الرئيسة/  ثقافة

الزجل في فلسطين

نشر بتاريخ: 2024-06-02 الساعة: 14:50

الزجل الشعبي الفلسطيني
يتكون الزجل الشعبي من مدى واسع من الفنون الغنائية المتنوعة الأغراض والأوزان والألحان، مع اختلاف في طرق النظم والصيانة؛ فهو يتكون من عشرة أجزاء رئيسية، وكل جزء منها يحتوي على أبواب متنوعة.  والأجزاء التي يتكون منها الزجل الشعبي هي:

1- العتابا العادية وتتكون من:

أ‌- عتابا عادية 3 شطرات مع خاتمة.

ب‌- العتابا الطويلة وتتكون من:

- عتابا مثمن على نفس القافية (قافية واحدة).

- عتابا مثمن بقافيتين (قافيتين).

- عتابا مفتوحة لأكثر من ثمانية شطرات وأكثر من قافية.

2- الميجنا:

-  ميجانا وزن واحد 3 شطرات وخاتمة.

3-  المعنى، ويتكون من:

أ‌-  معنى عادي قصير.

ب‌- معنى مصروف قصير.

ت‌- معنى مخمس.

ث‌- معنى زجل طويل.

4- القرادي، ويتكون من:

أ‌-  قرادي قصير.

ب‌- قرادي طويل.

ت‌- قرادي مقلوب.

ث‌- قرادي مفتوح.

5- القصيد أو الشروقي، ويتكون من:

أ‌-  شروقي عادي.

ب‌- شروقي مربع.

ت‌- شروقي موشح.

ث‌- شروقي مخمس موشح.

ج‌- شروقي زجل.

6- (جوفية) ويتكون من:

أ‌-  هجيني شمالي "جليلي".

ب‌- هجيني وسط "جنين، نابلس، طولكرم، قلقيلية".

ت‌- هجيني جنوبي "غزة، الخليل، النقب".

7- المربع- ويتكون من:

أ‌-  مربع مثنى فرعاوي- شطرتين.

ب‌- مربع رباعي.

ت‌- مربع مصروف.

ث‌- مربع مقلوب.

ج‌- مربع مجزوم.

8-  مثمن ويتكون:

أ‌-  مثمن عادي- قافية واحدة.

ب‌- مثمن عادي- قافيتين.

ت‌- مثمن مجزوم.

ث‌- مثمن مقلوب.

ج‌- مثمن مصروف.

ح‌- مضاعفات.

9- الفرعاوي- ويتكون من:

أ‌-  فرعاوي ثلاث سحجات.

ب‌- فرعاوي خمس سحجات.

ت‌- فرعاوي ست سحجات.

ث‌- فرعاوي سبع سحجات (السبعاوية).

10- المخمس- ويتكون من:

أ‌-  مخمس مقلوب.

ب‌- مخمس باب البوابي.

ت‌- مخمس مجزوم.

القصيد أو الشروقي:

القصيد هو كل شعر شعبي منظوم بمعنى مقصود، و"قصّد الشاعر القصائد"؛ أي "تعني غناها وضمنها المعاني"، والبعض يسميه "الشروقي". ويقال أن هذه التسمية جاءت من أن هناك عاشقاً هجره أحبابه، واتجهوا شرقاً، فراح يودعهم بهذا النوع من الشعر، ومنذ ذلك الحين انتشر هذا اللحن وسمي بالشروقي. وكلمة "شروقي" لغة، تعني صاحب العينين الدامعتين، لحنة حزين ويرافقه الترنح وامتداد الصوت.
والشروقي عادة ما يتحدث فيه الزجال عن قصة أو حادثة معينة بقصد توعية الناس.  وعادة ما تتضمن قصائد الشروقي بعض الحكم والأمثال السائرة بين الناس.

وفي العادة يغنَّى الشروقي بجمع من الناس، خاصة في أوقات الصباح وقبل الخروج إلى زفة العريس، حيث يجلس الناس ويستمعون إلى قصائد وشروقيات من الشاعر، أو قد يتغنى به الشاعر أثناء الجلوس في الدواوين أو في مناسبات خاصة.

وهناك أنواع مختلفة من الشروقي هي الشروقي العادي، والشروقي المربع، والشروقي الموشح، والشروقي المخمس، والشروقي الزجلي، وغيره من الأنماط.  وهذا لا يعني أن الأنماط والأنواع التي سنعرضها هنا معروفة جميعها أو منتشرة؛ فبعضها أكثر انتشاراً من الآخر؛ فالشروقي العادي هو الأكثر انتشاراً، ويليه الشروقي المربع، فالشروقي المخمس.

وكل نوع من الأنواع السابقة من الشروقي يتكون من مقاطع صوتية تختلف فيما بينها؛ فمثلاً بعض الشروقي يأتي على البحر المتوازي، الذي يتكون من أربعة عشر مقطعاً صوتياً، كما في الشروقي المربع، كما هو مبين في المثال الآتي:

يا قاصين الوطن والدّار والدُّوار

يا قا صد دي نل نل و طن ود دا ر ود دو وا ر

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14

كما أن بعض الشروقي يأتي على البحر الوفائي والذي يتكون من ثلاثة عشر مقطعاً صوتياً في الشطرة الواحدة، كما نلمسه في الشروقي المخمس، كما في المثال الآتي:

يا بِنتْ عَمي شُو جابِكْ صَوبْ هَالوادي

يا بن ت عمـ ي شو جا بك صو ب هل وا دي

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13

وبعض الشروقي يأتي على البحر البسيط كما في الشروقي الموشح، وهو الذي يتكون من أحد عشر مقطعاً صوتياً في الشطرة الواحدة.  وهذه البحور العامية على اختلافها كما قلنا سابقاً تعتمد على المقاطع الصوتية حسب الأداء الذي يقوم به الزجال، أو كما هو متعارف بين الزجالين؛ وهي وإن كانت تفسر بعض جوانب الأداء حسب المقاطع الصوتية، إلا أنها لا يمكن أن تتصف بالثبات.  وهذه البحور ما زالت بحاجة إلى دراسات مستفيضة من الباحثين؛ وذلك لمواءمتها حسب الاداءات الصوتية الخاصة بالزجل الشعبي الفلسطيني.

