الرئيسة/  ثقافة

"حرّية".. كتاب بالعبرية يسطو على قصص كاتبات عربيات

نشر بتاريخ: 2018-09-12 الساعة: 09:12

رام الله- الايام- كانت البداية حين تحدثتْ معي الروائية الليبية نجوى بن شتوان من مقر إقامتها في إيطاليا، حول نشر قصة لها في كتاب بالعبرية، صدر مؤخراً عن دار نشر إسرائيلية، دون إذن منها، لأبدأ رحلة بحث مع عدد ممن وردت أسماؤهن في الكتاب المعنون بـ"حرية"، وبعضهن كن لا يعلمن بالأمر، أفضت إلى أن الدار وجامع ومحرر قصص عشرات الكاتبات العربيات من المحيط إلى الخليج، ومنهن من يقمن خارج هذه الجغرافيا الممتدة، لم تحصل على إذن أي منهن، أو دور النشر التي نشرت هذه القصص في مجموعات بعينها، أو مواقع إلكترونية عربية كانت نشرت بعضها حصرياً.

وكانت الروائية والناشطة الفلسطينية خلود خميس، المقيمة في حيفا، هي السباقة بتصدير "منشور" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حول الأمر، تذكر فيه بالإنكليزية اسم دار النشر والمحرر، وأسماء الكاتبات العربيات، ليبدأ تحرك داخل المستطيل الأزرق، أفضى إلى ردود فعل متباينة، من بينها نية بعضهن التوجه إلى مقاضاة هذه الدار الإسرائيلية، عبر اتحاد الكتاب في بلدهن كما حال الكاتبات المصريات، أو التواصل لغرض الاستشارة القانونية من محامية فلسطينية كما في حال بن شتوان، دون أن تتضح الرؤية التفصيلية بعد، فالحكاية تتدحرج، منذ يوم الجمعة الماضي، ككرة ثلج، مرّت عبر اتحادات كتاب عربية تجاه اتحاد الكتاب العرب، واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، للبحث عن ردّ على ما وصفته غالبيتهن بـ"القرصنة".

حول الكتاب و"المنشور"
خلود خميس، قالت لـ"أيام الثقافة"، ساردة الحكاية: صدرت عن دار النشر الإسرائيلية "رسلينغ" (Resling)، مجموعة قصص في كتاب بعنوان "حرّية" لكاتبات عربيات من مختلف الدول العربية، تُرجمت إلى اللغة العبرية. جمعها، وترجمها، وأعدّها الدكتور ألون فراغمان (Alon Fragman)، وهو منسّق دراسات اللغة العربية في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة "بن غوريون".

وأضافت: دُعيت لمداخلة في ندوة لمناقشة الكتاب بمدينتي حيفا، ومع تصفح الكتاب لفت نظري عدد الكاتبات من مختلف الدول العربية وأثار الأمر شكوكي حول موافقتهن على الترجمة والنشر، وهل اخترقت حقوقهن؟ حصلت على نسخة من الكتاب، واكتشفت أن مقدمة المترجم لم تتطرق لكيفية التواصل مع الكاتبات.

وتابعت خميس: بتواصلي مع قسم منهن اتضح أنه لا علم لهن باستعمال قصصهن، وترجمتها ونشرها في إسرائيل (طبعاً ألغيت مشاركتي في الندوة)، وإثر ذلك قمت بنشر "بوست" على صفحتي في "فيسبوك"، وضمنته أسماء جميع الكاتبات، ونجحت في التواصل مع بعضهن ممن أكدن أنه لا علم لهن بالأمر، وهناك من علّق منهن بذلك صراحة على منشوري.

مقدمة الكتاب
وجاء في مقدمة كتاب "حرية"، وترجمتها الأديبة والشاعرة الفلسطينية شيخة حليوي خصيصاً لهذا الملف، ما يلي: وسائل الإعلام بجميع أشكالها تسلّط الضوء على الأحداث اليومية، السياسيّة والاقتصادية التي يشهدها العالم العربي منذ أحداث "الربيع العربي". على العكس من ذلك أرى أن الأدب الّذي أنتجته هذه المرحلة هو المقياس الحقيقي لاختبار دقيق وحساس للتّحوّلات الاجتماعية التي يمر بها المجتمع العربي.

