"أبو وحيد"... يحول خيمته لمكتبة
نشر بتاريخ: 2019-02-12 الساعة: 10:07غزة- وفا- يبحث الستيني "أبو وحيد" منذ سنوات بين مكبات النفايات في قطاع غزة، لجمع أوراق المجلات والصحف والكتب القديمة ليشعلها حتى يتدفأ فيها وتكون ونسه الوحيد في عتمة الليالي وبردها.
منذ أكثر من 10 أعوام يعيش "أبو وحيد" بمفرده مشردا بين الشوارع في مدينة غزة، بعدما دمرت قوات الاحتلال الاسرائيلي منزلهم في عدوان 2008 وفقدانه العديد من أفراد أسرته.
في أحد المرات امتنع الستيني عن حرق أوراق الكتب التي يجمعها من مكبات النفايات، بعد أن اكتشف قيمتها ونالت استحسانه بعد أن قرأها بشغف ودقة وكانت عبارة عن أوراق لبقايا روايات.
حوّل صاحب الملابس الرثة واللحية الطويلة التي غزاها الشيب كما شعر رأسه، خيمته الصغيرة التي أقامها على قارعة الطريق في مدينة غزة إلى مكتبة متواضعة لجمع الأوراق المتناثرة وإعادة ترتيبها وتصنيفها بدقة.
من الكتب التي عثر عليها "أبو وحيد" الذي فضل ذلك الاسم لأنه يعيش منذ سنوات وحيدا بدون أي معين، حيث لم يتزوج من قبل، رواية "فداء" التي استغرق البحث عنها بين أكوام النفايات عاماً كاملاً وحينها نجح في اعادة تجميعها وتصنيفها.
كما نجح "أبو وحيد" في اعادة تجميع ديوان شعري للشاعر الراحل نزار قباني، وديوان آخر يروي حياة الكاتب والروائي الراحل جبران خليل جبران، إلى جانب عديد الروايات والكتب والدواوين العربية والأجنبية، اضافة إلى روايات وقصص باللغة الهندية.
يقول "أبو وحيد" لـ "وفا":" أعيش وحيداً منذ سنوات لا ولد ولا سند، أقضي ليلي ونهاري في الشوارع فهي بيتي وكل شيء بالنسبة لي".
يضيف، "أبحث بين النفايات يومياً لعلي أجد شيئا مفيداً أبيعه ببعض الشواقل لأعتاش منها، وبعض الأوراق والكرتون لأتدفأ عليه في البرد"، مشيرا إلى تغير نظرته إلى الأوراق والكتب والروايات القديمة بعد أن وجد فيها كتب قيّمة تستحق القراءة والاهتمام".
وبات الستيني يعتبر الكتب والقصص التي يجمعها ويعتني بها، أطفاله الذين حرم من أنستهم وضحكاتهم ولعبهم كما يقول.
منذ عام 2008 ينام "أبو وحيد" في الشوارع وبين الأزقة كما يقول، ويقضي نهاره متجولا في أحياء المدينة باحثا عن مصدر دخله، وفي أحيان أخرى يقوم بنقل لبضائع لعدد من أصحاب المحلات التجارية.
فجأة تغير حال أبو وحيد مع الكتب والأوراق المتناثرة والمهملة، وقرر تغيير معاملته وعدم حرقها، عندما قام بالاهتمام بها وتنظيفها وإعادة ترتيبها وتصنيفها ووضعها في خيمته المهترئة.
بعد قراءته للأوراق التي يجمعها من مكبات النفايات، يقول: "أقوم بتنظيفها وتصنيفها وأعيد لها الحياة من جديد، بعضها متكامل، وبعضها عبارة عن مجموعة روايات أو أجزاء من روايات في كتاب واحد"، لافتا إلى أنه يقرأ هذه الكتب لبعض الباعة والمارة في شارع عمر المختار الرئيسي بمدينة غزة.
يختتم الستيني أبو وحيد: "أحاول الحفاظ على القصص والكتب والروايات القديمة من الضياع والدفن في مكبات النفايات، لقد جمعت مئات الكتب بعد عناء وجهد كبيرين".
ـــــــــــــــــــــــ
amm