الرئيسة/  الأخبار

سفير فلسطين في دمشق د سمير الرفاعي : الرئيس الشرع  أكد لنا أن العلاقة مع الفلسطينيين ستكون عبر القنوات الرسمية فقط

نشر بتاريخ: 2025-02-08 الساعة: 02:06

.
 

صفحة جديدة مع القيادة السورية

لقاء مع الدكتور سمير الرفاعي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سفير فلسطين في دمشق 

 اجرى اللقاء : اوس ابو عطا 

بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتولي سلطات جديدة قيادة البلاد، يأمل الفلسطينيون في تخطي المضايقات التي طالتهم وطالت عمل ممثليهم السياسيين وبناء علاقات أفضل مع القيادة الجديدة.. فالحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع تعمل على طمأنة دول الجوار بشأن سياساتها الداخلية والخارجية. وتلقت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح رسائل مماثلة بعد لقاء وفد فلسطيني بقيادة رئيس الوزراء محمد مصطفى وسفير فلسطين لدى دمشق الدكتور سمير حسين الرفاعي بالرئيس السوري أحمد الشرع.

ولِد الدكتور سمير الرفاعي في العام 1952 في قرية سحم الجولان على مقربة من الأراضي الفلسطينية المحتلّة، انتقلت عائلته المعروفة بتاريخها النضالي الحافل إلى العاصمة السورية دمشق حيث ترعرع ودرس، إلى أن تخرّج من كلية طب الأسنان في العام 1976. اعتقله النظام السوري السابق أكثر من مرة لانتمائه لحركة فتح، انتخب كعضو لجنة مركزية لحركة فتح في العام 2016، وفي العام 2021 تم تعيينه سفيرا لدولة فلسطين في سوريا.

 -أمضيت وأنت الطبيب ما يقارب سبعة أعوام في معتقلات النظام السوري السابق، كم كنت تبلغ من العمر عندما اعتقلت، ولم تمّ اعتقالك، وهل هناك إحصائية لعدد المعتقلين الفلسطينيين في تلك الفترة الزمنية؟
* اعتقلني النظام السوري في العام 1983 لحوالي شهر، وفي المرة الثانية تم اعتقالي في العام 1985 وأفرج عني في العام 1991. كنت أبلغ من العمر 33 عاما. اعتقلوني من عيادتي الطبية في مساكن برزة وأنا أرتدي لباس الأطباء (المريولة البيضاء) وسبب اعتقالي هو انتمائي لحركة فتح، حيث كانت تهمة (عرفاتي) تودي بصاحبها إلى السجن لأعوام مديدة. وبالنسبة للعدد فهو الآلاف ليس فقط في الساحة السورية بل ومن الساحة اللبنانية أيضا. واكتظت سجون ومعتقلات النظام السوري السابق بأبناء الحركة من سياسيين وعسكريين.
-من المعروف أن النظام السوري في حقبة الأسدين (الأب والإبن)، بذل قصارى جهده لشق منظمة التحرير الفلسطينية وإضعافها باستهداف قياداتها واعتقال كوادرها وحصارها عسكريا ونهبها اقتصاديا كما حدث في تل الزعتر وحرب المخيمات ومصادرة أملاك منظمة التحرير وهذا يتقاطع مع الرغبة الإسرائيلية عينها، حسب وجهة نظرك لماذا أرادت و تريد كل من إسرائيل والنظام السوري السابق ذلك؟
*. نحن دائما كحركة فتح ومنظمة التحرير ننتهج سياسة ياسر عرفات رحمه الله في دمل الجروح وتجسير الهوّة بيننا وبين الأنظمة العربية، وتأذينا كثيرا من هذه الأنظمة حتى الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر اختلفنا معه وكنا حريصين دوما على تسوية أي خلاف مع أي نظام عربي، ولكن أكثر نظام اختلفنا معه هو النظام في سوريا والنظام في العراق ودام الخلاف معهما لفترة طويلة، أبدينا رغبة واضحة لتسوية هذه الخلافات بسبب وجود أكثر من نصف مليون فلسطيني في سوريا وهناك عامل ضاغط آخر لأن النظام السوري معروف ببطشه وقسوته، وحقيقة أطول فترة من القطيعة والخلاف كانت مع الأسدين الأب والابن.
نحن كحركة فتح ننتهج سياسة ياسر عرفات في تجسير الهوّة، رغم  اختلافنا مع النظام السابق في سوريا
غني عن البيان أن النظام السابق ونظام القذافي في ليبيا كانا بشكل مباشر خلف الانقسام داخل حركة فتح في العام 1983، حيث قام الأوّل بتقديم التسهيلات على الأرض والثاني بالتمويل لشق حركة فتح وبالتالي لشق منظمة التحرير الفلسطينية والساحة الفلسطينية ككل، وهذا ليس الخلاف الأول مع النظام السوري السابق، كانت هناك معارك في العام 1976 عندما دخل الجيش السوري إلى لبنان، حاول جاهدا إلغاء دور منظمة التحرير والحركة الوطنية اللبنانية.