وقال ألون فراغمان في مقدمة الكتاب: في العقد الأخير نساء كثيرات من أنحاء العالم العربي يكتبن بجرأة عن التجربة النسائية من خلال نتاج أدبي، فني، اجتماعي، ثقافي وسياسي بارز.

وأضاف: يبدو هذا الأمر أكثر وضوحاً منذ اندلاع "الربيع العربي". جدير بالذكر أن هذه الصحوة هي جزء من مسار متواصل ومركّب لم يبدأ في السنوات الأخيرة فحسب، إذ يمكن ملاحظة جذوره في القرن الماضي أو ربما قبل ذلك أيضاً، وهو لا يزال طبعاً في أوج تكوّنه.

ويأتي ذكر الربيع العربيّ هنا كنقطة انطلاق في المحور الزمني خدمة للنقاش الحالي فحسب، أكثر من كونه ربيعاً سياسياً واجتماعياً، فإن الربيع العربي يرمز إلى حدث فارقٍ في تاريخ الشعوب العربية، يعوّل عليه في التعبير عن أغنيات الأمل التي حملتها الشعوب لسنوات طويلة، الأمل في التخلص من نير القمع والإذلال وسلب الحريات.

وأوضج: دون اللجوء للسياق السياسي لمصطلح الربيع العربي، أعتقد أنه وفي السياق الشعري هناك ربيع أدبي يجلب معه ازدهاراً متصاعداً في مختلف الإبداعات الأدبية لنساء من أنحاء العالم العربي، لكل واحدة منهن أسلوبها الخاص بها وثيماتها التي تختار الكتابة عنها. 
وقد اخترتُ، والحديث لفراغمان، في هذه الأنطولوجيا الكتابة النسائية محوراً وموضوعاً، بسبب تغييب أصواتهنّ لسنوات طويلة. القصص المترجمة والمنشورة هنا تمّ اختيارها من بين مئات القصص المنشورة في العقد الأخير بمجاميع قصصية مطبوعة، وفي الصحافة الورقية والإلكترونية، في مواقع أدبية، ومسابقات القصة القصيرة، وأيضاً في صفحات خاصة، كل القصص كتبتها نساء مثقفات ونشطات جداً داخل أوطانهن، في النضال من أجل رفع مكانة المرأة ونيل حقوقها. كما حرصت على إدراج قصص من معظم دول العالم العربي، واختيار إبداعات تعكس التغيير الحاصل في الكتابة من ناحية الموضوع والشكل والقوة والجسارة، وتوثق التغييرات الحاصلة في مكانة المرأة بالعالم العربي.

وعلى حد تعبير البروفيسور الإسرائيلي: القصص تتناول المأساة التي تعيشها النساء في العالم العربي، ولكنها تحملُ من جانب آخر تحدياً كبيراً لكل القيود والقمع والعجز. تسعى هذه الأنطولوجيا أن تطلع الجمهور الإسرائيلي، الذي معظمه لا يقرأ الأدب العربي بلغته الأصلية، على عينة متواضعة من "الصوت النسائي" في الأدب العربي المعاصر، صوت يتقاطع مع أصوات نساء في أنحاء العالم تطالب بالتغيير والعدالة، كتابة تسعى لملامسة كل من يعتبر نفسه إنساناً وتجنده للنضال والتعاطف.

لا اندهاش
الروائية الكويتية بثينة العيسى، وهي إحداهن، قالت لـ"أيام الثقافة": سرقة الحقوق جريمة، هذا أمرٌ متفق عليه عالمياً، لكن الدهشة تتبدد تماماً عندما تبدر السرقة من دار نشر إسرائيلية.. إسرائيل سرقت الأراضي والبيوت والمزارع والأشجار والتراث الفلسطيني، إسرائيل سرقت آلاف الأرواح وأقامت دولتها المزعومة على أنقاض المذبحة.

