الرئيسة/  ثقافة

دار مسعى للنشر .. حكايات ما بين الكويت والبحرين وكندا!

نشر بتاريخ: 2018-05-22 الساعة: 09:20

رام الله- الايام- تأسست دار "مسعى" للنشر العام 2008، لتحتفل هذا العام بعشر سنوات على تأسيسها في مشوار وراءه حكاية بل حكايات، فالدار تأسست بداية في الكويت، ولم يكن تأسيسها حينها كدار نشر تجارية، بل هي عبارة عن مبادرة أو حركة ثقافية بدأها مجموعة من الشباب أشبه بملتقى ثقافي يسعى إلى نشر وتعميم الثقافة، لكن وبعد شهرين على هذه الانطلاقة باتت "مسعى" دار نشر بدأت أول منشوراتها بالاشتراك مع دار نشر أخرى.
فترة التأسيس هذه في الكويت استمرت ثلاثة أعوام، وفق صاحبها محمد النبهان، تخللها العديد من الصعوبات، خاصة أنه كان مجالاً جديداً بالنسبة لنا نحن المؤسسين .. بعدها انتقلت للعمل في البحرين، وشعرت بإمكانية نجاح الدار هناك، حيث التسهيلات في الأمور المتعلقة بصناعة النشر من طباعة وسهولة في الحصول على الورق، وغير ذلك، فأعدت تأسيس الدار مرة أخرى في البحرين بوجود شريك بحريني .. لم يكن توقفاً كاملاً، بل كان ثمة إصدارات قليلة وبحذر شديد كنوع من اكتساب الخبرة.
عملنا لأربع سنوات في البحرين، ثم لم تستمر الشراكة، فحولتها بذات الاسم "مسعى" إلى دار نشر كندية، باعتبار أنني أحمل الجنسية الكندية، وأعيش في كندا منذ العام 1995، وإن بصورة غير متواصلة، فأعدت في العام 2016 تأسيسها في أوتاوا تحديداً، وهنا، والحديث لـ النبهان، بدأ للدار فلسفة جديدة، وبدأت قادرة على استيعاب النشر في مجالات أوسع من تلك التي عملنا في إطارها بالكويت والبحرين، مع أن هذا لا يلغي أننا منذ التأسيس بالكويت مروراً بالبحرين إلى أن استقرت الدار في كندا نشرنا في صنوف معرفة أخرى غير الآداب بأنواعها، لكنها كانت قليلة كمياً.
في كندا انفتحنا على موضوع الترجمة بشكل أكبر، وبات هناك تحديد لبعض المفاهيم بتركيز أكثر كدار محكّمة، حيث تتم قراءة أي عمل قبل النشر من قبل لجنة اختيار لها رؤيتها وفلسفتها وخطها الفكري، وهو إبداعي بالأساس .. "الإبداع أساس التقييم، ولا محظورات مسبقة فيما يتعلق بالنشر، فالمنتج الصادر عنا نأمل أن يحمل من الإبداع ومن القيمة الفكرية ما يشكل إضافة للمكتبة العربية"، علاوة على طاقم لتحرير الكتب، و"لا مجاملات في النشر، حيث رفضنا العديد من المخطوطات التي طرحت علينا لنشرها عبر الدار".
ولا يفكر النبهان بما وصفه "الكتّاب النجوم"، فنحن "ندعم الإبداع بصرف النظر عن الاسم"، فلسفة الدار لا تقوم على استجلاب "الأسماء الكبيرة أو ذات الحضور على المستوى الجماهيري وعلى مستوى المبيعات"، لافتاً إلى أن "الدار في النهاية ذات صبغة تجارية تهدف إلى الربح كي تستمر، ولا اعتراض على فكرة اقتناص كتّاب معروفين، لكن قبل كل هذا ما يهمنا المحتوى الذي يستحق النشر"، كما "أفكر في قطاع كبير من المبدعين المظلومين على مستوى النشر، وخاصة جيل الشباب .. نفكر بالكتّاب النجوم، لكنه ليس هاجساً".
وحول المشاركات في المعارض، أشار النبهان إلى أن البدايات لغالبية دور النشر العربية لا تمكنها من المشاركة المنفردة في مختلف معارض الكتب بالعواصم العربية، نظراً لتكلفة ذلك، وعدم قدرة دور النشر الناشئة على تغطية هذه التكاليف بالمبيعات .. "نشارك منذ التأسيس في البحرين بالمعارض الخليجية لقربها جغرافياً، وبالتالي قلة التكاليف فيما يتعلق بشحن الكتب على وجه الخصوص، وعربياً نشارك غالباً عبر وكيل، وأحياناً نتبادل الوكالات بيننا وبين ناشرين أصدقاء، لكون هدفنا المشترك توفر الكتب من منشوراتنا في هذه المعارض".
ووصف النبهان سؤال "أيام الثقافة" حول حركة النشر العربية بـ"المربك جداً"، قبل أن يجيب: هناك الكثير من التفاصيل فيما يتعلق بالإجابة عن هذا السؤال، وربما يختلف الأمر من دار نشر لأخرى، إلا أن هناك من يعمم بأن الناشر خاسر في الغالب، لكني لست مع هذا الطرح، فهناك دور نشر عريقة وأخرى جديدة تعمل وتجتهد وتنهض وتكبر وتحقق حضوراً واسماً وشهرة في عامين أو ثلاثة أحياناً .. في السنوات العشر الأخيرة ظهرت دور نشر كثيرة، وهناك دور نشر باتت من الأكثر أهمية عربياً خلال فترة وجيزة، وهذا يرتبط بالاجتهاد من جهة وبوضع وتطبيق فلسفة ورؤية حقيقية للدار، مضيفاً: مشكلة القراءة أو الإقبال على قراءة الكتاب الورقي مشكلة عالمية، وهي تزداد حدة في الدول العربية حيث نسبة القراءة قليلة للغاية.
ولا ينكر أن الجوائز الأدبية ساهمت بعض الشيء في تحريك الراكد على مستوى القراءة، لكن الأمر يبقى مقتصراً على الأعمال الفائزة أو المتنافسة على هذه الجوائز، ونسبتها من مجمل ما ينشر عربياً لا يذكر بتاتاً، وهذه ظاهرة عالمية .. العديد من منشوراتنا نافست على جوائز ودخلت إلى القوائم النهائية، وهناك من حصل منها على جوائز أيضاً، لكن حركة الجوائز، ورغم إضافتها قراء جددا، إلا أن هؤلاء القراء يبحثون عن كتب بعينها ولفترة وجيزة .. الجوائز ليست هاجس الناشر الحقيقي، باعتقادي يجب أن يكون هاجس الناشر الحقيقي تسويق الكتاب، فالأزمة أزمة مكتبات وليس دور نشر، حيث تتجه المكتبات لعناوين رائجة تضعها في واجهة العرض، وهذا قد يبرر تراجع مبيعات المجموعات الشعرية عربياً وعالمياً، وهذا 
وللنبهان موقف متشدد من منع أي كتاب من معرض كتاب هنا أو هناك، واصفاً ذلك بالظاهرة غير الصحية بتاتاً، خاصة أن منع الكتاب من المشاركة في معرض أو من بيعه في المكتبات أو حتى من دخول البلد لن يحول دون دخوله في ظل تطور وسائط التكنولوجيا، حيث لم يعد بالإمكان السيطرة، فلماذا المنع الذي هو ظاهرة ليست حضارية على الإطلاق، خاتماً بأن الانتقالات الخاصة بالدار من الكويت إلى البحرين إلى كندا كانت بمثابة علاجات لكل تبقى الدار على قيد الحياة.

amm
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024