"عناد حماس الاستراتيجي"!
نشر بتاريخ: 2024-12-01 الساعة: 22:34
موفق مطر
يقولون في الأمثال الشعبية: "جاء يكحلها فعماها"، ويقصد به الشخص الذي يحاول تزيين أمور ووقائع ما، وإلباسها ثوب حق أو جمال فيفشل، ويقال أيضا بالشخص الذي يخرب أثناء محاولته إصلاح شيء أو أمر، أو خصومة أو أثناء التوسط في قضية، ولا ينجح، وبالذي لا يفهم خصوصيات القضايا، ولا يعرف التعامل مع أمور الحياة، فيأخذها بسخافة وتهور.
وضعنا خطوطا حمراء، في خضم رؤيتنا لأهداف حملة الإبادة الدموية على الشعب الفلسطيني، التي نعيش أحداثها، والنكبة التاريخية المزدوجة النازلة على شعبنا والأمة العربية "اللافا" من فوهتي بركانين متزامنين، مع حمم مدمرة تضرب في الاتجاهات كافة، وتحديدا المعرفة والوعي والإدراك والحس والمشاعر الانسانية، لدى الفلسطيني والعربي على حد سواء.
المؤلم في الأمر تزامن ثوران بركان العنصرية الدموية الصهيونية، مع فوهة بركان وسائل اعلام الخداع والتضليل، التي اعتمدت (ألسنة) تدعي المعرفة بالعلوم العسكرية، والسياسية، أو تدير مراكز وسمت بمصطلح (الاستراتيجية) ومشتقاته، زورا وبهتانا، فتنطق الخطاب المرسوم، والموضوع سلفا في افواهها، لتمرير مفاعيل الدخان الأسود والغاز السام، لضرب المركز العصبي للمتلقي، وتركه عاجزا، لا يقوى إلا على أمر واحد، التسليم بما يتلقى، دون نقاش أو حوار ذاتي أو مع الآخرين.
وفي احدث الحالات التي بثت عبر شاشة فضائية (عملاقة)!! ظهر شخص يمكن تعريفه كنموذج لهؤلاء، الذين يمكن اعتبارهم المرجع الأصلي لهذا المثل "جاء يكحلها فعماها"، فالرجل قد أغرق جمهور هذه (العملاقة)، بتحليل يمكن وصفه فعلا بالاستراتيجي، والصدق غير المقصود، بمعيار ما سنقدم لكم من أدلة في السطور التالية.
فالرجل قد وسم موقف جماعة حماس بمصطلح (العناد الاستراتيجي) !! بعد اتفاق وقف اطلاق النار بين (حزب الله) عبر الدولة اللبنانية، ومنظومة الاحتلال الاسرائيلي، وبدا كمن يقطر اليقين من تفوهاته!!
وحتى يعلم المتلقي الفلسطيني والعربي مستوى التجهيل والتضليل المبثوث، وفظاعة وجرائم الاحتقار والمسخ والمسح، المرتكبة بحق لغة وثقافة ومفاهيم الأمة العربية، وحجم عبث المرسل المقصود في بصيرة المرسل اليه، أي (الجمهور الفلسطيني والعربي) سنقدم ما أجمعت عليه قواميس اللغة العربية حول معنى (العناد) كما كتب حرفيا مشكلا وبدون أي تدخل، لا تكتيكي ولا استراتيجي، فنقرأ أن:
- عناد (اسم)، مصدر عاند.
- كثير العناد: كثير الخلاف، اللجاج، اضطراب وظيفي عقلي يتميز بانحصاره في موضوعٍ واحد.
- عنادية: (اسم)، العنادية: فرقة من السوفسطائية ينكرون حقائق الأشياء، ويزعمون أنها وهم وخيال باطل.
- عند: (فعل): عند الشخص: خالف الحق ورده وهو عارف به هو عنيد في خصومته حتى النهاية، عند الشخص: عتا وطغى وتجاوز الحد في المعارضة؛ لا يمكن التفاهم معه لأنه يعند، عند عنْ أصْحابه تباعد عنهم .
لأول مرة نسمع (كلمة حق استراتيجية) بمعيار معناها الأصلي، وليس بمعيار انسياقها في مقصد (الوسيلة العملاقة) والمتفوه الذي يكاد لا يُرى حتى باستخدام العدسة المكبرة الاستراتيجية الحقيقية، التي تستخدم لتكبير ورؤية اشياء، لا قدرة للمرء على ابصارها بالعين المجردة، علما أن مستخدمها يجب ان يتمتع بقدرة عالية جدا، على قراءة ما وراءها، وتفسير ظواهرها، ووضع تصورات متصلة بالوقائع، ليست مستلهمة من عالم الرغبة والتمني، ومهارة اللعب على الفقر المعرفي للجمهور.
أبى مادح حماس "بالعناد الاستراتيجي" إلا أن يتفوه بالمصطلح الصحيح، الكامن في عقله الباطني، فمن يتحدث عن (الاستراتيجية) وإخوانها، عبر وسائل اعلام عملاقة وأخرى قزمة، تعمل على (اخونتها) كان يتوجب عليه معرفة معنى العناد، وبتركيز الضوء على الجانب الآخر من العقل الباطني، نجده يرى سلوك جماعة حماس تماما، كسلوك اطفال في سن الحضانة، لا قدرة لديهم للتعبير عن مواقفهم إلا بسلوك العناد، وهذا توصيف دقيق، لأن قادة جماعة الاخوان المسلمين وفروعها ومنها (حماس) لا يكبرون عقلانيا، ولا منطقيا ولا موضوعيا مع الزمن، فيبقون في دائرة عبث وسلوك الطفل (العبثي) لذا لا عجب باتخاذهم "العناد" مذهبا لاستراتيجيتهم السياسية، التي ما نالت منها الأمة العربية، ومنها الشعب الفلسطيني إلا الانقسامات والكوارث والنكبات.