لقاء روما وازدواجية "محور المقاومة"
نشر بتاريخ: 2024-07-09 الساعة: 11:10
باسم برهوم
الضجة التي اثيرت على لقاء مصطفى البرغوثي وشلومو بن عامي في العاصمة الايطالية روما، وما صاحبها من مواقف ونقاشات وردات فعل يبرز كم نحن نعيش في زمن لا مبادئ فيه ولا احترام لأبسط القيم، وهنا لا بد ان أشير انني شخصيا لست ضد اللقاءات مع شخصيات إسرائيلية ومحاورة الإسرائيليين على مختلف اتجاهاتهم، ومن يعتقد ان حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية يمكن أن يأتي دون حوار ومفاوضات مع الجانب الإسرائيلي فهو واهم، أو ربما لا يدرك ما هي طبيعة عدوه ومن هم داعموه العلنيون منهم والمخفيون، وما داخل إسرائيل من تيارات ووجهات نظر مختلفة.
ما اود نقاشه بهذا الشأن ثلاثة مسائل لها علاقة بالمواقف التي جاءت كردة فعل على انتشار الخبر والفيديوهات والصور التي تؤكد بما لا يقبل الشك ان اللقاء قد حصل، وظهر كم كان اللقاء وديا ومعدا له سلفا.
المسألة الاولى تتعلق في تعقيبات مصطفى البرغوثي والمبادرة الوطنية وما سادها من ضبابية وتخبط وسوء تنسيق، حركة المبادرة اصدرت بيانا نفت فيه جملة وتفصيلا حصول مثل هذا الاجتماع، أما البرغوثي نفسه فقد أكد حصول اللقاء لكنه اوضح انه عندما دعي لم يكن يعلم طبيعة اللقاء بمبنى بلدية روما ومن هم الحضور. كنت اود ان يدافع البرغوثي عن خطوته ويوضح للجمهور لماذا وافق على حضور اللقاء وما هي مبرراته، وطبيعة النقاش الذي دار فيه والمواقف التي عرضها وأن يحاول إقناع الجمهور بفوائد اللقاء رغم انه تم في توقيت ملتبس كثيرا. اما حركة المبادرة فكان عليها ان تكتفي بما يعلنه زعيمها فغالبية الشعب لا تعرف من هم قادة هذه الحركة باستثناء البرغوثي ذاته بمعنى الشعب الفلسطيني يمكن أن يتقبل أي موقف اذا كان منطقيا وضروريا، وقد يكون اللقاء كذلك لا أعلم.
المسألة الثانية، مواقف وردات فعل المعارضين لمصطفى البرغوثي للشخص وإلى اللقاء، هم شريحة عريضة متنوعة ولكل منهم أسبابه، ولكن يجب ألا نكون قساة على بعضنا البعض، وان يتم استغلال اللقاء للتشكيك بسياسي فلسطني بغض النظر سواء كنا موافقين على أساليب عمله والتي وليس لها علاقة بهذا اللقاء وإنما بأساليب عمله بشكل عام، فالحجة برأيي يجب ان تواجه بالحجة.
المسألة التي تحتاج الى نقاش أعمق هي موقف "محور المقاومة" والذي ظهر المحور وكأنه يستخدم سياسة ازدواجية المعايير، فإذا قام أي طرف مقرب منهم، او محسوب عليهم بعقد اجتماع تطبيعي فلا مشكلة في ذلك بل يقوم المحور في تغطيته والدفاع عنه، اما اذا قام غيرهم فتقوم الدنيا وتقعد.
وفي الحالة اللبنانية، لا مشكلة لدى محور المقاومة بأن يكون الوسيط اميركي يهوديا صهيونيا خدم بجيش الاحتلال الإسرائيلي، المهم ان واشنطن وإسرائيل تتفاوض معهم عمليا وتتعامل معهم، وكأن كل ما يهم المقاومة هو ان تتفاوض واشنطن معهم ويصبحوا الطرف المعتمد في علاقتها مع المنطقة.
ما الذي يمكن ان نستنتجه من كل ذلك؟ هو ان الصراع الحقيقي هو صراع على السلطة، والمشروع الحقيقي هو مشروع السلطة لدى كافة الأطراف، بمن فيهم اطراف محور المقاومة، فما دامت اي خطوة حتى لو كانت لقاءات تطبيعية او غير تطبيعية، فانها تكون مقبولة ما دام من يقوم بها "منا" فالمحور يعمل ضمن معادلة "مسموح لنا محرم على غيرنا" اما من هم غير محور المقاومة فهم على الأقل لا يدعون بغير ما يقولون ويفعلون، وهنا اريد أن أوضح ان كاتب المقال ليس من هذا الطرف او ذاك، لكنه متمسك بفكرة ان يبقى القرار الوطني الفلسطيني بيد الشعب الفلسطيني فقط.
لقد ابرزت الضجة التي صاحبت قصة لقاء روما، كم هو الوضع هش وفيه قدر كبير من النزعات الوصولية والسلطوية وانه ومن اجل الوصول تصبح الغاية تبرر الوسيلة.
mat