وعند الحديث عن الصدام الأول فهو يعود إلى العام 1966 عبر محاولته الأولى لاحتواء حركة فتح و وضعها تحت عباءته من خلال الشهيد يوسف عرابي الذي كان يعمل مع حافظ الأسد.

- تحمل مؤسسة أسر الشهداء والجرحى رمزية خاصة لدى الشعب الفلسطيني، فهل تأثر عملها خلال السنوات السابقة، وكم عدد العائلات السورية والفلسطينية التي تتلقى راتبا منتظما من المؤسسة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
* تأثر عمل هذه المؤسسة في بدايات الانشقاق، وتم سجن مسؤول المؤسسة حينها أبوإسماعيل الكحلوت رحمه الله، وكانت محاولة من المنشقين المسنودين من النظام السوري للاستيلاء عليها، وقد تكررت هذه المحاولات في مؤسسات أخرى كالهلال الأحمر الفلسطيني والمدينة التعليمية لأبناء الشهداء في عدرا.
وبالنسبة لعدد العائلات هو في تناقص بسبب وفاة المستفيد، والد الشهيد أو والدته أو شقيقته لتقدمهم في السن، وعندما كنت مسؤولا عن هذه المؤسسة العريقة تجاوز العدد 6 آلاف أسرة مستفيدة من المخصصات التابعة للمؤسسة من فلسطينيين وسوريين وأردنيين ولبنانيين وعراقيين ويمنيين ومصريين وكويتيين وتونسيين.

 
الرئيس السوري الشرع مطّلع على القضية الفلسطينية ويعرف تماما جوانبها وخلفياتها وأبلغنا أنه قارئ جيد للتاريخ

- بما أنك كنت ضمن الوفد الفلسطيني الذي قابل الرئيس السّوري أحمد الشّرع، كيف تصف لنا أجواء اللقاء، بماذا تتميز الإدارة السورية الجديدة وما أبرز ما تمّت مناقشته بين الطرفين؟
* كان اللقاء إيجابيا، حيث التقينا برئيس مطّلع على القضية الفلسطينية ويعرف تماما جوانبها وخلفياتها، وخلال اللقاء أبلغنا أنه قارئ جيد لتاريخ القضية الفلسطينية، وتطرق لأبعاد خروج ياسر عرفات من حصار طرابلس في العام 1983 إلى مصر، تصور ذلك، أن يتحدث الرئيس السوري بهذا العمق وأنّه مدرك معنى وأهمية ذهاب ياسر عرفات إلى مصر خلال الحصار، أثار سعادتنا تعمّق الرئيس السوري الشاب بهذه التفاصيل وفهمه العميق لتحركات الشهيد عرفات وزيارته للرئيس المصري الراحل حسني مبارك لرفع الحصار عن شعبه، مع الأخذ بالعلم أن النظام المصري كان معزولا عربيا حينها، لكن ياسر عرفات حثّ الخطى ولم يعدم الوسيلة لفك الحصار عن شعبه في لبنان بشتى السبل والوسائل الممكنة.
خرجت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بسبب هجوم الجيش الإسرائيلي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وللأسف فالانشقاق الذي حدث في البقاع وفي سوريا نجح في إخراج عرفات ورفاقه من لبنان وانتهى الوجود الفلسطيني العسكري هناك بدعم مباشر من النظاميْن السوري والليبي وتطابق مصالحهما مع إسرائيل.

