الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المرأة الفلسطينية في الدبلوماسية والقيادة السياسية

نشر بتاريخ: 2025-03-09 الساعة: 23:54

 

دلال صائب عريقات

رغم أن المرأة الفلسطينية تشكل 49.3% من إجمالي عدد السكان، وتمتلك أعلى نسب التعليم، إلا أن تمثيلها في القيادة السياسية لا يعكس هذا التقدم. وفقًا لتقرير وزارة شؤون المرأة لعام 2025، بلغت نسبة مشاركة النساء في المناصب القيادية 14.9% فقط.

المرأة في القطاع الحكومي: تمثيل عددي ولكن تغييب قيادي. تشير البيانات إلى أن تمثيل النساء في القطاع الحكومي يقارب تمثيل الرجال، حيث بلغت نسبة النساء العاملات في الوظيفة العمومية 44.6%  مقابل 50.4%  للرجال، مما يعني أن النساء يشكلن تقريبًا نصف القوى العاملة الحكومية. ومع ذلك، فإن تمثيلهن في المناصب القيادية العليا لا يزال ضعيفًا للغاية.

* تمثيل المرأة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منعدمة وتمثيل المرأة قي مواقع قيادة الأحزاب المختلفة منعدمة، في رئاسة البلديات منعدمة، تمثيل المرأة في رئاسة الجامعات منعدمة، في رئاسة المؤسسات البنكية منعدمة، في رئاسة الغرف التجارية منعدمة، في المناصب الاستشارية للرئيس أو رئيس الوزراء منعدمة. 

* في المحافظات الفلسطينية، نجد محافظة واحدة من أصل 16 ، مع عدد قليل جدًاً من النساء اللواتي يشغلن مناصب قيادية في الحكم المحلي، في السلك الدبلوماسي الفلسطيني، ورغم أن 57%  من العاملين في وزارة الخارجية هن نساء، بوجود 15 سفيرة، لا تتجاوز نسبة السفيرات الفلسطينيات 11%، مما يعكس استمرار الفجوة بين التمثيل الكمي والقيادي.

* في الوظيفة العمومية، يشكل الرجال 86%  من وكلاء الوزارات، بينما لا تتجاوز نسبة النساء في هذا المنصب 4.8%  فقط. بينما تتبوأ النساء 26%  من المناصب الإدارية العامة. 

* تمثيل المرأة ضعيف جداً على مستوى رئاسة الهيئات والنقابات والاتحادات والجمعيات ومجالس الإدارة والشركات. 

تشير هذه الأرقام إلى أن المرأة الفلسطينية تواجه فجوة بين المستوى التعليمي والتقدم المهني الإداري والسياسي. فبينما تشكل النساء الغالبية العظمى في الجامعات الفلسطينية، حيث يتجاوز عدد الطالبات الجامعيات 60%، لا يترجم هذا التفوق الأكاديمي والتحصيل العلمي إلى حضور متساوٍ في مواقع صنع القرار.

الاحتلال عائق مضاعف أمام المرأة الفلسطينية، إلى جانب العقبات المجتمعية مثل الهيمنة الذكورية والبنية البطريركية، وانعدام الإرادة عند صانع القرار، تواجه المرأة الفلسطينية تحديًا إضافيًا يتمثل في الاحتلال الإسرائيلي. فالعنف الممنهج، والاعتقالات، وهدم المنازل، والحصار والحرمان، جميعها عوامل تؤثر بشكل مباشر على فرص النساء في القيادة والمشاركة السياسية والاجتماعية.

الأرقام الأخيرة، تكشف عن مأساة حقيقية: منذ اكتوبر 2023، 70% من الضحايا الفلسطينيين كانوا من النساء والأطفال.

 حرب الإبادة في غزة أدت إلى تشريد مئات آلاف النساء، بعضهن فقدن أزواجهن وأطفالهن، مما جعل منهن الناجيات الرئيسيات والمسؤولات عن إعادة بناء المجتمع. وهنا أريد التأكيد على دور المرأة في المصالحة وإعادة الإعمار. رغم كل التحديات، المرأة الفلسطينية ليست مجرد ضحية، بل هي ركيزة أساسية في إعادة بناء النسيج الاجتماعي والوطني. فالنساء هن الأكثر تضررًا من الاحتلال والحرب، لكنهن أيضًا الأكثر قدرة على إعادة البناء، وترميم الجروح، وإعادة إحياء المجتمع.

لذلك، لا يمكن تحقيق مصالحة وطنية حقيقية دون إشراك النساء في عمليات صنع القرار. يجب أن يكون لهن دور مركزي في إعادة الإعمار، والمصالحة، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية، ليس فقط لأنهن نصف المجتمع، ولكن لأنهن يمتلكن القدرات المعرفية والخبرات العلمية والعملية والمؤهلات والكفاءات اللازمة كما أثبتن عبر التاريخ أنهن القوة التي تحفظ الهوية الوطنية وتصنع التغيير.

المرأة الفلسطينية هي الصمود، وهي الإرادة، وهي الحاضر والمستقبل. إن دعم تمكينها في مواقع القيادة استثمار في بناء دولة فلسطينية قوية ومستقلة. بينما يحتفل العالم بإنجازات النساء في الثامن من آذار، يظل الواقع الفلسطيني تذكيرًا صارخًا بأن نضال المرأة الفلسطينية ليس فقط من أجل المساواة، بل من أجل البقاء والحرية والكرامة الوطنية. يجب أن يكون تعزيز مشاركتها في القيادة السياسية والاقتصادية أولوية وطنية ودولية، ليس فقط لتحقيق العدالة، ولكن لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة لفلسطين وشعبها.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025