الفرق بين الحداء والقصيد: الحداء كما ما هو معروف بدأ يواكب ركوب الابل والخيل؛ فهو، ولا شك، أول شكل ظهر من أشكال التعبير الشفوي عند العرب، لما يتسم به من مرونة، ولسهولة ارتجاله، ولعدم حاجته إلى التنقيح والمراجعة، كما أنه لا يتجاوز في نظمه المقطوعات القصيرة، قصيرة النفس، ولا يحتاج إلى كثير من التخصص.

والمقاطع الصوتية المتضمنة في القصيد أطول من المقاطع الصوتية المتضمنة في الحداء؛ والقصيد يتطلب تخصصاً أكبر من الحداء؛ فلا يستطيع كل شخص قول القصيد؛ وإنما هو بحاجة إلى شخص يبدعه أو يحفظه، ويقوم بعرضه أمام الناس في جلسات السامر، وبمصاحبة الربابة كما في المناطق البدوية، أو أن يعرضه أمام الناس وهم جلوس، كما في المناطق الأخرى غير البدوية.

وإن كان الحداء يتطلب من الجمهور المشاركة سواء بالسحجة أو بالردة على الزجال، فإن القصيد لا يتطلب ذلك، ولا يتطلب بالأداء الجماعي كما في الحداء، ولا تصاحب السحجة قول القصيد.

وإن كان القصيد في البادية تصاحبه (رقصة السامر) أو (رقصة الدحية) كما في بعض المناطق البدوية، إلا أن دور الجمهور هنا هو التمايل والرقص بالدرجة الأولى.

والحداء أنواعه متعددة ومتشعبة؛ فهناك الحداء المربع والمثنى والمخمس والمثمن والفرعاوي، والقصيد كذلك له أنواع، فهناك الموشح والمربع والمخمس والمردود.

أنواع الشروقي (القصيد): هنالك مجموعة من أنواع الشروقي الشعبي الفلسطيني، وهذه الأنواع هي:

1- الشروقي المربع: وهذا النمط من الشروقي من الأنماط المنتشرة والمعروفة لدى الكثير من الزجالين؛ وذلك لسهولة نظمه، وطريقة نظم الشروقي المربع تتم على المراحل الآتية:

أ‌- يبدأ الشاعر أو الزجال بقول أربع شطرات، ثلاث شطرات منها على نفس حرف القافية، وشطرة ذات حرف قافية مختلف، وهي الشطرة الثالثة، كما في المثال الآتي:

- يا قَاصدينِ الوَطنْ والدّار وِالدُّوار

- بِالله عليكمُ مَيَّلوُ لديرتي والدّار

- وقولوا لأمي بِإنا لِلْوَطن رَاجعين

- نِحمي حمى الأرض وْنِشلح ثيابِ العار

ب‌-  يبدأ الشاعر أو الزجال بالشطرة الثالثة ذات حرف القافية المختلف كبداية للأشعار التي تلي، مع الالتزام بقافية المطلع السابق.

- وقُولوا لأمي بِانا للوَطن رَاجعين

- نكْتِب تاريخ العُروبة بالشرف والدين

- للأرض للبيت للْينَبوع، للعين

- بِالدَم نفْدي الوطن كبارنا وصغار

ت‌- ثم يبدأ الشاعر أو الزجال بصياغة شطرات أخرى(في هذه المرة لا يلتزم بالشطرة الثالثة كما في السابق)؛ إلا أنه يلتزم بحرف قافية واحد للثلاث شطرات الأولى، والشطرة الرابعة تلتزم بنفس حرف القافية السابق (والنار)، كما في المثال الآتي:

- هَذا وَطنا الجَميل وهاي ديرتنا

- فِيها الرجولة وْحُب الكَرم عَادتنا

- وشُهداء أهل الوَطن يَالرَبع إخوتنا

- بصدورهم قابلوا رْصاص العِدا وِالنار

ث‌- بعد كل أربعة شطرات هناك "عنة" في ختام الشطرة الرابعة، من الزجال المصاحب إلى الزجال الذي يغني الشطرات، بحيث تكون مهمته في نهاية كل بيت (أربع شطرات) أن يقول آه آه آه آه.

2- الشروقي العادي: وهذا النمط من الأنماط المنتشرة كثيراً بين الزجالين، ويتكون هذا الشروقي من شطرتين يلتزم الزجال بحرفي قافيتهما طوال الوقت.  ويعتبر هذا النمط من أجمل انواع الشروقي. وبعد كل شطرتين هناك "عنة" كما في سابقه، ومثاله:

بَادي قَصيدة باسم الواحد الهادي

اللهُ ربي اله الكون بارينا... آه، آه.