وتساءلت: لماذا يجدرُ بنا أن نستغرب عندما تقوم دار نشر إسرائيلية بسرقة حقوق كاتبات عربيات؟ لا أريد لدار نشر من هذا الكيان المسخ المحتل أن تنشر نصوصي، طبعاً هذه الدار لم تخاطبني مباشرةً لأنها تتبنى منطق الغاصب، منطق المحتل، وتسمّي الكتاب "حرية"؟ إن كنتَ لا تستحي فافعل ما شئت.. هؤلاء لا يستحون.

إنهم من سرق وطننا
وفي ذات الإطار، قالت الروائية الفلسطينية سلوى البنا لـ"أيام الثقافة": من يسرق وطناً لا يستعصي عليه سرقة فكرة، كلمة، ثقافة وحضارة، ومن يعتدي على تاريخ وحقوق وجذور شعب وأرض لا يصعب عليه الاعتداء على حقوق روائي وكاتب، والسطو على نصوصه دون إذن أو إشعار، لسبب بسيط أنه يعلم أن هذا الكاتب أقوى بكلمته منه وأشد صلابة، وهو الذي يدرك أهمية الكلمة ودورها وفاعليتها في الحفاظ على حقنا بفلسطين، كل فلسطين.

وأضافت البنا: التاريخ القريب شاهد على ملاحقته للرموز الفكرية المقاومة بالكلمة ومطاردتها وتصفيتها، ولعل الروائي الشهيد غسان كنفاني، والشاعر الجميل الشهيد كمال ناصر مثالان صارخان لعدم تورعه عن قتل الكلمة وتفريغها من مضمونها، ولو بقتل رموزها اليوم. وفي ظل هجمة التطبيع الثقافي بكل أشكاله لم يعد يفاجئنا هذا العدو بابتكار وسائل جديدة تغني هدفه الأساس في تفريغ وتصفية القضية الفلسطينية من خلال تشويه رموزها الثقافية واستدراج بعضهم إلى فخ التطبيع.

وأكدت: من هنا يهمني التأكيد وقد فاجأني السطو على إحدى قصصي ونشرها في كتاب باللغة العبرية تضمن قصصاً لعدد من الكاتبات العربيات تحت عنوان "حرية". إنني اعتبر هذا الأمر اعتداء صارخاً على حقوقي ككاتبة وروائية وقاصة فلسطينية رصدت حروفها لقضيتها الأساس فلسطين، ومحاولة رخيصة لتشويه قلمي ومسيرتي النضالية واختطافهما، وحرف بوصلتهما. من هنا ومن خلال إيماني بقضيتي وبموقعي النضالي وكوني جزءاً لا يتجزأ من حملة المقاطعة لكل أشكال التطبيع التي يقودها الكاتب والمناضل د. سماح إدريس، أعلن رفضي لهذا التعدي الصارخ على حقوقي الفكرية، وعلى شخصي كمقاومة ومناضلة كنت ولا زلت وسأبقى في خندق المواجهة ضد العدو حتى تحرير كامل تراب فلسطين.

بلاغ رسمي لدى اتحاد كتاب مصر
الروائية المصرية انتصار عبد المنعم، أشارت إلى أنه سبق وأن ترجمت أعمالها إلى لغات أخرى، منها قصص منفردة إلى اللغة الفرنسية والروسية والبولندية. وفي العام 2014، تمت ترجمة روايتها "لم تذكرهم نشرة الأخبار" إلى اللغة الإسبانية، وتم نشرها في إسبانيا والدول الناطقة بالإسبانية، وقالت لـ"أيام الثقافة": كل ذلك بإذن مني، ومعرفة سابقة، وتم إبرام عقد موقّع مع دار النشر الإسبانية يحفظ حقوق المؤلف، وهذا نوع من التقدير والاحترام للمؤلف، أما ما حدث في حالة الدكتور فراغمان، فلا أجد لديّ تفسيراً غير أنه لا يبدي أي احترام لحقوقنا الفكرية، ولا يعترف لجيرانه العرب بأي حقوق حتى وإن كانت أدبية أو معنوية من ثمار أفكارهم، وهذا ينطبق على دار النشر "رسلينغ" أيضاً، التي كان ينبغي لها أن تكون أكثر دراية بأمور حقوق الملكية الفكرية.

