ردا على المبعوث
نشر بتاريخ: 2018-09-04 الساعة: 08:06عمر حلمي الغول للصراع مع الولايات المتحدة وإدارتها القائمة أوجه عديدة، فهي في نطاق التغطية على تطبيق صفقة القرن، تحاول الترويج لبضاعة فاسدة، مفادها "تبهيت مكانة القضية الفلسطينية"، وإجراء عملية غسل دماغ ممنهج للراي العام العربي والعالمي بهذا الشأن، من خلال تقديم قضايا وعناوين صراع مفتعلة، أو من إنتاج أميركا وإسرائيل ولخدمة أهدافهم الإستعمارية في الوطن العربي خصوصا وأقليم الشرق الأوسط الكبير عموما ك"داعش"، و"النصرة" وغيرها من الفطريات التكفيرية المتوالدة من رحم جماعة الإخوان المسلمين، أو إستبدال وتغير مراكز وأولويات الأعداء، والضغط المنهجي على الدول العربية للتطبيع المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، وحرف الأنظار عن خطرها الإستراتيجي.
ومن قرأ مقالة جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي ل"لسلام" الفلسطيني الإسرائيلي في صحيفة "يسرائيل هيوم" أمس، لاحظ الهجوم الأميركي المنظم والمتواصل، حيث جدد المذكور آنفا هجومه على منظمة التحرير والسلطة الوطنية والرئيس محمود عباس، ورفض إعتبار "القضية الفلسطينية، بأنها لب وجوهر الصراع"، عندما قال، ان حل المسألة الفلسطينية، لن يحل "مسألة تنظيم الدولة في العراق وسوريا" (داعش)، ولا تنظيم "النصرة" و" القاعدة" وغيرها من التنظيمات الإرهابية. كما انه لن يلغي أو يوقف "الصراع مع إيران"، ولن ينهي حزب الله، ولا غيره من المسائل المثارة في الوطن العربي والأقليم؟!
هنا نلاحظ ان السيد غرينبلات يحاول إستهداف أكثر من عصفور بحجر، اولا "التقليل" من مكانة القضية الفلسطينية، ووضعها في أدنى درجات الأولوية السياسية؛ ثانيا تقديم عناوين مفتعلة تقع تحت يافطة "الإرهاب" عليها؛ ثالثا الإدعاء ان حلها لن يخرج الإقليم من أزماته المختلفة؛ رابعا وعليه فإن لا ضرورة للتعجل بحلها، أو ان حلها لا يقدم ولا يؤخر في واقع الصراع المحتدم داخل كل دولة على إنفراد، ولا في طبيعة الحروب البينية بين الدول العربية العربية، ولا بين بعض الدول العربية وإيران الفارسية وغيرها؛ خامسا والأهم انه أسقط إسرائيل كليا من دائرة الصراع العربي الصهيوني التاريخي، بإستثناء ما هو قائم مع الفلسطينيين، وهو في طريقه ل"لحل".
وتجاهل مستشار الرئيس ترامب، ان كل مجموعات الإرهاب وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، انما هي صناعة بريطانية وأميركية إسرائيلية وغربية رأسمالية عموما. وهي تندرج تحت يافطة "الحروب من الدرجة الرابعة"، وأداتها المركزية، لإنها تعمل وفق المخطط المرسوم لها على تمزيق النسيج الوطني والإجتماعي لكل شعب من الشعوب على أساس الهويات الدينية والطائفية والمذهبية والإثنية، ومن ثم تفتت وحدة أراضي الدولة الوطنية. وبالتالي هذة الجماعات، التي يفترض الممثل الأميركي أنها ستبقى بعد حل المسألة الفلسطينية، هي كذبة كبيرة. لإن حل المسألة الفلسطينية السياسي وفق مرجعيات عملية السلام، القائم على إستقلال وسيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للأجئين على اساس القرار الدولي 194، وضمان المساواة الكاملة لإبناء الشعب الفلسطيني داخل دولة إسرائيل، سيقدم خدمة إستراتيجية للوطن العربي والإقليم والمسألة اليهودية المفتعلة. وهذا سيغلق أبواب ونوافذ كل المنظمات والقوى السياسية، التي تعنون وجودها بإسم "المقاومة" وتتاجر بالقضية الفلسطينية، وحتى ستغلق الباب على إيران الصفوية ومن لف لفها في اللعب على وتر القضية الفلسطينية.
وبحل المسألة اليهودية من الجذور، ونزع فتيل إرهاب الدولة المنظم الإسرائيلي، تكون دول وشعوب الأمة العربية تنفست الصعداء، لإن المنظمات والمجموعات الإرهابية لا يعود لوجودها مبرر للبقاء والعبث في أوساط الشعوب العربية والشرق أوسطية، وبالتالي سيتم حلها، وإختفائها كليا من المشهد، كما وجدت فجأة فيه. وهو ما يعني انها (الدول) تخلصت من عبىء ولوثة قوانين الطوارىء، وأيضا إستعادت عافيتها الوطنية والقومية، وعندئذ ستولي الأهمية للتنمية المستدامة، وإخراج شعوبها من متاهة ومستنقع الجوع والفقر والفاقة.
وكل ما تقدم يؤكد لغرينبلات، ان المسألة الفلسطينية، كانت وستبقى عنوان وجوهر ولب الصراع في العالم العربي والإقليم والعالم، وبحلها ستحل الكثير من القضايا ذات الصلة على المستويين العربي والإقليمي. لكن ذلك مرهون بتغير معادلة الصراع، وتخلي الإدارة الأميركية عن صفقة القرن وسياساتها العدائية للمصالح الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، وتمثلت روح السلام عبر الضغط على إسرائيل الإستعمارية وألزمتها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.
amm