الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ثوري فتح .. والانتقال من الثورة الى الثورة

نشر بتاريخ: 2019-02-07 الساعة: 09:50

 موفق مطر أن تكون مناضلا فهذا يعني ان تحيا ثوريا بأفكارك وأعمالك، ورؤاك، لا فصل بين دائرة وأخرى لأنها ليست مستقلة عن بعضها، وإنما متتابعة، وبإمكانك تخيل الدوائر المتشكلة اثر رمي حجر في ماء راكد.

ان تكون مناضلا فهذا يعني ان الوطنية عقيدتك، تثور كلما خدشها غزاة او محتلون أو قراصنة ينبتون كالفطريات والمتسلقات حيث تُحجَب شمس الثورة ونورها، او نكف أنا وانت وهي وهو للحظة عن التفكير والبحث عن السبب المانع لوصول اشعاعها الى كل مكان في الوطن، وكل ثنية في دماغ انسانه.

أعظم وأنبل وأحسن فكرة هي المتكونة نظريا في عقل الانسان ، لكنها تبدأ بالتناقص لحظة ولادتها والبدء بتجسيدها، وقد تكون معظم الأفكار خاضعة لهذا المنطق، إلا فكرة الثورة في عقل المناضل الوطني، فإنها تولد كبيرة ناضجة ، تتعاظم لكن لا تتضخم ، تتقدم بالعمر لكنها لا تشيخ ولا تعجز، ليس فيها لحظة او مكان للذروة، فالثورة لا تقبل منطق العد العكسي، أو الهبوط، انها كمنطق الزمان وموجودات الكون في حركة واتساع بلا حدود.

قد يرى البعض هذا الطرح مثاليا غير ممكن واقعيا، لكن من قال ان الثورة مجرد عمل او فعل كفاحي يعكس جوهر النظرية وحسب، أوان المحطة التي نشهد فيها تحقيق هدف التحرر والحرية هي نقطة الذروة، فهذا المنطق كان السبب الرئيس الذي ادى الى انكفاء ثورات وإهدار التضحيات، وذهاب منجزاتها مع الريح. لو نظرنا الى حالتنا الفلسطينية لأدركنا عمق الهوة التي سقطنا فيها بسبب تسرعنا في رؤية وتقدير الأمور والقضايا، حتى اننا لم نفرق بين السراب والحقائق المادية، فحل منطق السباق على المكاسب والمسميات، مكان منهج البحث والعمل على رفد منطق الثورة بأفكار خلاقة محمولة على جوهر الأفكار التي ابتدأنا بها مسيرتنا النضالية الوطنية .. فنسينا أننا حتى وان تجاوزنا مرحلة حركة التحرر فإننا نحتاج الى افكار ثورية خلاقة لمرحلة الدولة فيما الزمن يواصل تقدمه في مسار الصراع مع المشروع الناكر اصلا لوجودنا، الذي قد حدد هدفه النهائي بإخراجنا عن سكة الحياة الحضارية العصرية ، وإبقائنا على سكة دائرية نعود الى نقطة الانطلاق كلما سافرنا في الزمن عقدين أو أكثر، هذا ان لم نسقط كسقوط غريق في دوامة بحرية !.

ندرك جيدا ان مناضلين قادة في المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الذي افتتحت دورته العادية امس في مقر الرئاسة في رام الله، سيناقشون ملفات وقضايا وطنية وداخلية تنظيمية على جدول الأعمال بنظرة ورؤية المناضل الثائر الوطني الذي قدمناها، وندرك جيدا أن المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية وبهويتنا الوطنية، ووجونا حتى تدفع الكثير من المناضلين في اطار المجلس الثوري باعتباره اعلى سلطة في الحركة بين المؤتمرين الى اعادة بلورة مفهوم الانتقال من السلطة الى الدولة، والتي مهما قرأنا الاجتهادات فيها يجب ان تخبرنا اننا مقبلون على مرحلة اخرى من مسيرة الثورة المعاصرة والتي تعني اغناء الحالة الفلسطينية الوطنية بإبداعات ثورية خلاقة ، مولودة من رحم الواقعية والعقلانية السياسية ، فالثورة أولا وأخيراً هي علم وفن استخدام الممكن لتحقيق انجازات يعتقد البعض أنها واقعة في دائرة المستحيل. نحن نحتاج الى رؤية ثورية جديدة تنظم على أساسها مؤسسات الدولة، وتضبط علاقة القوى الوطنية مع بعضها ومع جماهير الشعب الذي يجب ان تبقى مصالحه العليا فوق كل اعتبار.

تطلب المرحلة استبدال الفراغ القائم في المسميات والمصطلحات الرسمية، والفصائلية، الحزبية، والخاصة اللاحكومية بالعمل الملموس على الأرض، وكبح ورفع الغطاء عن الحشوات المزيفة الكامنة في مفاصل المؤسسات على امتداد الوطن، والتي باتت المعيق الأكبر لتطور فكرة الثورة وسدا سلبيا امام تجذرها في وعي المواطن الفلسطيني .. فهذا الاحتلال الاسرائيلي الاستعماري الاستيطاني العنصري نوعي، لا ينتصر عليه إلا شعب ثوري يتبنى افكار ثورة خلاقة نوعية تحرص قيادات حركته الوطنية على بلورتها وإعادة صياغتها وزيادة بريقها كلما خدشتها او تراكمت عليها اثقال العوامل الخارجية.

ثوري فتح يحمل مهمة الانتقال من الثورة الى الثورة فالثورة ايضا ، فالدولة المستقلة ذات السيادة والابتداء بها من حيث يقف العالم الآن يتطلب ثورة عقول وسواعد ونفوس وطنية متناغمة منسجمة متكاملة.

anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024