الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الأساس في حل التشريعي

نشر بتاريخ: 2018-12-24 الساعة: 08:20

عمر حلمي الغول أدعي أني من اوائل من نادى وكتب عن التحلل من، وحل كل المؤسسات في محافظات الجنوب بعد الإنقلاب الأسود مباشرة، ودونت ذلك، وأعلنته على الفضائيات المختلفة. وطالبت بفرض عقوبات عدة على حركة الإنقلاب لإعادة الشرعية لدورها ومكانتها. كما واعتقد اني من أوائل، الذين شخصوا ما حصل في ال14 من حزيران/ يونيو 2007 باعتباره إنقلابا من قبل حركة حماس على الشرعية الوطنية. وعندما إعتقلت عند ميليشيات حركة حماس في ال14 من ديسمبر / كانون أول 2007 خمسين يوما، طيلة المدة كان حوارهم معي، إن ما حصل ليس إنقلابا، لإنهم كانوا يخشوا وصمهم بالإنقلابيين، وبأن ما قاموا به ليس إنقلابا على القانون والشرعية، انما هو حسما عسكريا للصراع الدائر بين كتائب القسام والقوة التنفيذية التابعة لهم مع الأجهزة الأمنية الشرعية، التي عملت على الحؤول دون تولي حركة حماس مسؤولياتها في قيادة السلطة، وفق رؤيتهم. وما قالوه لم يكن صحيحا على الإطلاق، لإنه كان لهم الغلبة في المجلس التشريعي (76 نائبا)، وايضا كان رئيس حكومة الوحدة الوطنية منهم، وهو إسماعيل هنية، الذي يتربع الآن على رئاسة الحركة، وكل المنظومة الأمنية والسياسية والإدارية الحكومية كانت تعمل معهم بإنتظام، وكان الرئيس محمود عباس يدعم الحكومة وقيادتهم لها، بإعتبارها حكومته، فضلا عن انه، هو الذي صادق على إقامة القوة التنفيذية الخاصة بهم في ال17 من مايو/ أيار 2006 وقوامها 3000 عنصر من حماس، وتتبع لوزير الداخلية آنذاك سعيد صيام وقادة كتائب القسام، الذراع العسكري لفرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين لطمأنتهم، وتعزيز الثقة بينه وبينهم. ولكنهم كانوا يبيتون للإنقلاب الأسود، وأخذوا ما شاؤوا بالإنتخابات، وإنتزعوا ما إنتزعوا من المراسيم الرئاسية، ثم إنقلابوا على حكومة الوحدة الوطنية والشرعية وإتفاق مكة شباط/ فبراير 2007.

وأدعي اني من اصحاب الرأي القائل "بأن كل يوم يمر على الإنقلاب، يتضاعف ثمن الخسائر الوطنية وعلى كل الصعد، ويتعزز خيار تكريس الإمارة البغيضة على محافظات الجنوب الفلسطينية." وبعيدا عن تحميل الهيئات القيادية الخلل في تشخيص العملية الإنقلابية، ودون نكء الجراح، والقاء المسؤولية على البعض من الصف الوطني عما آلت إليه الأمور، وللخروج من نفق التعلثم، والتردد طيلة الأحد عشر عاما الماضية، فإن إتخاذ خطوة حل المجلس التشريعي، والإنفكاك من كل المسؤوليات المتعلقة بالقطاع باستثناء موظفي السلطة ومنتسبي الأجهزة الأمنية التابعة للشرعية مشروعا وضروريا، وتأخر كثيرا وكثيرا جدا.

والأمر لا يحتاج لا لشرح المادة 47 مكرر، ولا للمادة 35، ولا للمادة 43، ولا لآي مادة من النظام الأساسي، ولا لتفسير المحكمة الدستورية للقانون الأساسي، وشرعية حل أو عدم حل المجلس التشريعي، لإن الإنقلاب بحد ذاته، كان إنقلابا على القانون الأساسي، وعلى نظام الحكم السياسي الرئاسي، وعلى منظمة التحرير ومرجعياتها، وعلى منظومة الحياة السياسية والقانونية والإقتصادية والثقافية الفلسطينية. وبالتالي التلكوك والتذرع بإتفاقيات المصالحة، وغيرها من الذرائع الباهتة، التي كشفت، وتكشف عجز القوى السياسية المختلفة من ألفها إلى يائها، ليست أكثر من هروب وإفلاس عن مواجهة الواقع، وخشية من تشخيص الإنقلاب ودوره التخريبي على العملية الوطنية برمتها. ومحاولة البعض إتهام الشرعية الفلسطينية والرئيس عباس بأنها إنقلبت على النظام السياسي، فيه نكوص وهزيمة داخلية عند أصحاب وجهة النظر المذكورة، وفيه قلب للحقائق القانونية والسياسية، ومحاولة لتبرئة الذات من المسؤولية التنظيمية والوطنية عن أحد عشر عاما مضت من الخيبات والإستسلام لمشيئة وبلطجة الإنقلابيين، ضاعفت من أزمة المشروع الوطني، وقدمت خدمات مجانية لدولة الإستعمار الإسرائيلية، ولكل اعداء الشعب الفلسطيني من عرب وعجم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية. ومن يريد حماية المشروع الوطني كان الأجدر به، ان يقف منذ اللحظة الأولى للإنقلاب لمطالبة قيادة منظمة التحرير باللتحلل من كل مسؤولية عما يجري في قطاع غزة، وهذا لا يعني تخليا عن ابناء الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب، ولا قبولا بالإنقلاب الحمساوي، ولا إستسلاما لمشيئة الواقع، ولكنه جزء اساسي من إصلاح الخطئية، التي إرتكبتها حركة حماس. لا سيما وأن تشخص الأزمة أو الخطأ يعتبر نصف إصلاح الخطا، كما يقول لينين. والنصف الآخر يأتي بالمعالجة لتصفية الأخطار الناجمة عن الإنقلاب لإعادة الإعتبار للشرعية على محافظات الجنوب.

أتمنى على الكل الوطني من موقع المسؤولية مراجعة الذات، والتفكير المسؤول بالمصلحة الوطنية. تأخرنا في إستخدام علاج الكي، الأمر الذي أحدث إلتباسا عند الكثيرين، لكننا وصلنا أخيرأً. ورغم كل الملاحظات الشخصية على إدارة أزمة الإنقلاب، غير أني سابقى ادافع عن خيار الشرعية الوطنية، التي تعتبر الحصن الحصين لحماية الهوية والشخصية والكيانية والأهداف الوطنية.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024