الرئيسة/  مقالات وتحليلات

عملية إسرائيلية فاشلة

نشر بتاريخ: 2018-11-13 الساعة: 08:22

عمر حلمي الغول قامت مجموعة مختارة من وحدة النخبة الإسرائيلية مساء يوم الأحد الماضي (11/11/2018) بالتسلل إلى داخل أراضي محافظة خانيونس في قطاع غزة، وتقدمت وفق المعلومات المنشورة حوالي 3 كيلوم متر مستخدمة سيارة فولكس واجن لتحقيق أكثر من هدف: الأول الإستطلاع بالقوة لواقع المنطقة وتقدير حجم ونوعية قوة أذرع المقاومة الموجودة فيها؛ ثانيا الكشف عن أنفاق جديدة، من خلال مراقبة التربة المخرجة من الأرض، حيث يعتقد وجود معلومات عن هذا الموضوع؛ ثالثا إختطاف بعض كوادر قيادية من كتائب عز الدين القسام للمساومة بها في عملية التبادل، التي تواتر الحديث عنها مؤخرا. وصرح بهذا الشأن إيزنكوت، رئيس الأركان، بأنه لو أعطي الصلاحيات لتمكن من معالجة الأمر خلال إسبوع؛ رابعا رصد التجهيزات وشبكة الإتصالات التابعة للمنظمات الفلسطينية، لاسيما وان السيارة، التي كانوا يستخدمونها (الإسرائيليون) تحمل معدات تقنية عالية من الواضح ان لها علاقة بالكشف عن الأنفاق، وعن أجهزة الإتصالات، وعن رصد المكالمات، وليس فقط للتواصل مع القيادة الإسرائيلية.

غير ان العملية العسكرية الإسرائيلية الخاصة فشلت فشلا ذريعا لإكثر من إعتبار أمني وسياسي في آن، فكون أذرع المقاومة كشفتها قبل تنفيذ مهامها، يعني هذا أنها فاشلة بإمتياز حتى لو أسقطت أكثر مما سقط من الشهداء، الذين سقطوا في اثناء المجابهة معها؛ وبسقوط قائد الوحدة المقدم محمود خير الدين من حُرفيش قتيلا، وإصابة مساعدة، والإرباك، الذي نجم عن إكتشاف المجموعة، يؤكد للجميع حقيقة إفلاس التخطيط والتنفيذ، وحتى فشل العملاء في إعطاء معلومات دقيقة ، وهزيمة مؤقتة للنظرية الأمنية الإسرائيلية؛ ودليل إضافي على ما تقدم تدخل الطيران الحربي بشقيه الهليكوبتري والمقاتل في العملية لإنقاذ المجموعة من الأسر وتدمير السيارة، التي لم يتمكن أفراد المجموعة من البقاء فيها وقيادتها إلى السياج الحدودوي؛ ونقطة أخيرة ترك ملابس ودروع واقية من الرصاص في أرض المعركة.

من الواضح ان العملية لم تكن وليدة الساعة، ولا هي بمثابة ردة فعل سريعة على التطورات والتصعيد المتوالي على الحدود بين محافظات الجنوب الفلسطينية ودولة الإستعمار الإسرائيلية، ولم تكن أيضا نتاج التباينات بين أركان الكابينت الإسرائيلي المصغر، بل انها عملية عسكرية سياسية تم التخطيط والإعداد لها بتأن شديد وبنسبة خطأ لا يزيد عن 1% إن لم يكن أقل، لإن هكذا عمليات تحتاج إلى درجة عالية من الإستطلاع والتحضير الأمني واللوجستي والقتالي والخبرة والتمرس في هذا الميدان من العمليات، أضف إلى ان للعملية أهداف سياسية بإمتياز، هو تبادل الأسرى، ومرتبطة بإدخال الأموال القطرية المشبوهة، والحديث عن الإنفراج النسبي على السياج الحدودي، والقبول بتمرير الهدنة مقابل الهدنة، وعدم الذهاب لخيار التصعيد جاء مرتبطا بعدم التأثير على عملية التطبيع المجانية مع الدول العربية عموما والخليج خصوصا، بالإضافة إلى الغايات العسكرية الأخرى.

غير ان العملية حسب تقدير الشخصي، كما ذكرت فشلت في تحقيق كل ما تقدم، حتى وإن لم تذهب للتصعيد وخلط الأوراق في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي. لإنها قوضت ما تم ترميمه في الآونة الأخير، ووضعت قيادة حركة حماس في وضع حرج جدا، كونها كانت تركض في تساوقها مع عملية الهدنة مقابل الهدنة، ووضعت علامة سؤال كبيرة في أوساط قيادات وكوادر كتائب عز الدين القسام، التي تماهت مع قيادتها السياسية. وبالتالي إن قبلت قيادة الإنقلاب عدم الذهاب للتصعيد العسكري الآن، غير ان هذا لا يعني أنها  ستتمكن من ضبط إيقاع التيار المتشدد في الجناح العسكري، ولجم نزعاته الثأرية والإنتقامية. لا سيما وان عدد ومستوى الخسائر كبير وموجع جدا.

وللحديث عن العملية بقية تتعلق بما ترافق معها، ولم يكشف حتى الآن، وبالتطورات المرافقة لها، لكن من شبه المؤكد ان للعملية تداعيات لم تنته على جانبي السياج الحدودي. ورحم الله الشهداء جميعا، والشفاء العاجل للجرحى.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024