الحياة.. من دون وطن ليست حياة!
نشر بتاريخ: 2025-03-31 الساعة: 00:27
- حسن حميد
نعم، لدي، وأهلي، عشرات الأسئلة المحيرة التي سألناها، وما زلنا نسألها منذ 76 سنة وحتى اليوم، لماذا هذا الحقد الإسرائيلي تجاهنا، ولماذا يزداد كلما كرت الأيام، ولماذا يزداد كلما تراكمت الأسلحة الذكية في المستودعات الإسرائيلية، ولماذا يزداد كلما حاولنا، وبشتى الطرق، أن تصير فلسطين كما كانت قبل 76 سنة، بلادا للعمران، والسلام، وجغرافية للمحبة يأتي إليها الناس، طلابا للحكمة والعلم والتاريخ والمودة والعرفان، كيما يرموا أحمال الحياة التي عذبتهم، وأنفاس الشهوات والغرائز التي غررت بهم، وزلات الأفعال الناقصة التي أقلقت راحتهم.
لقد عرفت بلادنا الفلسطينية المحبة التي زرعناها قمحا، وشعيرا، وبيارات برتقال، وأشجار خروب ونخيل، وورودا وزنابق، ونعناعا وحبقا، مثلما عرفت العمران الزاهي والجميل والآبد في الصحارى، والقرى، والبلدات، والمدن، وأنسنت بلادنا العزيزة كل عاص، وصاحب توحش، وجبار، ومحتاز علىالقوة العمياء، أنسنت الآنهار الهابطة من أعلى أعلى الجبال، والبحيرات التي عم فيضانها القرى والبيوت والحقول، وأنسنت الأودية حين زرعتها باللوزيات والتفاح، وأنسنت الجبال حين جعلتها شرفات آمنة تشرب في مقاعدها القهوة أم الروائح الزواكي.. وأنسنت البحر العظيم حين أحاطته بالصخور العاليات وعقلنته حين جعلت له خرائط للدروب والاتجاهات والرياح، وعرفت بلادنا العزيزة منذ بداية الخلق والعمران معنى الحوار والتجاور، فكانت علاقاتها حسنة مع أهل الرافدين، والشام، وأنطاكية، والإغريق، والرومان، والفراعنة، وعرفت منذ بداية البدايات، أسرار العلاقة ما بين المائين، ماء السماء، وماء الأرض، وعرفت الطيابة في الأزهار البرية والأزهار المزروعة وأرغفة الخبز، مثلما عرفت بأن كل قادم للأرض الفلسطينية سواء من البر أو من البحر هو ضيف! والضيف في القدس ضيف .. وكفى.
لكن الحال مع الإسرائيليين، ومنذ قرن من الزمان كانت تقابلية عجيبة وغريبة ومدهشة وذات مفارقات لا يمكن وصفها، ولا الرضا عنها؛ أولها كانت مع الإسرائيليين الذين جاؤوا بصور وهيئات مختلفة، منها اللجوء وطلب الأمان، والتدين، والمسكنة، والفقر، أما أبداها فهي العلاقة مع يعقوب الذي جاء بأهل بيته إلى فلسطين قاطعا الأميال مشيا، ومتجاوزا بلدات وقرى كثيرة، لكي يقربه المقام في فلسطين، وقد سمع من أجداده وآبائه بأنها بلاد عمران، ومعارف، ومؤانسة، فما كان من قومه، وبعد أن سكنوا وقروا في نابلس، إلا أن ارتكبوا أفظع جريمة عرفها التاريخ القديم، حين قتلوا ذكور الفلسطينيين جميعا، وفي ساعات، بعد أن طلبوا منهم أن يقوموا بطقس (الطهور)، لقد قتلوهم جميعا في أفرشتهم، لأنهم كانوا عاجزين عن الحركة، وذلك القتل كان أغلى مهر في التاريخ يدفع لعروس اسمها (دينا) ابنة يعقوب، وأخت الأسباط الاثني عشرة؛ وقد تتالت جرائمهم واستمرت حتى غدت صيغة عيشهم، وسمة واسمة لسلوكهم، وحال تعبير عن احقادهم الحامضية، لقد قتلوا أبناء بلادنا الفلسطينية كلما صارت لهم عصا، وقد أمعنوا في قتلهم من دون سبب، ومن دون مطالب اقتصادية أو دينية أو سياسية أو اجتماعية، بل هم لا يعرفون أسباب احترافهم للقتل، وإيمانهم المطلق بدور الأحقاد والكراهية الملازمة لحياتهم ومعايشهم، والعجيب والغريب، في آن، هو أنهم ومنذ الأزمنة البعيدة، يبكون ويتمسكنون ويرجون ويشترون من كل مكان..العصي والحراب والرماح والسيوف.. وصولا إلى المفاعلات النووية والطائرات حاملات القنابل التي زنتها بالأطنان، من أجل أن يستحوذوا بالقوة على الجغرافية الفلسطينية، وقد خزنوها من أجل قتل الفلسطينيين كلما تعالت مداميك أحقادهم، وتنادت شهواتهم لسفك الدم الفلسطيني، وهذا ما يجري منذ 76 سنة، كمشهد واحد ومتصل، وحتى ساعتنا الراهنة، لكأن حياتهم ومعايشهم قائمة على سفك الدم، والظلم، وخيانة المعاهدات والاتفاقيات، لقد هجروا سكان أكثر من ألف قرية فلسطينية في عامي 1947-1948، حين زرعوا القنابل والديناميت في أركان بيوت القرى ومحيطها ودروبها من أجل نشر ثقافة الإخافة بين الأهالي بعد أن امتلكوا الكثير الكثير من الأسلحة الساقطة من أيدي عساكر الحرب العالمية الثانية، لقد اشتروها بأموال البنوك التي افتتحوها في ألمانيا، والنمسا، وفرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت الحرب العالمية الثانية (البروفا) الأوفى كي يطبقوها على اهل فلسطين فهجروا مليون فلسطين إلى المنافي القريبة والبعيدة، وها هم منذ 76 سنة، يقترفون الجرائم والمجازر نفسها، وينشرون ثقافة الإخافة والبطشوالتعصب والتطرف، كي يقنعوا بها أنفسهم بأن الأرض الفلسطينية لهم، وهم بجرائمهم ومجازرهم يحمونها، وكأن الفلسطينيين غرباء هبطوا فجأة من كوكب آخر، غير كوكب الأرض، وأن عليهم واجب طردهم وتهجيرهم وتشريدهم ودفنهم أحياء في القبور، والبيوت، والشوارع، والمدراس، والمعابد، والحقول!
لا، يا أيها الجاهلون، كفاكم عماء وجهلا وكذبا وإدارة ظهور للتاريخ والجغرافية، والانثربولوجيا، فأول متريين من تراب فلسطين اشتريتموها بالفضة، ليكونا قبرا لـ (سارة)، وأول بيت اشتريتموه في منطقة البيادر ا
mat