أنا مقيم في سوريا ولم أغادرها مع أنني كثير السفر بين دمشق ورام الله، لكنني آليت البقاء وعدم السفر خلال الفترة السابقة، ولأننا اعتدنا أن نبقى بين أبناء شعبنا وعلى رأس عملنا وألا نغادر في الأزمات. وأنا في الواقع متابع للأحداث من بدايات تحرّك قوات ردع العدوان من إدلب باتجاه حلب.

الإدارة السورية الجديدة تعبر عن الغالبية العظمى من أبناء الشعب السوري الشقيق مما يحقق طموحاته فقد ثار ضد الظلم الكبير نتيجة ممارسات النظام، وهذه مسالة هامة جدا، وهذه المرحلة من تاريخ سوريا الحديث تحتاج لعمل وجهد وبناء مؤسسات وترتيب أوراق وقضايا كثيرة، مع الأخذ بالحسبان أنها كانت مكانا لإثارة النعرات الطائفية وأصبحت أيضا مصنعا للكبتاغون بإدارة النظام السابق وإيران التي كانت متغلغلة في المنطقة، مما أدى لابتعاد سوريا عن عمقها العربي، وفي المقابل فإن القيادة السورية الجديدة أتت لترمم الوضع وإعادة نسج خيوط الأخوة مع المحيط العربي، وتحدث الرئيس أحمد الشرع عن رسائل طمأنة للجوار العربي وأنه لا يريد أي أزمات مع أحد بداية من دول الجوار أو الدول الإقليمية بشكل عام.

وفي سياق متصل، أبدت القيادة السورية تفهما للعمل الفلسطيني السياسي في المحافل الدولية المعتمد على الدبلوماسية والشرعية الدولية، وأنها ستنتهج ذات النهج السياسي والدبلوماسي مع الإسرائيليين بعد التوغل الأخير في الأراضي السورية بسبب عدم وجود التكافؤ العسكري.

وبخصوص العلاقة مع الفلسطينيين المقيمين داخل سوريا قالت لنا القيادة السورية بكل وضوح أنها ستكون عبر القنوات الرسمية أي مع السلطة الوطنية ومنظمة التحرير والسفارة الفلسطينية فقط.

