصائية المناهضة لمفهوم المجتمع ودولة المواطنة والقانون.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024