الرئيسة/  مقالات وتحليلات

أين الرد الإيراني؟

نشر بتاريخ: 2024-08-14 الساعة: 05:10

 

رامز المغني*


بعد حادثة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، إسماعيل هنية، وبعد ما قيل إن إيران أرست قواعد جديدة للاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي عقب حادثة ردها المحدود والمحسوب في ابريل/ نيسان الماضي على حادثة قصف إسرائيل لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق. عول وهول الكثيرون طبيعة الرد الإيراني على واقعة هنية، بل ووصل الأمر بهم الى انهم ذهبوا بعيدا في حجم الرد الإيراني عليها. وهنا نود تأكيد عدة نقاط تم تناسيها من قبل منظري ما يسمى محور المقاومة! الذي لدينا تحفظات جوهرية على دوره في المنطقة!

أولا: وقبل كل شيء، تناسى أولئك المنظرون أن طهران لديها مطامع توسعية طائفية في الشرق الأوسط، وأخرى عسكرية نووية، جعلتها تتغاضى عن أي اعتداء أو عقوبات عليها، سواء أميركية او إسرائيلية؛ لأنها تعطي أولوية قصوى لتحقيق وإنجاز تلك المطامع عبر وكلائها في المنطقة. وهي مدركة تماما ان كل ما يقوم به الأميركي والاسرائيلي هو لاستفزازها وجرها لحرب شاملة، ستكون حتما طهران هي الخاسر الأكبر فيها، لأنها إن تصرفت بتهور لإرضاء حلفائها، فستجد نفسها أمام تحالف دولي عسكري، سيفضي الى سحق كل المقدرات والأهداف الإيرانية في ليلة بلا قمر كما يقال! وهي على استعداد للتضحية بحلفائها في سبيل تجنب الصدام المباشر مع اسرائيل والغرب، وهو ما أثبتته تجارب كثيرة، آخرها حرب الإبادة على غزة.

ثانيا: حادثة هنية في طهران هي واقعة قوية على حماس، لكنه يبقى شخصا أجنبيا تم اغتياله على الأراضي الإيرانية. صحيح انه يعتبر أحد حلفاء النظام الإيراني، لكن طهران سبق وان تغاضت عن اغتيال قادة عسكريين وعلماء إيرانيين على أراضيها. وذلك لنفس السبب الذي اوضحناه في النقطة الأولى، وهو إعطاء الأولوية لأطماعها ومشاريعها النووية.

ثالثا: إيران ومن خلال ما سمي بالرد المحسوب على حادثة قصف إسرائيل لمبنى قنصليتها في دمشق، أبريل/ نيسان الماضي، هي لم ترسِ قواعد جديدة للاشتباك مع العدو الإسرائيلي، هي ببساطة استغلت ظرف الحرب على غزة، لعمل استعراض إعلامي يرضي وكلاءها في المنطقة! فضربت بعض الأهداف الإسرائيلية، التي لن تؤذي إسرائيل، ولن تؤدي الى إنهاء الحرب على غزة، وتحول بها إسرائيل جبهة القتال من غزة الى طهران. فإيران بسياستها تستغل حلفاءها في الشرق الأوسط لتحقيق أهدافها الطائفية فقط، والتجربة برهنت على ذلك في أكثر من موقف.

رابعا: انتظار الرد الإيراني، وانشغال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بوعي أو دون وعي، بطبيعة الرد وتوقيته ان كان هنالك رد. يحرف بوصلة التركيز الإعلامي والشعبي عن جرائم الاحتلال الوحشية وحرب الإبادة في غزة مما يعطي للاحتلال مساحة للإيغال في جرائمه ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء.

خامسا: علينا كفلسطينيين أن ندرك جيدا ان المعركة مع الاحتلال الاسرائيلي هي معركة فلسطينية بأبعاد عربية، بما تحمله من تاريخ وثقافة وحضارة وأديان، وليست حلبة لتحقيق اطماع طائفية او حزبية ضيقة.

بالتالي علينا قيادة المعركة مع المحتل بحكمة واقتدار، وبما لا يؤدي الى سحق كافة مقدرات شعبنا الفلسطيني وانجازاته على مدار عقود. وهذا يتطلب الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية قيادة وشعبا، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده. وان الانتصار على المشروع الصهيوني حتمي للشعب الفلسطيني الصامد المتمسك بحقه وأرضه ومقدساته، وليس للتحالفات والمحاور والشعارات الرنانة!

-----------

* كاتب ومحلل سياسي

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024