- في تصريحات سابقة لك قلت “ لا يمكن أن نذهب مع الانقسام لأي انتصار ولو جزئيّ على مستوى القضية الفلسطينية، إذا أردنا أن نواجه الاحتلال بالتأكيد علينا أن نكون موحّدين.” كيف سينتهي الانقسام في الوقت الذي تتهم به منظمة التحرير الفلسطينية أنها تنأى بنفسها عن الصراع الدائر وحماس تفاوض لوحدها ولا تُشارك منظمة التحرير؟
* قنوات التواصل مفتوحة وموجودة ولا توجد قطيعة بيننا وبين حماس، وهناك تواصل مستمر مع كافة الفصائل، وفي المفاوضات الأخيرة كان مسؤول ملف الأسرى في منظمة التحرير والسلطة الوطنية قدورة فارس مشاركا، ولكن لم نكن أساسيين في هذه المفاوضات، فحماس هي من تمتلك الرهائن، عدم مشاركتنا سببه رغبة حماس في ذلك، ولكن أشدد هنا، لا توجد قطيعة بيننا وبين حماس ولا نسعى لقطيعة معها أو مع أي فصيل فلسطيني آخر. فالوحدة الوطنية هي مصلحة فلسطينية عليا ومطلب أساسي، لأن المرحلة القادمة خطيرة في الضفة الغربية والقدس وغزّة، وبدأت تتناهى إلى سمعنا مشاريع التهجير التي حذرنا منها منذ بدايات السابع من أكتوبر، والآن نسمع بالقرار الأميركي لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر وإلى ألبانيا وإندونيسيا، وفي الضفة الغربية بدأت سياسة تهجير قسرية بسبب هجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وإذا لم نكن موحدين كفلسطينيين من الصعوبة بمكان أن نواجه هذا المخطط المتطرف.
-ترفض الحكومة الإسرائيلية إقامة دولة فلسطينية بشكل قاطع، وقد أُنهك الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بسبب الحرب والضفة الغربية هي سجن حقيقي بوجود ألف حاجز إسرائيلي، كيف تعملون على تعزيز صمود الفلسطينيين داخل أراضيهم ومنع تهجيرهم؟
* المشروع الصهيوني يستهدف بالأساس الضفة الغربية (يهودا والسامرة)، انتشار المستوطنات والحواجز يمنع قيام دولة فلسطينية متصلة، وهذا موضوع تدركه غالبية القيادات في العالم، وصفقة القرن اعتقد الكثير أنها ذهبت مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الفترة الرئاسية الأولى ولكن على العكس هناك جهود مبذولة لتحقيقها فعليا على الأرض الفلسطينية وهي مشروع صهيوني قبل أن تكون صفقة أميركية، وهي أقصى ما يمكن أن يعطى للفلسطينيين وقد شبهها الرئيس محمود عباس بقطعة الجبن السويسرية، أي عبارة عن تجمعات فلسطينية ترتبط بشبكة مواصلات دون وجود رابط جغرافي في ما بينها، ولكن لا يمكن تسميتها بدولة.
في العقيدة الصهيونية لا مكان للفلسطينيين داخل فلسطين. الإسرائيليون بنوا دولتهم على نظرية أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وفي تقديري المواجهة الحقيقية تكمن في تعزيز بقاء الفلسطيني على أرضه وإعادة بناء منزله عندما يهدمه الاحتلال وهو ما نقوم به فعليا ونتواصل مع الكثير من الدول بخصوص إعادة إعمار غزة. أما في الضفة الغربية المحتلة فعلى سبيل المثال لا التحديد أعدنا بناء منزل عائلة أم ناصر أبوحميد في مخيم الأمعري في رام الله خمس مرات وأعدنا بناء منزل عائلة الشهيد عمر أبوليلى في سلفيت.

ولا تفوتنا أيضا أهمية استمرار مخصصات الشهداء و الجرحى والأسرى التي تعطى لهم ولعائلاتهم شهريا، تلك المخصصات التي تحاربنا دولة الاحتلال والولايات المتحدة بسببها، كما يجب أيضا تعزيز دور الأونروا في الأراضي الفلسطينية والتي تشن الولايات المتحدة حربا معلنة ضدها، لارتباط وجودها بقضية اللاجئين وحقهم بالعودة لوطنهم الأم فلسطين.

الأولوية اليوم هي تثبيت الفلسطيني وتعزيز صموده في أرضه وبساتينه، وحركة فتح هي صاحبة الرصاصة الأولى في العام 1965 ولهذا مازالت تدفع الثمن إلى اليوم.

-بعث وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وقطر برسالة مشتركة لوزارة الخارجية الأميركية أكّدوا فيها رفضهم القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، ماذا يعني لكم هذا الموقف؟
* نحن نؤيد هذا الموقف، ونؤيد الموقف المصري والأردني برفض مشروع ترامب والموقف العربي الرافض ككل، نتمنى ونأمل أن تصمد الدول العربية الشقيقة أمام مخططات ترامب، فالموقف العربي الحالي هو المطلوب فلسطينيا عبر الوقوف في وجه تهجير الفلسطينيين ودعم الحق الفلسطيني بالحصول على دولة مستقلة.
 

أوس أبوعطا
صحافي فلسطيني

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025