الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أبو مرزوق .. سياسة "ميكافيللي" وسياسي "كمسيلمة"

نشر بتاريخ: 2025-01-28 الساعة: 02:24

 

 موفق مطر


عندما يتجرأ أحدهم على تجريد "السياسة" من العدل والرحمة، والقيم الانسانية الأخلاقية، ويحترف الكذب والخداع، وطمس الحقائق، وتشويه الوقائع وتزويرها، بقصد تضليل الجماهير صاحبة المصلحة الأولى والأخيرة من السياسة، لا يمكن اعتباره إلا من اتباع ميكافيللي القائل في السياسة بأنه: "علم يجب أن يدار بضراوة الأسد ومكر الثعلب!" أي أنه شرعن السياسة الوحشية، وسياسة المراوغة بقصد الانقضاض على الفريسة (الانسان).. أما السياسة، كعلم نبيل، ووفقا لما نؤمن به، ونفهمه، ونطبقه عمليا، وحسب اجماع علماء الاجتماع، والمفكرين، فإنها: "فن حكم المجتمعات" والبحث المستمر، بعمق ودقة في ظروف الواقع، بقصد تغييره موضوعيا، لصالح المجتمع، ولا يتم ذلك، إلا بالارتكاز على علم  ومعرفة بكيفية اصلاح  ومعالجة الأمور، سواء تعلق الأمر بكيان سياسي، كالأحزاب والمنظمات، وغيرها، أو بالدولة، حيث تنظم العلاقة في المجتمعات المدنية، بين الحاكم والمحكوم بنصوص دستورية وقوانين جوهرها العدل واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، وضمان الحريات كافة، فالمستهدف في العملية السياسية هو الانسان المواطن، ونركز على (الانسان) حتى لا نسمح بأخذ المواطن الانسان، كمخلوق، يساق للذبح في مسالخ  ساسة مجردين من الأحاسيس والمشاعر الانسانية، ويتخذون من دمائه ومعاناته ودمار بيته وانكساره طقوسا، عاكسة لحقيقة وجوه مستخدمي المصطلحات الدينية والوطنية، العاملين على تحقيق مكاسب شخصية، وفئوية، ورسم هالة زعامة وبطولة مزيفة، في افظع جريمة استغلال، لثقافة المواطنة والوطن، والتضحية والفداء والصمود والبطولة...( الخ )، فالعلوم السياسية ركن من اركان العلوم الاجتماعية، التي اتفق روادها، على ان  علم السياسة يقتضي "القدرة على تحقيق الأهداف بأقل تكلفة وأفضل النتائج" هو ما يمكن وصفه بالعملية السياسية المرتكزة على علم ومعرفة تامة بالواقع، والأسباب، والظروف، والرؤية البعيدة للتداعيات المحتملة.

يمثل السياسي (رقم 2) في رئاسة حماس بالخارج، موسى ابو مرزوق، ما يصح تسميته سياسي كمسيلمة، محترف سياسة ميكافيللي، فالرجل – خلال حديث مع فضائية عربية - يعترف بأن منظومة الاحتلال الصهيوني العنصرية، قد اتخذت هجوم جماعته (حماس) في 7 اكتوبر2023  لتطبيق خطة (الابادة) المبيتة لاحتلال وتدمير قطاع غزة، وإخراجه من دائرة الحياة الصالحة للإنسان، وقتل وجرح مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين، لكنه وبإصرار قد قال: "إن نتنياهو (اسرائيل) لم يحقق أيا من أهدافه، مستشهدا بذلك على استعراض مسلحين من كتائب جماعته اثناء تسليم اربع اسيرات اسرائيليات يوم السبت الماضي، قائلا: "إن حماس بخير" فأقر بسقوط واندثار شعار جماعته: "المقاومة لحماية الشعب" لأن الوقائع، والواقع يثبتان أن ملايين من الشعب الفلسطيني في غزة قد تم تدفيعهم ثمن سياسة حماس العمياء.. واتهام ابو مرزوق للمواطنين المدنيين الفلسطينيين للمرة الثانية، بأنهم تسببوا بالفوضى أثناء اقتحام مسلحي جماعته المستوطنات فيما يسمى (غلاف غزة ) ما ادى الى رد الفعل الاسرائيلي المدمر، أي (الابادة) !!! وبذلك يحمل ابو مرزوق الضحية  المسؤولية، ويبرئ تهور جماعته حيث كانوا يخططون لنيل "اسبقية عمل عسكري، يحسب كإنجاز شخصي"، كما تبين لكل باحث عن الحقيقة، ولم يسمح للكلمات بالمرور دون عرضها على رقابة العقل والضمير السياسي الحر، فقد سقط  صناع  وثائقي "ما خفي اعظم" في قناة الجزيرة كعادتهم، ولم يتنبهوا لانزلاق هذه العبارات الكاشفة عن نوايا ومكاسب شخصية، كانت الدافع الأساس لعمليتهم، التي تحولت الى أم الذرائع، اتخذتها منظومة الاحتلال (اسرائيل) لإعادة احتلال قطاع غزة، فالسياسي الانسان، ينتصر لقيمة ونفس الانسان المقدسة، ويحقق الانجازات بأقل تكلفة، اما محترفو الخداع  والتضليل، أي السياسة (الثعلبية) الميكافيللية.. فقد اتخذوا هذا النوع من السياسة عقيدة، لا علاقة لها بالسماء ولا بأي انسان عاقل على وجه الأرض.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025