3- الشروقي المخمس: وهذا النمط من الشروقي نادر الاستعمال.  وهو يتكون من "خماسيات"، وأي خمسة شطرات (الشطرات 1، 2، 3، 5) على نفس حرف القافية، والشطرة الرابعة على حرف قافية مختلف، مع وجود "عنة" في نهاية الشطرة الخامسة. ومثال ذلك:

- يَا بِنتْ عَمَي شُو جَابِك صَوْبْ هَالوادي

- الدار عَنّك بعيدة وأرضْ صَيادي

- قالتلي جَابني الوفا لتُربه إبلادي

- تاكتب قصايد على صَدْر الوطن وانغْام

- تِبْقى شبيه الجَواهر وسط لِقلادي.. آه آه

- تأكتب قَصايد عَلى صَدْر الوطَن وانغام

- تِحْكي تاريخ الوطن مِنْ ساير الأيام

- وتقول يَا أرض لوْ نامِ الدَهْر ما نام

- شَعبْكِ وفي وكرمال الوطن صَاحي

- بِسيوف مُرة تِقطع ظُلمِ لمعادي

- شِعبكِ وفي وكرمال الوطن صاحي

- بدُّو يْخَلي أحزان الوطن افراحي

- وكرمال عَينْك أنا لامْشي عَلى جْراحي

- توْصلْ عَ بَابِ القُدس وَقول يا رَحمان

- عُدْنا لِصَوْبَك نرْيدِ الشرف وِشهادي

- توْصَل عَ بابِ القُدس وقُول يا رحَمان

- يا ناصر الكُلْ تنْصُرنا عَلى العِدوان

- بِجَاه أحمد وعيسى وبنت عِمران

- تنصر شعبنا وتْعيد الأمل مَنصور

- يَا ناصرِ الكُلْ تنْصُرنا على العدوان

- بِجاه أحمد وعيسى وبنت عمران

- تنصْر شعبنا وتعْيد الأمل منصْور

- يَا عالم الكوَنْ مِن سَادي ومِن بَادي

4- الشروقي الموشح: وهذا من الأنماط الأقل انتشارا من الأنماط الأخرى. وهو يتكون من المراحل الآتية:

أ‌-  يبدأ الزجال "بالمطلوع"، وهو عبارة عن مخمس عادي بقافية واحدة، وضمن شروط الشروقي المخمس.

ب‌- يبدأ الشاعر أو الزجال في المرحلة التالية بالشطرة الرابعة للمطلوع كبداية، ثم يلتزم بنفس حرف قافية الشطرة الرابعة ويضيف حرف قافية أخرى.

ت‌- يدخل الزجال (شطرة زائدة حرة وشطرة ثانية تنتهي بنفس حرف قافية المطلوع).

ث‌- يبدأ بالشطرة الزائدة الحرة، ويضيف حرف قافية آخر، ويختم بحرف قافية المطلوع، كما في المثال الآتي:

- فَلاّحْ تِحْت الزتُونةِ نَايم ومرْتاح، وْصوتِ البَلابل تْغني والغناء نوْاح، وتْقول يَا فَلاح الوَطَنْ كُلوّ رَاح، قوْم واصحَى وْشوف الزرع والبستان، وِالكرِم وِالعنَبْ وِالرُّمان وِالتفُاح

- قُوم واصْحى وْشوف الزرع والبستان، وتفَرَجْ بْعينَك وشوفِ إنوّ الوَطنْ منهَوب، الأرض تِبكي شَعبها وْظُلم هَالعدوان، وَصَفّا علينا حُكم، ونحيا بْوَطَنْ مَسْلوب.

العتابا:

العتابا كلمة مشتقة من "العتاب" الذي يميز هذا النوع من الغناء.  وتعتبر العتابا من أكثر فنون الأغنية الشعبية انتشارا وأقربها إلى قلوب جمهور الأغنية الشعبية؛ لما تتميز به من جمال في النظم وبلاغة في العرض وعذوبة في الأداء.

وبيت العتابا يشكل وحدة كاملة ويعتمد في نظمه على فن بديعي جميل وهو الجناس (تشابه الألفاظ في النطق واختلافها في المعنى) كما أن بيت العتابا يتميز بالإيجاز البليغ؛ فقد يتحدث الشاعر عن قصة قصيرة، أو نصيحة، أو خبر، بواسطة بيت من العتابا.

وقد اختلفت الآراء حول أصل العتابا، فهناك من يقول إن أول من نظم العتابا هي القبائل العربية التي عاشت في العراق ومنها انتقلت إلى بلاد الشام؛ وبعضهم يرى أن العتابا نشأت في أواخر العصر العباسي، عندما انتشرت اللغات العامية، وكثر اللحن في اللغة؛ وبعضهم يسرد قصصا أسطورية حول أصل العتابا "وهذه منتشرة في فلسطين"، فعند سؤال عدد كبير من المغنين الشعبيين حول أصل العتابا في نظرهم، أجابوا: بأن هناك "فتاة اسمها عتاب" تعلق بحبها شاعر، وأصبح يتغنى بها مبتدئا الكلام بكلمة عتابا عاتبتني وانا شبيب؛ ورواية أخرى تنتشر في شمال فلسطين في منطقة الشاغور والجرمق تقول: إن هناك أميرًا تزوج من فتاة جميلة جداً، وكان يحبها كثيراً ويخاف أن يراها الناس؛ فأسكنها في غابات الجرمق.  وكان يذهب إلى الصيد ويعود إليها في المساء.  وذات يوم جاءها صيادون وزوجها غائب؛ فأكرمت وفادتهم.  وبعد أن انتهوا من الضيافة، اختطفوها وذهبوا بها.

