الرئيسة/  ثقافة

الكتاب المسموع يُواصل الانتشار عربيا ‬‬‬‬‬‬

نشر بتاريخ: 2018-08-15 الساعة: 08:24

رام الله- رويترز- حقّق الكتاب المسموع، انتشارًا خلال السنوات القليلة الماضية في المنطقة العربية، بعد انتشار الكُتب المكتوبة على نحوٍ واسع جدًا، وفق ما يقول ناشرون ومؤلفون، إلا أنه لم يبلغ الصدارة بعد نظرا لعدة صعوبات يُواجهها.

ولم يظهر الشكل الحديث لتحميل الكتب على منصات ومواقع إلكترونية وطرحها للبيع، إلا بعد فترة ثلاثينيات القرن العشرين، التي شهدت تحويل النصوص المكتوبة إلى مواد مسموعة عندما كانت تستخدم في المناهج التعليمية بالمدارس والجامعات.

ونقلت "رويترز" عن رئيس لجنة التطوير المهني والنشر الإلكتروني باتحاد الناشرين المصريين، شريف بكر، قوله: "لا توجد إحصاءات موثوقة عن عدد مستخدمي الكتب المسموعة في المنطقة العربية وهو ما ينطبق كذلك على الكتب المقروءة، لكن المؤكد أن الإقبال على الكتب المسموعة في تزايد"، مُضيفًا بأنه قد "تزايدت تطبيقات ومواقع الكتب المسموعة خلال العامين أو الثلاثة الماضية من عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة إلى العشرات عبر نظامي أندرويد و(آي.أو.إس)، منها مواقع جادة تقدم خدمة حقيقية وأخرى عبارة عن مشاريع وهمية ظهرت واختفت سريعا لعدم قدرتها على مواكبة السوق واحتياجات المستخدمين".

وقال بكر إن "ما يساعد على انتشار الكتب المسموعة هو انجذاب فئة الشبان لها، فالأجيال الجديدة معظمها تشعر بحاجز بينها وبين الكتاب بسبب الميراث المتراكم من الحفظ في مناهج التعليم لكن الكتاب المسموع يشكل وسيلة أكثر قبولا لهم للتفاعل مع الكتب" كما أشار إلى دراسة أجراها اتحاد الناشرين المصريين عن كيفية جذب المزيد من القراء والتوسع في سوق النشر وإدخال فئات جديدة كانت لها مؤشرات واضحة حول مستخدمي الكتب المسموعة.

وأضاف: "ركزنا على الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاما، وضعنا شابا داخل حجرة بمفرده ومعه كتاب مطبوع فلم يقربه، ثم وضعنا معه كتابا إلكترونيا فتردد في مطالعته، وعندما قدمنا له كتابا مسموعا رحب بخوض التجربة والاستماع للكتاب".

وتحوّلت المنصات الإلكترونية ومواقع الكتب المسموعة، في الأعوام القليلة الماضية، إلى تقديم نصوص أدبية وفكرية لكتاب كبار أمثال نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وزكي نجيب محمود، وحرص عدد من الروائيين على طرح إصداراتهم الجديدة في الأسواق مطبوعة ومسموعة في ذات الوقت.

ويقول المدير التنفيذي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطبيق "كتاب صوتي"، حمزة الفقهاء: "لو رجعنا بالوقت لعامين ماضيين لم يكن أحد يتوقع حجم النمو في سوق الكتاب المسموع العربي، هذا المجال أحدث دهشة حتى بالنسبة للمستثمرين بمجال النشر"، مُبيّنًا أن هُناك "إقبالا من القارئ العربي على الكتاب المسموع، لدينا حاليا ما بين 400 إلى 500 ألف مستخدم للتطبيق معظمهم من الشباب. كنا نتوقع إقبالا بالطبع من الشباب لأنهم أكثر قبولا واستخداما للتكنولوجيا لكن الحقيقة إقبالهم فاق التوقع، ورغم ما يبدو ظاهريا من توجه الشباب إلى الثقافة الغربية سواء في السينما أو الموسيقى أو القراءة حظى المحتوى العربي المسموع باهتمام كبير من الشباب."

ويُواجه الكتاب المسموع في السوق العربي، بعض الصعوبات في سبيل تحقيق انتشار أوسع وجني عائدات أكبر تصب في صالح الشركات التي تتطلع لتطوير منتجها الثقافي.

ونقلت "رويترز" عن مؤسس ومدير تطبيق "اسمع كتاب"، خالد الفحام، قوله: "المشكلة الحقيقية أن معظم المستخدمين يريدون الكتب مجانا. وعي الناس أيضا يحتاج إلى تطوير، كيف ندفع 100 أو 200 جنيه في وجبة ونتردد أمام دفع 20 أو 25 جنيها في كتاب؟".

