الرئيسة/  مقالات وتحليلات

قانون الإعدام والعالم

نشر بتاريخ: 2018-11-08 الساعة: 11:30

عمر حلمي الغول كما يعلم الجميع من المتابعين مرر الكنيست الإسرائيلي قانون إعدام المناضلين الفلسطينيين في الثالث من يناير 2018 بالقراءة التمهيدية، وقبل موافقة لجنة التشريع الحكومية عليه. مع أن أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" كان طرح مشروع القانون منذ ثلاثة أعوام، ولكن لم يسمح بتمريره آنذاك، ولكن في شهر كانون أول/ ديسمبر 2017 عاد وقدمه بعد أن أخذ الضوء الأخضر من نتنياهو، رئيس الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم.

وعاد رئيس الحكومة الإسرائيلية مجددا يؤكد دعمه لتمرير القانون  بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست. حتى زعيم حزب "البيت اليهودي"، الذي إدعى ليبرمان، وزير الحرب انه يشكل عقبة أمام تمريره.، زاود على ليبرمان، وأكد وقوفه إلى جانب تمرير مشروع القانون في الكنيست. وبالتالي لم يبق أمام كتل الإئتلاف اليميني الحاكم سوى المصادقة على القانون ليصبح نافذا ضد المناضلين الفلسطينيين بذريعة كبح جماح "الإرهاب"، مع دولة الإستعمار الإسرائيلية تطبق القانون عمليا على الأرض من خلال سلسلة المجازر والمذابح المتواصلة والإجتياحات والحروب القذرة وعمليات القتل الميداني للإطفال والشباب والنساء الفلسيطينيين في الساحات والميادين العامة دون أي واوزع أخلاقي أو قانوني أو سياسي، بإستثناء الوازع الديني الحريدي والإستعماري، اللذين يحضا على قتل الأغيار، والتطهير العرقي للفلسطينيين من وطنهم الأم، فلسطين التاريخية.

وللعلم القوانين العسكرية الإسرائيلية تعتمد قانون الإعدام، لكن الكنيست ألغى قانون الإعدام عام 1954 ضد الجرائم الجنائية. ولم يطبق القانون  في إسرائيل منذ عام 1962 بعد إعدام إيخمان النازي الألماني. غير أن صعود اليمين الصهيوني المتطرف للحكم، وتعاظم سيطرة قطعان المستعمرين المستوطنين على مقاليد الحكم في الدولة الكولونيالية، وتمظهر النزعة الفاشية في المجتمع الإسرائيلي، أعاد مجددا طرح القانون متلازما مع تمرير للعشرات من القوانين العنصرية في دورات الكنيست ال18 و19 والحالية (20)، والتي توجها بتمرير قانون "القومية الأساس" في تموز/ يوليو الماضي (2018) مما سيسهل تشريعه.

وذريعة إضافية يسوقها أصحاب القانون الإرهابي، هي أن الولايات المتحدة، زعيمة الديمقراطيات الغربية تتبنى قانون الإعدام وتطبقه على مواطنيها. وهي ذريعة ضعيفة، لإن الغالبية من دول العالم تخلت عنه، وخاصة دول الإتحاد الأوروبي، وكل الدول المتحضرة، التي تدعي دولة الإستعمار الإسرائيلية، أنها جزء منها، وأنها "واحة الديمقراطية" في الشرق الأوسط، وهو ما يسقط عنها ورقة التوت، التي تتلطى بها وخلفها، ويكشف إفلاسها، وسقوطها في دوامة الفاشية.

كما أن قانون الإعدام يتنافي مع أبسط قواعد القانون والمواثيق والشرائع الدولية وحقوق الإنسان. لإنه قانون رجعي يعمق روح الكراهية والعداء بين بني الإنسان، ولا يساهم بأي شكل من الأشكال في حل النزاعات والصراعات الإجتماعية والسياسية، لا بل يزيد من تأجيجها وإشتعالها، ويولد تداعيات وإرتدادات مضاعفة داخل أي مجتمع، وبين الطبقات والقوى والدول والشعوب المتصارعة والمتحاربة. 

ودولة الإستعمار الإسرائيلية وفق التطور الملحوظ للعيان، ماضية قدما في الإندفاع نحو الفاشية عبر الضخ المتواصل لمظاهر الكراهية، وتوالد القوانين العنصرية كالفطر، وتطويق الأنفاس وليس الحقوق السياسية والإجتماعية والثقافية بحدها الأدنى للأغيار الفلسطينيين العرب، ورفض بناء ركائز السلام الممكن والمقبول، وإصرارها على التخندق في مواقع الإستيطان الإستعماري، الأمر الذي يفرض على دول وأقطاب العالم الحر، والأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان الأممية والمحاكم الدولية ذات الصلة التصدي لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية للجم نزعاتها الفاشية للحؤول دون تشريع القانون والمصادقة عليه، لانه يصب الزيت على النيران المتقدة تحت الرماد الفلسطيني. ولا يشكل رادعا لإبناء الشعب العربي الفلسطيني في الدفاع عن حقوقهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والدينية، لإنهم متمسكون بثوابتهم وحقوقهم الوطنية دون نقصان، ولن يستسلموا لإي قانون أو إرهاب الدولة الإسرائيلية المنظم مهما كلف ذلك من ثمن.

amm

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024