ولما عاد الأمير إلى بيته ولم يجدها؛ فاعتقد أنها هربت وتركته فصار يعاتبها بالشعر ويلومها في الغياب، وصار ينتقل بخيمته من مكان إلى آخر بحثا عنها وكان كلما يدق أوتاد خيمته في مكان ما كان يستخدم اداة الميجانا (وهي مطرقة خشبية تسمى ميجانا)، وكان يخاطب المطرقة هذه ويقول: لها "يا ميجانا يا ميجانا بالله تقولي كيف حال حبابنا". وهذه قصة قد تكون أـسطورية ولكنها شائعة ومنتشرة بين أوساط الشعب.

شروط بناء العتابا: هناك مجموعة من الأسس والشروط التي يجب أن تتوفر عند بناء بيت من العتابا وأهم هذه الشروط هي:

1- الصرف اللفظي: بيت العتابا يتكون من 3 شطرات تنتهي كل واحدة بنفس الكلمة وبمعنى مختلف في كل مرة، وهو ما يسمى لغة "الجناس" (وهو تشابه اللفظ واختلاف المعنى) والشطرة الرابعة تنتهي بحرف الباء الساكنة كما في المثال التالية:

ما حَلْ الهَجرْ يا خِلاَّن ما حَلّ، وبَعدْ مِنْكُم خَصيبِ المرَجِ ما حَلّ، أنا لأبْني عَدْروبِ السَفَرْ ما حَلّ

تَودَّع كُلْ جَمْعَة مِنِ الحْباب.

فكلمة "ما حل" الأولى تعني تحريم الهجر والفراق؛ وكلمة "ما حل" الثانية تعني القحط والمَحْل؛ وكلمة "ما حل" الثالثة تعني المكان أو البيت؛ فكما نرى أن كلمة ما حل تعني المكان أو البيت؛ فكما نرى أن كلمة ما حل وردت ثلاث مرات، وفي كل مرة حملت معنى مختلفا.

2- الأداء والإيقاع: هناك أوزان متفق عليها في الأداء الشعبي لبيت العتابا؛ فمن شروط الأداء الهامة أنه يجب أن تكون شطرات بيت العتابا متساوية في الطول والأداء؛ فمثلاً: لا يجوز المد طويلاً في الصوت لشطرة على حساب أخرى؛ بل يجب أن يكون هناك تناغماً وتوزانا في الأداء؛  كما أن زيادة أي حرف أو كلمة أو مقطع صوتي يؤثر تأثيراً واضحاً على بيت العتابا ويضعفه، فمثلاً: في الأبيات الآتية هناك ضعف يمثل كيف أن زيادة حرف أو إنقاصه يضعف بيت العتابا.

مثال (1):

- حِبابي ارْجَعوا عِنَّه وَعُودوا (1)

- وِوْفوا لِلْوطَنْ أجْمَلْ وعُودوا (2)

- وْعازِف طِرِبْ الْكُمْ عَزَفْ عُودوا (3)

- مغَنَّى وميجانا شروقي وعَتابا

مثال (2):

- عدنا للحمى يا رجال عدنا

- وأرض بلادنا جنات عدنا

- ارجعنا للوطن نوفي وعدنا

- وانخلد لتاريخ العرب.

ففي البيت الأول هناك نقص لحرف (الواو) في الشطر الثالثة، قبل كلمة عودوا، وفي البيت الثاني هناك زيادة لحرف (الواو) في الشطرة الثالثة قبل كلمة عدنا.  وكثير من نقاد الفن الشعبي يعتبرون ذلك ضعفاً والبعض الآخر يعتبره (كسر) في بيت العتابا.

ويمكن صياغة البيتين السابقين بطريقة صحيحة كالآتي:

- حبابي ارْجَعوا عِنَّه وَعُودوا

- وأوْفوا للَوطن أجْمَل وعُودوا

- البُلبُل جَهَزْ اوتاروا وَعودوا

- وْغَنَّى لِلْوَطنْ أجْمَلْ عَتاب

- عُدنْا لِلْوَطَنْ يا رْجال عُدنا

- وأَرضِ بْلادنا جَنْات عَدْنا

- ونادينا لِلْوَطن يا وَطَنْ عُدّنا

- ليوم الفدا وسحبات الشطاب.

المقاطع الصوتية لبيت العتابا: يتكون بيت العتابا من عدد من المقاطع الصوتية التي يجب أن لا تزيد أو تنقص كثيراً عند غنائها، فمقاطع العتاب الصوتية تأتي أحيانا 10 مقاطع للشطرة الواحدة، وأحياناً 11 مقطعاً للشطرة الواحدة كما في الأمثلة الآتية:

- عدنا للحمى يا رجال عدنا

- وأرض بلادنا جنات عدنا

- ليوم الفدا وسحبات الشطاب

فالشطرة الأولى تتكون من عشرة مقاطع صوتية هي عدنا للح من يار جال عدنا

1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10

وتأتي على البحر السريع، كما أن العتابا من الممكن أن تأتي على البحر البسيط أي أحد عشر مقطعاً في الشطرة الواحدة ومثال على ذلك:

- حِبابي ارْجَعوا للْصوُب وِاليَّم

- لِصَوبِ النَبِعْ والبِستانْ والْيَّم

- تَايرجَع ابنْ أحَمد وِابن وليَّم

- يِغنوا للْوَطن أجْمل عَتاب

فالشطرة الأولى تتكون من أحد عشر مقطعاً صوتيا كما في الأتي:

حـ با بي ار جـ عو لص صوب والـ يم

1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11

وهي البحر البسيط.