وأضافت لـ"أيام الثقافة": أنا أنظر للأمر برمته على أنها طريقة غير مباشرة لخداع القارئ الإسرائيلي بأن هناك تعاوناً فعلياً بيننا وبينهم، في نفس الوقت الذي لا يعترف المترجم ودار النشر بأن لنا الحق في معرفة الأمر.. كيف نظن أن من لا يعترف بحقنا الفكري أن يعترف بحق أي عربي في الوجود على أرضه؟!

وختمت عبد المنعم: الرد القانوني سيقوم به رئيس اتحاد كتاب مصر د. علاء عبد الهادي، حيث قمت بتقديم بلاغ رسمي لمحامي الاتحاد بالقيام بالإجراءات القانونية اللازمة، والأمر نفسه قامت به الروائيات والأديبات المصريات: شهيناز فواز، وسعاد سليمان وسندس الحسيني، كما يجري العمل على وضع اتحاد الكتاب العرب واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين في صورة الأمر.

الكاتبة المصرية سندس الحسيني، قالت بدورها لـ"أيام الثقافة": صدمت حين أخبرتني الكاتبة الفلسطينية خلود خميس، بأن قصتي "غيبوبة" المنشورة في كتاب "ترعبهم أنفسهم"، تُرجمت ونُشرت في كتابٍ مطبوعٍ تحت اسم "حرية" باللغة العبرية من قبل دار نشر إسرائيلية.

وأضافت: أتت صدمتي من أنه لم يتواصل معي أحد أو يطلب إذني أي شخص من طرفهم للموافقة على الترجمة من عدمها. لن أسكت عن حقي الأدبي مهما حدث، وعلى الفور حاولت التواصل مع الكاتبات الأخريات لنوحد القرار بشأن التصرف القانوني الذي سنقوم به، والآن أنا على تواصل بالكاتبة انتصار عبد المنعم لإعلان بيان مشترك وتوقيع شكوى قانونية دولية رسمية.

وختمت: حتى الآن لم أتواصل مع مترجم عبري/عربي، لأتأكد من جودة الترجمة وإن كانت غير محرفة أو مختلفة عن النص الأصلي، فالقصة كتبت في 2012 وذات ملامح ثورية، وكانت تعبّر عن حال شَعرنا بها جميعاً في ذلك التوقيت، كما أنها تتصف بالرمزية ولا تتبع الأسلوب المباشر. من المهم جداً عرض الترجمة على الأديب ليقرّ بصلاحيتها للنشر وبأنها لا تخالف نصه الأصلي، وذلك بخلاف حقه المادي. هذا حق أدبي وأخلاقي لا يقل أهمية عن الحق المادي، بل يزيد؛ لأنه قد يرسم صورة خاطئة عن الكاتب، ومن ثم عن شعبه ومجتمعه، خاصة إن تمّ نشر الكتاب في مجتمع مختلف تماماً.

أمام القضاء
الروائية الليبية نجوى بن شتوان، قالت لـ"أيام الثقافة": الترجمة تمت دون علمي، علمت بالكتاب، يوم أمس فقط، وتحققت من المادة المنشورة بالعبرية عن طريق مترجم، إنها قصتي نفسها المنشورة بموقع "أوكسجين" حصرياً العام 2014. تكلمت مع محامية فلسطينية لمعرفة ما يتوجب فعله في هذه الحالة، وسنشرع في طلب توضيح من الدار، ونرى من ثم ما ينبغي عمله قانونياً في هذا الخصوص.

