الرئيسة/  مقالات وتحليلات

عمر الكرامة

نشر بتاريخ: 2019-03-21 الساعة: 09:38

موفق مطر صواب  لو قرأناها عُمَر الكرامة ، وصواب ايضا لو قراناها عُمرُ الكرامة . اخذتنا روح الفدائي الشاب الشهيد عمر ابو ليلى وصورة بطولته الى رحاب المقصدين من المعنيين ،حيث رأينا في الشاب الوسيم المبتسم ( عمر ) نموذجا نوعيا كأحدث صورة للإبداع النضالي البطولي الفلسطيني جسدت معنى تفوق الارادة والإيمان بالحق على السلاح المحمول على جنازير ونفاثات  الباطل .

بعد حوالي نصف قرن على معركة الكرامة الخالدة التي خاضها الفدائيون قبل واحد وخمسين عاما بالتمام والكمال من اليوم  أي في الحادي والعشرين من آذار من العام  1968 جاء ( عمر ) ليبرهن لنا ان منهج  الصمود والثبات وافتداء الفكرة  والأرض والشعب والقضية ، والقرار الوطني في الزمان والمكان الصحيحين اشعاع لايخبو ولا ينطفىء  مادام هناك فلسطينييون قادرون على تجسيد المعنى الحقيقي للفداء والمقاومة .

وقائع معركة الكرامة الجديدة  التي قررالشاب عمر خوضها ، تشبه وقائع معركة الكرامة التي قرر اجداده الفدائيين قبل واحد وخمسين عاما دخولها وفي يقينهم انها ستكون منعطفا تاريخيا ان استطاعوا الصمود وقتال جيش دولة الاحتلال اسرائيل  الذي وصف بالجيش الذي لايقهر خاصة بعد انكسار جيوش دول عربية كبرى اماه في حرب  الخامس من حزيران في العام 1967 أي قبل تسعة شهور فقط !

سكين عمر ، هي شبيه السلاح الذي جمعه الفدائيون من مخازن جيوش الرسمية المنكسرة ، وبعض سلاح قديم ازيل عنه الصدأ ، لكن ارادة عمر وروح البطولة والفداء التي جسدها عند بوابة مستعمرة ارئيل  المنشأة على ارض سلفيت في وطنه فلسطين هي وليد  روح البطولة والفداء  التي جسدها فدائيو فتح الفلسطينييون في قرية الكرامة  الاردنية ، لا فرق فهذه ارض عربية وتلك ارض عربية تستحقان التضحية ..لكن الفدائيين لم يكونوا وحدهم فالنشامى من الجيش العربي الاردني  قد انضموا اليهم ، فكانت معركة استعادة  العرب لكرامتهم  بعد نكسة حلت بجيوشهم كادت تصيب الأمة بانهيار ..فكانت معركة الكرامة حيث  قررت الصمود والقتال  بعد انسحاب ادعياء التنظير الثورجي من الميدان  وتحويل الانكسار بالبطولة  النوعية وبالوفاء لقسم الاخلاص لفلسطيني الى ملامح انتصار .

لكن ما وجه الشبه مابين واقع الانكسار الرسمي  العربي قبل معركة الكرامة  وواقع انكسار فُرِضَ على الشعب الفلسطيني ، ولماذا يحق لنا القول ان ( عمر ) قد صنع كرامة لنا وشد لنا شمسا لتسطع بالأمل  وتخترق أقتم أيامنا السوداء .

جاء عمر بكرامته  وهامته وشبابه وإيمانه وإرادته وصدق انتمائه بمقاومة وبملحمة فداء غيرت المعادلة والنظرة لمعنى شرعية الكفاح والمقاومة في قاموس الفلسطينيين !! جاء عمر وانقض على جنود الاحتلال وانتزع سلاح احدهم  وقاومهم وقاوم المستوطنين به ، فيما كان الاخوان المسلمون فرع فلسطين  المسمى (حماس )  الذين لم يكفوا عن الادعاء بالجهاد والمقاومة ، ينقضون بسلاح المقاومة كالوحوش المفترسة على  أقرانه من الشباب المتظاهرين سلميا ، ويكسرون عظام وجماجم  وأطراف كل من وقع بين ايديهم  ، لسبب واحد انه نادى بحرية وصوت عال "بدنا نعيش".  

جاء الشاب الوطني ( عمرابو ليلى ) ليثأر  لكرامة  اقرانه في الوطن  الذين يعدمهم جنود الاحتلال عند الحواجز لمجرد الشبهة ، ولقرانه الشباب في غزة الذين  اعدمت حماس سبل حيواتهم الكريمة ، ومنعتهم من رؤية  أي امل في الافق .

صنع عمر كرامة للشباب الفلسطيني من معدن الوطنية  غير  القابل  للصهر او الذوبان او التفتت  او حتى التشظي  ،معدن لن يقوى عليه اقوى جيش في العالم ، فكيف ونحن نتحدث عن ادوات مؤامرة هدفها دفع شباب فلسطين للركض وراء رغيف الخبز ، بدل دفع  جنود جيش الاحتلال للركض هاربين خائفين !.

 مابين الكرامة في آذار من العام  1968التي صنعها الفدائي  الفلسطيني المنظم ، وبين كرامة  الشاب الشهيد عمر ابو ليلى ( عُمرٌ ) فيه من آيات  الكفاح والنضال واسماء الشهداء وألأسرى والجرحى والصامدين على ارض الوطن واللاجئين في المخيمات في الوطن ودول الجوار والمهجر ما يكفينا لأن نبلط قيعان بحار بالأوسمة .

مع اول هدوء اثر معركة الكرامة الخالدة وفيما غبار ودخان المعركة مازال في الأجواء كانت الجماهير الفلسطينية والعربية تتسابق لنيل شرف الحصول على مسمى فدائي بالمعنى والمضمون والمهمة  الميدانية ، أما اليوم  فان المحتلين المستعمرين العنصريين لن ينالوا هدوءا واستقرارا على ارضنا مادام شباب فلسطين يتسابقون لتجسيم فدائي الكرامة بصورة احدث ، فاليوم التحم عمر بجنود الاحتلال وقاوم المئات منهم رغم قذائفهم الصاروخية حتى ارتقى  شهيدا ، تماما كما التحم  فدائيو  الكرامة بفولاذ دبابات جيش الاحتلال وقاتلوا جنودهم بالسلاح الأبيض بعد نفاذ ذخيرة اسلحتهم ..

صمد الفدائي وقاتل في الكرامة فصنع لشعبه كرامة خالدة ، وصمد الفدائي الشاب وقاتل المحتلين بسلاحهم  حتى استكمل خط المعنى الفلسطيني للكرامة باسلوب شباب فلسطين اليوم وأجيالها القادمة .

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024