3- ترابط المعنى: يجب أن يشكل بيت العتابا وحدة معنوية كاملة، وإلا اعتبر بيتا ضعيف الصياغة؛ فلا يجوز البدء بفكرة ما في الشطرة الأولى، والانتقال إلى فكرة غير مرتبطة بها في الشطرات اللاحقة؛ بل يجب أن يكون هناك ترابط واضح في المعنى والبناء وأن يشكل بيت العتابا وحدة معنوية كاملة ذات إيجاز بليغ. ويمثل البيت التالي نموذجاً لعدم ترابط المعنى:

1- إلَكْ هِمَّي اَيا صاحِبْ عَلَيَّه

2- تِلْوِى المعتدي ليِه عليه

3- اكلنا اليوم صْنوبَر عَلِيَّه

4- وتْحِتِ الشَجَر لمّاتِ الحْباب

فالشطرات رقم 1، 2 مترابطة و3، 4 كل منها تحمل معنى مختلفاً، ولا يوجد اتصال في المعنى في بيت العتابا، ويسمى هذا "عدم ترابط في المعنى"، وهو نموذج للضعف في الصياغة، وهو ما نلمسه كثيراً عند بعض الزجالين، وهو "كسر" في المعنى، ولا يمكن اعتباره بيتًا من العتابا، رغم وجود صرف لفظي صحيح؛ إلا أن العتابا ليست صرفاً لفظياً فقط، ويمكن أن يكون البيت السابق صحيحاً من حيث ترابط المعنى كما يلي:

- إلَكْ هِمَّي أيا صاحِبْ عَلَيَّه

- تِلْوي المُعتدي ليَّه عَلَيَّه

- وْمَهمْا ضاقِتْ الدُنيا عَليَّه

- لِغَيْرِك صِدقْ ما بْوَجِهْ طَنَبْ

ومثال على ترابط المعنى كما في البيت التالي:

- عُيوني بِالدَمعْ يُمَّا بَبِلّها

- عَلى بَدويةٍ بترعى بِبلهْا

- إنْ شاء الله بْنُخْطرُ الحِلوى بِبَلْها

- وتُذْكُرنا بَعد طولِ الغْياب.

طرق أداء بيت العتابا:

هناك صوتان يبدأ وينتهي بهما بيت العتابا وهما:

1- الأوف: وهي مدة صوتية طويلة يؤديها المغني، تبعاً لقوة ودرجة وعلو صوته.  وهي أشبه بالتحذير وطلب انتباه الجمهور لسماع بيت العتابا.  ويقال أن كلمة "أوف" أصلها من الضجر والملل؛ لأن الشاعر – كما يقال- الذي ابتدع وألف العتابا كان يبدأ بـ"أوف" تعبيراً عن الألم والملل ويعاتب بعد ذلك.  وتختلف قوة الأوف ومداه من مكان إلى آخر في فلسطين؛ ففي الشمال الاوف قصيرة، وفي الوسط طويلة.  وفي بعض الأحيان يستعاض عن كلمة اوف بكلمة مثل يايابا، آآخ، وما شابه.

2- العنة: بعد الانتهاء من الأوف يبدأ الزجال بقول بيت العتابا، ويتوقف عند نهايته (الباء الساكنة) توقفا قصيراً ثم يبدأ بالعنة، وهي أقل حدة من الأوف.  والعنة تمهد إلى أن ينهي الزجال دوره ويمهد للشاعر أو الزجال الآخر للبدء بالأوف والعتابا وهكذا، يستمر التبادل ما بينهما.

3- يمكن الاستغناء عن "الاوف" في بداية بيت العتابا، وعن "العنة" في نهاية بيت العتابا، إذا ما كان هناك "محاورة" بين زجالين، وتسمى هنا العتابا بـ "عتابا فشل" أي بدون "أوف" أو عنة. ويقصد من عدم قول الأوف أو العنة في هذا النوع من العتابا؛ اختصار الوقت؛ بمعنى أن الزجال يسرع في قول بيت العتابا في أقل وقت (بدون اوف أو عنة)؛ حتى لا يعطي مجالا كافياً لزميله للتفكير والرد عليه، وبذلك يتفوق عليه.  وتبدو قوة الارتجال في هذا النوع أكثر وضوحاً.

العتابا الحرة والمربوطة:

1- العتابا الحرة القافية: وهي العتابا العادية التي لا يلتزم فيها أي من الزجالين بقافية واحدة؛ بل يغني كل واحد منهما بما يجول بخاطره، بشكل حر مفتوح وبدون الالتزام بقافية محددة.  فمثلاً: إذا ما غنى أحد الزجالين بيتا من العتابا ينتهي بقافية مثل كلمة (وعودو) والآخر قال بيتا من العتابا انتهى بقافية (بدرنا) فإن ذلك مقبول، وهذا ما نقصده بالعتابا الحرة القافية.

2- العتابا المربوطة: وتقسم إلى نوعان:

أ‌-  ربط على أساس القافية:  العتابا المربوطة القافية هي واحدة من أنماط التحدي والمحاورة بين الشعراء والزجالين، وتعني التزام كلا الزجالين بقافية موحدة لا يجوز تجاوزها، إلا بعد أن تنتهي القافية ولم يعد هناك حروف جديدة يمكن استخدامها؛ أو بعد توقف أحد الزجالين فيتم التحول إلى باب آخر.  ومثال العتابا المربوطة بالقافية ما يلي:

يقول الزجال الأول:

- قلبي في بحور الشوق إنعام

- على اللي ثوبها من الريح انعام

- الله زادها من النعم انعام

- وربي زادني بحبها عذاب

ويرد الزجال الثاني:

- حبيبي ما بظن بمال انسام

- وعلى بعدو فؤداي بسم انسام

- وكل ما تهب صوب الحي أنسام

- بودَّيلو ألف شطرة عتاب

وهكذا يستمر كل من الزجالين بالالتزام بالقافية حتى نهايتها؛ فكلمات "أنعام" و"أنسام" هما على نفس القافية.

