الرئيسة/  مقالات وتحليلات

كيف تروّج خوارزميات إنستجرام وتيك توك للمحتوى الصادم وغير الأخلاقي؟

نشر بتاريخ: 2025-03-25 الساعة: 04:47

 

مريم شومان


في عصر الهيمنة الرقمية، لم يعد نجاح المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي مرتبطًا بجودته أو قيمته الثقافية، بل أصبح مرهونًا بمدى قدرته على إثارة التفاعل السريع، بحيث ان "ريلز" مثل تيك توك وانستجرام تعتمد على خوارزميات ذكية تتحكم في انتشار المحتوى، لكنّ اللافت للنظر أنّ هذه الخوارزميات تفضّل المحتوى الصادم والمثير للجدل مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على المستخدمين والمجتمع ككل.

هذا يقودنا لطرح سؤال: كيف يحدث ذلك؟ ولماذا تفضّل الخوارزميات هذا النوع من الفيديوهات على غيره؟

 

كيف تعمل خوارزميات تيك توك وإنستجرام؟

تعتمد هذه المنصات على خوارزميات معقدة ومصممة لجذب انتباه المستخدمين لأطول وقت ممكن، إذ تقوم هذه الخوازميات بتحليل سلوك كل مستخدم، مثل مدة المشاهدة، التفاعل(إعجابات، تعليقات، مشاركات)، وعدد مرات إعادة تشغيل الفيديو، ثم تعرض له المحتوى الذي يثير اهتمامه أو يحفّزه على التفاعل بغض النظر عن مدى أخلاقيته.

 

لماذا تروّج الخوارزميات للمحتوى الصادم وغير الأخلاقي؟

إن التفاعل العالي يزيد من انتشار المحتوى الصادم والمثير للجدل يولّد تفاعلًا أكبر من المحتوى العادي، سواء من خلال الإعجاب أو التعليقات أو حتى الانتقاد، وعندما ترى الخوارزميات أن الفيديو يحقق تفاعلًا واسعًا؛ تقوم بعرضه على المزيد من المستخدمين ليحصل على مشاهدات أعلى.

 

مشاهدات أطول.. أرباحٌ أكبر

عند مشاهدة مقطع فيديو غير متوقع أو صادم، يميل المستخدم إلى إعادة تشغيله أو تصفح التعليقات لفهم ما حدث، مما يزيد من مدة بقائه على المنصة، وكلما طالت مدة الاستخدام والتصفح زادت أرباح الإعلانات التي تحققها الشركة المالكة للمنصة.

 

الفضول البشري يضخّم المحتوى الجدلي

يميل الناس بطبيعتهم إلى الاهتمام بالمحتوى غير التقليدي، سواء كان مخالفًا للقيم المجتمعية أو يحتوي على سلوكيات غير أخلاقية، هذا الفضول يجعل المستخدمين يشاركون الفيديوهات مع أصدقائهم مما يؤدي إلى انتشارها بشكل فيروسي.

 

سهولة إنشاء المحتوى المثير للجدل

مقارنة بالمحتوى الهادف، فإن إنشاء محتوى صادم لا يتطلب مجهودا كبيرا، حيث يكفي أحيانا استخدام لقطات مثيرة أو ألفاظ غير لائقة لجذب الانتباه مما يجعل الكثير من المستخدمين يلجؤون إلى هذا الأسلوب لتحقيق المتابعات الكثيرة والشهرة السريعة.

 

نتائج سلبية

إن تطبيع السلوكيات غير الأخلاقية يرافقها كثرة مشاهدة هذا النوع من المحتوى قد يصبح غير المقبول مألوفا لدى المستخدمين خصوصا المراهقين والشباب، كما يؤدي ذلك إلى تعزيز القيم السطحية من خلال التركيز على الإثارة والمشاهد الجريئة التي من شأنها أن تضعف من أهمية المحتوى القيّم والمفيد.

أضف إلى ذلك، حدوث تأثير سلبي على الصحة النفسية، إذ ان التعرض للمحتوى الصادم قد يؤدي إلى مشاكل مثل القلق والتوتر خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة.

 

كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة؟

من المهم أن يفهم المستخدمون كيفية عمل الخوارزميات وتأثيرها على المحتوى الذي يشاهدونه من خلال زيادة الوعي الرقمي، كما أنه من الواجب تشديد سياسات المنصات، بحيث تحتاج الشركات المالكة لهذه التطبيقات إلى فرض قيود أكثر صرامة على انتشار المحتوى غير اللائق.

كما أن دعم المحتوى الإيجابي بحيث يُمكن للمؤثرين وصناع المحتوى تقديم بدائل جذابة تحترم القيم والأخلاق دون اللجوء إلى الأساليب الصادمة.

 

الخلاصة

رغم أن خوارزميات إنستجرام وتيك توك لا تروج صراحةً للمحتوى غير الأخلاقي، إلا أن تصميمها القائم على تعزيز التفاعل يجعلها تميل إلى دعم هذا النوع من الفيديوهات بشكل غير مباشر، ورغم أن هذا المحتوى قد يكون مربحًا للمنصات، إلا أن تأثيره على المجتمع، خصوصًا على الفئات الشابة، قد يكون مدمرًا.

لذا، فإن الوعي بهذه الآلية واتخاذ خطوات عملية لمواجهتها أصبح أمرًا ضروريًا لضمان بيئة رقمية أكثر أمانًا وتوازنًا.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025