وقال الفّحام: "للأسف، كثيرٌ ممن قاموا بتحميل التطبيق على هواتفهم الذكية استمعوا إلى الأجزاء المجانية التي تروج للكتاب أو الكتب المجانية تماما ثم عزفوا بعد ذلك عن الشراء".

ويُلخّص الطالب الجامعي سامح سمير (19 عاما) الذي يستخدم الكتب المسموعة منذ عام ونصف تقريبا، الصعوبات التي تواجهه مع الكتب المسموعة قائلا: "جرّبت أكثر من تطبيق عبر الهاتف، هناك تطبيقات ضعيفة جدا سواء في محتوى الكتب الذي تقدمه أو طريقة تشغيلها. أتمنى أن تتطور هذه التطبيقات سريعا وتتيح تنوعا أكبر للمحتوى"، مُضيفًا: "لدي مشكلة أخرى في طريقة السداد. أنا لا أملك بطاقة بنكية وهذه التطبيقات تطلب الدفع إلكترونيا، وبالتالي أطلب من أحد أصدقائي أو أفراد عائلتي أن يدفعوا لي".

وتتركّز مشكلة الطالبة مروة المعداوي (22 عاما)، التي استمتعت كثيرا بتجربتها مع الكتب المسموعة، في عدم توفر كل ما تريده من كتب ومؤلفات في تطبيق واحد، ما يضطرها للتنقل بين أكثر من تطبيق ويحملها تكلفة مالية أكبر ويجبرها على التعامل مع أكثر من نظام سداد لأن بعض التطبيقات تعمل بنظام الاشتراك الشهري مع إتاحة الاطلاع المفتوح بينما تعمل أخرى بنظام شراء كل كتاب على حدة.

ويبدو أن الاتجاه مستقبلا يسير "نحو التكامل بين منصات ومواقع الكتب المسموعة لأنه إذا استطاعت شركة ما الحصول على حقوق مؤلفات كاتب كبير فهي لن تستطيع جمع كل الكتب. ومن جانبه لا يستطيع القارئ تتبع كتبه المفضلة عبر أكثر من تطبيق وموقع، ومن هنا سيصبح تشارك المواقع فيما تملكه من كتب وانفتاحها على بعضها ضرورة لا مفر منها. لكن هذا سيتحقق لاحقا وليس الآن"، بحسب رؤية صاحب دار العربي للنشر والتوزيع،  بكر.

أما بالنسبة لطرق الدفع، فهناك بالفعل تجارب حققت نجاحا ملموسا مثل تسديد ثمن الكتب من خلال شركات الهاتف المحمول سواء من رصيد العميل أو عن طريق بطاقات شحن خاصة، وبالتأكيد ستتوفر وسائل أخرى في المستقبل“.

ولا تختلف أمنيات الكتاب والمؤلفين كثيرا عن أمنيات قرائهم إذ يودون تذليل مختلف العقبات من أجل فتح سوق جديد لهم، يعتبرونه مكملا لإصداراتهم الورقية وحافزا على إنتاج المزيد من الأعمال.

وأكد الروائي المصري أشرف الخمايسي الذي تحولت أحدث رواياته "ضارب الطبل" إلى كتاب مسموع عبر تطبيق "إقرأ لي" لـ"رويترز" أن "فكرة الكتاب المسموع تبدو لي جيدة لأن معظم الناس مشغولة طوال الوقت ولا تجد متسعا لمسك كتاب والتفرغ لقراءته، وهنا تكون الأذن أقرب إلى الاستمتاع بالأعمال الأدبية والروائية (...) القارئ الذي اعتاد مطالعة الكتاب بعينيه يشتري الكتاب المطبوع أو يحصل على أحدث الإصدارات من خلال الكتب الإلكترونية والتي توفرها تطبيقات ومواقع كثيرة لكن الكتاب المسموع يستهدف فئات جديدة معظمها من الشباب كما أنه يخدم فئات كانت حتى وقت قريب مهمشة مثل المكفوفين الذين كانوا يحصلون على محتوى الكتب بصعوبة".

وقال الخمايسي: "أظن أن الكتاب المسموع سيدفع المؤلف أيضا نحو مزيد من الإبداع وسيزيد من إنتاجه لأنه ينقل أعماله إلى فئات جديدة لم تكن تقرأ بالأساس"، لكنه يرى في الوقت نفسه أن ”الكتاب المسموع لن يكون بديلا عن الكتاب الورقي، فالكتاب المسموع مكمل للكتاب الورقي".

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024