ب‌-  ربط على أساس المعنى: يمكن أن تربط العتابا على أساس المعنى كما تربط على أساس القافية/ والعتابا التي تربط على أساس المعنى تتقيد فقط بالمعنى، وليس بالقافية، كأن يتقيد كلا الزجالين بجملة افتتاحية لبداية بيت العتابا، ويلتزم كلا الزجالين بافتتاح بيت العتابا بهذه الجملة الافتتاحية، ويكون غناؤهما حول الموضوع الذي تحدده هذه الجملة الافتتاحية، ومثال على هذا النمط من العتابا ما يلي:

الزجَّال الأول:

- عَ بَابْ الدْار شُفتِ الَبدِرْ مَنْهَلْ

- صافي مِثِلْ ماء بْغُدر مَنْهل

- سَألتِ البَدر يا هَالبَدرْ مَنْهَلْ

- جَلاكْ وْزَيَنَكْ فُوق السْحابْ

الزجَّال الثاني:

- عَ بَابِ الدْار شُفْتِ الَبدِرْ مُنْهَم

- ما بَدري عْلَيّ عَتَبوُ وِلا مِنْهُمْ

- أنا خايف يكونِ الَبدرْ مِنْهَمْ

- ويْحَمِّلني القساوة وِالعَذاب

فعبارة (عباب الدار شفت البدر..) تعتبر عبارة الربط، وهي العبارة الافتتاحية التي يلزم بها الزجالون أنفسهم لبدء بيت العتابا والحديث حول موضوعها. ومثال آخر على هذا النمط ما يلي:

الزجَّال الأول:

- ناسِ كْثير في هَالكون وَرْدَات

- وَعلى نْبوعِ الوَفا وِالجوُد وَرْدَات

- وتِتْلي مِنْ كِتابِ وُرْدات

- وِتْعلِّم كُلْ أُمةِ لِلْصَواب

الزجال الثاني:

- ناسْ كْثير في هَالكونْ فُلاي

- وْإلهُم على أبْابِ الخير فِلاي

- ونْاس تْقَضي طول العمُر فِلاَّي

- الدَربِ المِلتِوي دَرْبِ المصْاب

فعبارة ناس كثير في هالكون، تعتبر العبارة الافتتاحية التي تم الربط على أساسها بين الزجالين.

أنواع العتابا: بالإضافة إلى النوع الأساسي والمشهور من العتابا، وهو الذي يتكون من ثلاث شطرات وخاتمة، والذي تحدثنا عنه في بداية الحديث عن العتابا، فإن هناك أنواعًا أخرى من العتابا أهمها:

أ‌-  الميجانا: يقال إن أصل العتابا من فنون الميجانا.  وهذا قول شائع ومنتشر بين جميع العاملين في الزجل الشعبي، وقد تكون الميجانا عرفت قبل العتابا.

وأصل الميجانا من "المجون" وهو المزاح والهزل، كما أن فعل "ميجن" يعني طرب وتغنى. والميجانا عبارة عن بيت من العتابا ولكنها تختلف عن العتابا في أنها تختم بحرف "نا" بدلاً من الباء الساكنة، كما أنها تختلف عن العتابا في طريقة الأداء والغناء، فالميجانا بطيئة الأداء وهادئة أكثر من العتابا، كما أن الميجانا عادة ما تنتهي ببيت يردده الجمهور مثل:

- يا ميجانا يا ميجانا يا ميجنا، الله معاهم وين ما كانوا احبابنا

ومثال على الميجانا:

- يَا ريمَة الْوادي عَلَينْا وَرِدِي

- وْخَدِك مِنْ وِرودِ الجَناين وَرديِ

- وِبْرمِش عَينيكِ بْعنيقي وَرِدِي

- بَسْ أرْجَعي وْشوفِ شُو حالِ قلوبنا

وعادة ما يتبع الميجنا بيت من العتابا يلتزم بتصريفاته بقافية بيت الميجنا كما في البيت الآتي:

- يَا ريمِ الوادْ ما أجَمْلَ وُرودَك

- عَليْنا وِالهوىِ ينْفَح وُرودَك

- بِرمْشِ العين قوُم وِاقرا وُرودَك

- وْعَلِّمْ كل أمة مِنِ الكْتاب

والميجانا، وهي على البحر اليعقوبي، وتتألف كل شطرة من 12 مقطعاً صوتياً كما في المثال الآتي:

زحلق حبيبي عالدرج وقعت أنا

ب‌-  مثمن عتابا قافية واحدة:

ويتكون هذا النوع من العتابا من نمطين فرعيين هما:

أ‌- مثمن عتابا 6 شطرات، وخاتمتين. وهذا النوع أو النمط يتكون من 8 شطرات، 6 شطرات منها مصروفة، واثنتين خواتم؛ حيث يدخل الزجال خاتمة منها بعد الشطرة المصروفة الخامسة، ويدخل الخاتمة الثانية بعد الشطرة المصروفة السابعة، كما في المثال التالي:

- هَواكِ لاَحنا يَا القَلبْ مَالي

- يا إم الجَدول عَالكِتفين مَالي

- سِواكِ بْهالدِني يا بِنت مَالي

- يَا مَنْ حُبْكِ رموش العْين مَالي

- وْغرامِك في فُؤادي حَيلْ مَالي

- ما تِقْدَر على شيلو العْصاب.. الخاتمة الأولى

- خُذي مِنيِ حَياتي وكُل مالي

- وِاتْركيني على أبوابِ الحباب ... الخاتمة الثانية

ب‌-  مثمن عتابا 7 شطرات وخاتمة واحدة: وهذا النمط يتكون من 7 شطرات مصروفة كما في بيت العتابا العادي؛ إلا أن الكلمة هنا تصرف سبع مرات بمعان مختلفة، وينتهي كل البيت بخاتمة واحدة فقط، كما في المثال التالي:

- حَبيبي يُوم لا عِنْدَك بَدَرْنا

- عَلى هلالَك صَبحْ يشْرق بَدرْنا

- إنتِ التاج المِرَصَعْ بِدُرْنا

- وأنتِ القَمح لِمزيَنْ بِدُرْنا

- ودولابِ الدَهر لَصَوْبَك بِدِرنا

- كَما الرهُبان تِتْغَنى بِدِرْنا

- عَدُوك رَبي يِبْليلو بِدَرْنا

ويِتْحَرَمْ عَلى شُوفِ الحْباب... خاتمة واحدة فقط

3- مثمن عتابا قافيتين:

ويتألف هذا النوع من العتابا من نمطين أيضاً هما: أ- 6 شطرات وخاتمين وقافيتين. ب- 7 شطرات وخاتمة واحدة وقافيتين، ويختلف هذا النوع عن النوع الذي يسبقه بأنه يوجد قافيتين بدلاً من قافية واحدة، ويتشابه معه في الصرف والأداء.

أ‌- 6 شطرات وخاتمتين، وقافيتين، كل قافية منها مصروفة 3 مرات، والخاتمة الأولى تدخل بعد الشطرة الخامسة والخاتمة الثانية تدخل بعد الشطرة السابعة، كما في المثال الآتي:

- سِوا لِلْوَطن لَوْ غِبْنا مَا عدُنْا ... القافية الأولى وتصرف 3 مرات.

- عَ مِنوُا عَا جَميعِ الناس غالي... القافية الثانية وتصرف 3 مرات.

- الوَطن أغلْى مِن الجَوهَر مَا عَدْنا

- وَعلى غيابُو تِشوفِ الدَم غالي

- مِنْ أرضو الخيرِ بتْملي ما عَدنا.  الخاتمة الأولى بعد الشطرة الخامسة.

- وتغْنينا عَن بلادِ الغراب

- وَأنا لأفْتَح عَ حُبو أَلِفْ غَالي

- الوَطن يَلي بْجمالو القلبْ ذاب.... الخاتمة الثانية بعد الشطرة السابعة.

ب‌-  مثمن عتابا/ خاتمة واحدة/ وقافيتين: وهذا النمط من العتابا يتألف من 8 شطرات، وخاتمة واحدة وقافيتين.  والفرق بينه وبين النمط السابق في عدد الختمات في نهاية البيت، كما أن هناك قافيتين إحداهما الختمات في نهاية البيت، كما أن هناك قافيتين إحداهما تصرف 4 مرات، والثانية تصرف 3 مرات، والخاتمة في هذا النمط تدخل بعد الشطرة السابعة من بيت العتابا المثمن.

ومثال على ذلك:

- سَكَنتْ بَكُل هَضْبة وْكُلْ خَلَّي

- وْسِوَا الأَوطان يَا هَالَربع مَالنا

- الوَطَنْ خَيَّي وْحَبيبي وكل خِلَّي

- نِفْديه بدمانا وكُل مَالنا

- ونِسقي المعُتدي كاسات خَلَّي

- إذا بْحدِ المهُند بْيوم مَالنا

- يا رَبي هَالوطن للكل خَلَّي

- يِجْمَعنا بْمحَبةِ هَالتراب..... خاتمة أخيرة بعد الشطرة السابعة.

وبالطبع هناك أنماط أخرى من العتابا يمكن أن تأتي على أوزان وأشكال مختلفة؛ وذلك تبعاً لقدرات الشاعر ومدى ارتجاله وإبداعه، فقد تأتي أكثر من 8 شطرات، وقد تأتي أقل من 8 شطرات، ويمكن أن تتعدد القوافي والأوزان، إلا أن ذاك قليلًا ونادرًا.

4- أنماط نادرة الاستعمال: هناك أنماط أخرى من العتابا ولكنها نادرة الاستعمال، وهي لا تعتبر عتابا قوية؛ بل ضعيفة من حيث الفن ومن حيث المعنى والصياغة، وهي عادة ما تستخدم لبيان ضعف الشاعر المقابل أو لتعجيزه.  وهي لا تحمل المعنى المناسب أو الصياغة المناسبة، ولا تتوفر فيها معظم شروط العتابا الصحيحة.  وأهم هذه الأنماط النادرة الاستعمال ما يسمى العتابا بدون نقط.  والعتابا بدون نقط، من اسمها، تشترط عدم وجود أي نقطة على أي حرف من حروف بيت العتابا، وبالتالي فهي لا تنتهي بالباء الساكنة كما في بيت العتابا العادي، وعادة ما تنتهي بأحرف غير منقطة، كالألف الممدودة مثلاً. ومثال على هذا النمط من العتابا ما يلي:

1- دَوام الْحال لِلعالَم وَلا دام، لحَوَى ما سَلا مَره وَلا دام، دَعُو لِلْعُلا، وَما حَلّو وَلا دام
الأمْر مَا دام لِعالم وِمِلا.