وأضافت: الأمر مرفوض أخلاقياً. هو سرقة ولا يمكن النظر للسرقة بعين ملطفة. الترجمة بحد ذاتها لأي لغة ليست مرفوضة بالنسبة لي، لكن الجهات والوسائل التي تتم بها هي محط نقاش. أنا ضد فكرة الكيان الإسرائيلي، ولست ضد اللغة العبرية أو الديانة اليهودية.

وأوضحت بن شتوان: القصة المنشورة عنوانها "الدليل غير السياحي لروما" تتحدث عن روما والمشهد اليومي السائد للحياة فيها. بالنسبة للاختيار أعتقد أن وراءه إعجاب المترجم بالطرح المختلف عن روما. الموقع الذي نقل عنه يضم أعمالاً أخرى لي، وأظنه قصد اختيار شيء ظريف ولافت. يبقى هو أعلم مني بسبب الاختيار.

بن شتوان، التي كانت قالت: إن بينها وبينهم "القضاء"، تواصلت مع محامية فلسطينية، وأبلغتها بأن التقاضي في حال وافقت الروائية الليبية سيكون أمام المحاكم الإسرائيلية، وهو ما ترفضه بن شتوان جملة وتفصيلاً، وأنه قد يكلف ما يزيد على عشرة آلاف دولار، منها ألفان بمجرد التفويض بالبدء بإجراءات التقاضي، الذي يتضمن "تقديم اعترض خطي لدار النشر نشتكي التجاوزات، ونطالب بالتعويض المعنوي والمادي على الضرر الذي لحق وقد يلحق بك نتيجة النشر دون إذنك، وبواسطة دار نشر إسرائيلية، وأيضاً تقديم اعتراض خطي للمترجم والمحرر الذي قام بجمع المواد التي ترجمت للكتاب، الأستاذ الجامعي ألون فراغمان من جامعة بن غوريون، والخطوة الثانية هي المقاضاة بالمحاكم، وأرى التروي في هذه الخطوة لتلافي النقد من مناهضي التطبيع، فالمحاكم الإسرائيلية تندرج ضمن المؤسسات التي يجب مقاطعتها، ولكن إذا ما توجهنا للمحكمة سنحاول من خلالها استصدار أمر لمنع نشر أي نسخة من الكتاب، وجمع جميع النسخ من المخازن، إضافة إلى التعويض المادي ... لكن عليك أن تأخذي بعين الاعتبار أن المقاضاة أمام المحكمة قد تتطلب القدوم إلى البلاد لتقديم شهادة مشفوعة بالقسم أمام المحكمة، وقد ينتهي الأمر بتعويض مالي من الناشر دون الحاجة للتقاضي بالمحاكم".

تساؤلات
الكاتبة اليمنية انتصار السري، أشارت في حديثها لـ"أيام الثقافة"، إلى أن نص "رماد الروح" هو من نصوص مجموعتها القصصية "المحرقة"، وهي حاصلة على جائزة المقالح العام 2013 عن مركز عبادي للطباعة والنشر في صنعاء 2013. وقالت: أظن، وحسب قوانين الترجمة، أنه يجب أن يتفق المترجم قبل ترجمة أي عمل إبداعي منشور، وإلى أي لغة كانت، مع دار النشر الصادر عنه ذلك العمل الإبداعي، ودار النشر بدورها تبلغ الكاتب عن الترجمة وعن ذلك الاتفاق.

وأكدت: بالنسبة لي لم يتواصل معي أحد، لا دار النشر ولا المترجم الذي ترجم النص إلى اللغة العبرية في كتاب بعنوان "حرية"، وصدر عن دار نشر في إسرائيل، بل عرفت من خلال صديقة لي هي الكاتبة المصرية انتصار عبد المنعم عن ترجمة قصتي، متسائلة: ترى هل يحق لأي مترجم أن يختار نصاً ما لأي كاتب ويترجمه دون إخطار دار النشر والكاتب عن ذلك؟ هل قيام المترجم بعمله ذلك يساعد على نشر الثقافة بين الشعوب أم أن اختياره لنصوص عربية، خاصة للكاتبات، يهدف إلى إيصال رسالة ما؟

وأنهت حديثها بالقول: أظن أن هناك ثيمة ما تجمع تلك النصوص المختارة، وأن اختيار تلك النصوص لكاتبات عربيات لم يكن عشوائياً، وطبعاً أنا ضد ذلك النشر في إسرائيل، وضد الترجمة دون علمي وعلم دار النشر التي صدر كتابي عنها.

