الرئيسة/  مقالات وتحليلات

استقاء العبر من اليوم الأول لمسيرة العودة

نشر بتاريخ: 2018-03-31 الساعة: 11:35

د. خالد معالي فكرت غزة وخططت، وحركت المياه الراكدة، وانطلقت من طور استقبال الحدث وتلقي الضربات، الى صنع الاحداث والتحكم في مساراتها، ونجحت بامتياز في يومها الاول من مسيرة العودة الكبرى، حيث اجبرت رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، "غابي ايزنكوت"، ومعه آلاف الجنود الحضور صاغرا على محيط غزة، ليرتكب جريمة حرب بقنص 15 شابا مدنيين وعزل، كانت كل جريمتهم أنهم شاركوا بمسيرة العودة الكبرى لوطنهم في ال 48.

دم الشهداء الذين استشهدوا في اليوم الاول من مسيرة العودة الكبرى، لا يمضي سدى، وهي تضحيات ليست بالمجانية، كما يروج قصار النفس، وأصحاب فكر الهزيمة والانبطاح والاندثار، بل هو دم زكي يضيئ الطريق لمن بعدهم من الشهداء، وان الارض ما بحرثها الى عجولها، وانتظار التحولات الاقليمية وان يهبط النصر من دون اعداد واستشهاد؛ هو عبث وغير مجدي، ولا يحرك الاوضاع ولا يصنعها، فها هي غزة مجددا توحد قوى الشعب الفلسطيني، فالمقاومة كانت دوما توحد ولا تفرق، بعكس المفاوضات التي حكمت الاحتلال اكثر وأكثر في رقاب الشعب الفلسطيني.

غزة التي كانت وما زالت تتلقى الضربات، وتنزف، بحصار جوي وبري وبحري، راحت تصنع الحدث باقتدار، ولا تنتظر وتصمت، وهي ترى الكل يحاصرها ويشدد من خناقه عليها، وراحت تحرك اوراق القوة التي تمتلكها، والحرية لها ثمن كبير وتضحيات، وهذا معروف في كل ثورات التحرر عبر التاريخ.

كل قوي مهما أوتي من قوة وجبروت له نقاط ضعف، والضعيف يمكن له بقليل من التفكير السليم معرفتها، واستثمارها لصالحه في معركة التحدي وطول النفس والوعي، ومعركة تحرير الارض الفلسطينية، والقوي لا تدوم قوته، والا لخرب الكون، وهذا ضد السنن الكونية في العالم قاطبة، وإرادة الله قضت بالعدالة والتوازن في كل شيئ، وبانتصار المظلوم على الظالم ولو متأخرا، وبعد ان تبلغ القلوب الحانجر.

اضرابات وحداد، ومسيرات واعتصامات، كلها ادوات مقاومة ان أجيد استخدامها في وقتها المناسب- هذا منوط بحكمة ومنطق القيادات- فان الاحتلال يمكن له ان يهزم، ولو بالنقاط عبر عمل تراكمي، وفي جولات لاحقة، مخطط لها جيدا وليست عشوائية.

استدعاء الاحتلال آلاف الجنود على طول الشريط الحدودي مجهزين بالمعدات العسكرية، ومئات القناصة، وقيامهم بقنص مدنيين عزل، يشير الى مدى خوف وهشاشة الاحتلال، الذي لا يرى غير القوة والقمع والقتل في حماية نفسه، وهو ما عرى المجتمع الدولي الذي لم يقدر ان يدين مجزرة بشرية عبر مجلس الامن.

من يكون يمارس القوة والبطش والارهاب، ويظلم الناس، ولا  يرى غير نفسه، سريعا ما يهزم هزيمة نكراء، كون القوة الظالمة المتجبرة المجرمة، لا تدوم قوتها لزمن طويل، بل زمن قصير، والقوة الخيرة التي لا تظلم وتمارس العدل وتريد حقها تدوم وتدوم، ويذكرها التاريخ بخير، بعكس كل ظالم متجبر متغطرس.

كان بإمكان غزة ان تجعل ذكرى يوم الارض مجرد ذكرى عادية، وتمر مرور الكرام، مع بعض بيانات الشجب والاستنكار، والاعتصامات والمناشدات كما جرت العادة، وكفى الله المؤمنين شر القتال، ولكنها ابدعت في مقاومتها السلمية الموجعة للاحتلال، دون التخلي عن المقاومة والاستعداد للحرب القادمة التي حتما سيفرضها الاحتلال عليهم، كما فرض ثلاث حروب عدوانية على غزة سابقا، فهو اصل البلاء وكل الشرور.

لن تهدأ المنطقة، ولن تتوقف الحروب، ما دام الاحتلال جاثما فوق صدور الشعب الفلسطيني والارض المقدسة، ولا يريد اعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، وغدا سيرغم "نتنياهو" وزمرته الظالمة المجرمة، على انهاء احتلاله، فالأيام دول، والزمن يتغير ويتبدل، ودوام الحال من المحال، قولوا : يا رب.

Anw

التعليقات

Developed by MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024