في مصلحتنا.. ولكن
الكاتبة السودانية سعاد الأمين، أكدت لـ"أيام الثقافة" أن "الأدب يلعب دوراً كبيراً في إيصال ثقافة المجتمعات، وكنت أتمنى دائماً أن تكون هناك ترجمات لنصوص عربية للغة العبرية لتوصل للناطقين بها كيف تكون الحياة في مجتمعاتنا ومشاكلنا التي تعاني منها الشعوب العربية بسبب الاحتلال، حتى قد نجد قراء لرواياتنا وقصصنا المتنوعة حول أدب السجون وأدب الحروب وانعكاساتها، لذلك الترجمة للعبرية في مصلحة الأدب العربي لكسب قراء من إسرائيل يستطيعون معرفة ما يجري في مجتمعاتنا العربية غير ما توصله آلة الإعلام الموجه ضد الشعوب العربية، فالأدب مرآة المجتمعات".

وختمت: هذا رأيي في الترجمة عموماً، أما أخذ النصوص دون الرجوع لكتابها فهو مرفوض وغير مقبول في كل الأوساط الأدبية، وأدينه وأشجبه بشدة.

إدانة عربية
وتابع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب برئاسة أمينه العام الشاعر والكاتب الصحافي الإماراتي حبيب الصايغ، بانزعاج شديد، الأخبار المتداولة خلال الأسبوع الأخير، عن قيام دار نشر تابعة للاحتلال، تدعى "رسلينغ"، بترجمة مختارات من قصص لكاتبات من مختلف الدول العربية دون علمهن ودون الحصول عن إذن منهن، ونشرها في كتاب بعنوان "حرية"، بواسطة مترجم يدعى ألون فراغمان، يشغل منصب منسّق دراسات اللغة العربية في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة "بن غوريون".

وقال حبيب الصايغ: القرصنة الإسرائيلية ليست جديدة علينا، فمن يغتصب وطن الفلسطينيين، ومقدساتهم، وتراثهم الفكري والأدبي، وينسب لنفسه زوراً إنجازات الحضارات القديمة في منطقتنا العربية، ليس مستغرباً عليه أن يسطو على الملكية الفكرية للكاتبات العربيات، وينقلها إلى لغته دون إذن، في ظل مقاطعة شاملة يقوم بها الأدباء والشعراء والمثقفون والمفكرون العرب ضد كل ما هو اسرائيلي، والمقاطعة الشاملة للشعوب العربية له في المجالات كافة.

وأشار الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب إلى أن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام، فسوف يتحرك الاتحاد العام من خلال قنواته الشرعية لوقف هذه القرصنة الإسرائيلية، ومحاسبة كل من قام بها وشارك فيها، في عالم مفتوح الآن وتضبطه قوانين دولية تجرِّم المقرصنين، وتفرض عليهم عقوبات قاسية.

وجدّد حبيب الصايغ، من خلال بيان الاتحاد العام، التأكيد على رفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، حتى جلاء آخر محتل عن الأرض العربية.

وأشاد بموقف الكاتبات العربيات اللواتي رفضن هذه القرصنة، وتحركن لدى اتحادات الكتاب في بلدانهن لاتخاذ الخطوات القانونية لوقفها وردعها، باعتباره موقفاً وطنياً وقومياً دالاً على عمق القضية الفلسطينية وعدالتها في نفوس الأدباء والكتاب العرب، وأن كل الدعاية الصهيونية وكل الخطوات التي تقوم بها القوى الكبرى التي تساندها لم ولن تغير من هذا شيئاً.
 

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024