2- طُول العُمر هَالأعداء كلوّ، دَار الحِمى، إلْها العَمل كُلوّ، كَما الحُر، صاعِ المرُ كَلوُّ
وْعَادِلْها وْرمْحُوا لِلسَّما.

3- مُوسى رَمى عَصى سِحرُو وَلا حَد، عَلا اسمُو، واسْم الله وَلا حَد، علْمُو سَما، وَما سَدُّو وَلا حَد، كَما العالِمْ الموَلى وَدا.

4-  مُحمد كُل الهدُى للأعلى سَرا، كَلامُه دَوا وْللعِله سِرا، الله هَالمالك حكامِ سَّرا، عِلْمُ مَداه ما وِصْلو حَدا.

نماذج من العتابا:

- يَا رَبَّي وْرَبْ مَرْيَم بنِت عِمران

- اتْخلي لِبيَتِ القُدس عَمْران

- وْتعطي لوَطَنا العُمُرْ عُمْران

- وتوحِدْ إلى زْنوُدِ الشَباب

------------------

- تَعذْبني يَا مَحبْوبي كَمنَجْاي

- يَا طَعمْ خدْودَك الحلوه كَمنجاي

- نغَمْ صَوْتَك مِثِلْ حَنة كَمنْجَاي

- وْكلِماتِكْ مِثلْ عَزْفِ الرَباب

- يَا رَبي رَجعْ الْغايبْ وَعيدو

- عَلَينْا هَالدهر مَا أقْسى وَعيدو

- شَعبنا بْتكْمَلْ افْراحو وَعيدو

- إذا عَادِ اللي غابِ مِنِ الغْيَاب.

- قَبِلْ ما تُتْرُكيني وَدعيني

- مَا بدي تِحْرميني وِدَّعيني

- اقتليني واعملي صَدرْي مَخَدَّي

- اتركيني بين صَدرك والتْراب.

- اللي ما عِنْدو فَنْ بِوْطاني عَطُوفْان

- وَفن الوطن كَالمنهل عَطوفان

- الوطن النا مثل اباً عطوفان

- بِعَلِّمْنا الرُجولة والصْعاب.

- إسقْوا الوطن من دَمي اسبعْطاش

- وبِبِركة مَجْد أنا شُفتِ اسبعطاش

- لأنو الوطن من سَنةِ اسبَعطْاش

- حزين وما حِمِلْ غير العذاب.

-------------------------------------------------------- --

- عُيونك يا المليحة لُولحنا

- كنتْ أقْحَمْ حَبيبي لو لحنا

- جَرسْ حبيبي بقلبي لولحنا

- ما كان القلب يرقص عَ الصعاب

الفرعاوي:

فرع من فروع الزجل الشعبي، وهو الشعر الميداني وشعر الحركة والمسيرة، سواء أكان في الزفة أو في السهرة.  وهو تفريع من الزجل الشعبي، لأن كلمة "فرع" تعني "الغصن" وهو الفرع من الشجرة الكبيرة، ويقال إن الفرعاوي هو شعر الرجولة والحماسة والصفوف الميدانية. لأن كلمة "فرَّعة" بالعامية تعني "النبّوت أو العصا"، أي الرجل صاحب القوة والسلطان، أي أن الفرعاوي شعر رجال الفروسية والقوة؛ كما أن كلمة "فرع" في العامية تعني كاشف الرأس في الحطة والعقال، وذلك دلالة على الحماسة والانفعال؛ فقد يكون معناها "الرجل كاشف الرأس والفارس في الميدان".

وعادة ما يغنى هذا النمط من الزجل في الزفة أو السهرة، ويأخذ منها وقتاً طويلاً.  وأهم شروط الفرعاوي: وجود الجمهور الذي يردد ما يقوله الزجال من فرعاوي وطلعات فرعاوية؛ لأنه لا يمكن للزجال أن يغنى الفرعاوي بدون جمهور كاف؛ حيث يقف صف طويل متراصّ من رجال القرية والضيوف؛ ويقف الشاعر أو الزجال في مقابل الصف، مردداً الشعر الفرعاوي والجمهور يردد ما يقوله أو اللازمة الخاصة به.

ويعتبر الفرعاوي من أكثر فنون الزجل الشعبي انتشاراً وشيوعاً؛ ولا يمكن الاستغناء عنه في أية حفلة شعبية.  وبدونه لا يمكن أن تكون الحفلة كاملة؛ لأن عدم غناء الفرعاوي في السهرة أو الزفة تعني عدم مشاركة الجمهور؛ ومن ثم لا يمكن لأي زجَّال أن يستغني عن الفرعاوي، ولا بد له أن يكون متقنا لهذا النمط إتقاناً تاماً.

والفرعاوي في بلادنا لا يشابهه أي نمط زجلي في بلاد أخرى، وهو من الشعر الجماعي الذي يتميز به الزجل الفلسطيني.  وأقرب الأشعار شبها بالفرعاوي هو الشعر النبطي المنتشر في الجزيرة العربية، وقد يكون هذا دليلاً على أن أصل الفرعاوي من الجزيرة العربية، والناظر إلى طريقة أداء الشعر النبطي والفرعاوي يجد تشابها كبيراً، كما يجد تشابها بين الفرعاوي والسامر المنتشر في مناطق الجنوب والنقب وسيناء؛ إلا أن هناك اختلافات في النظم والوزن والإيقاع.

وأوزان الفرعاوي تحدد على أساس عدد الإيقاعات (أو عدد السحجاب أو ضربات الكف) الخاصة بكل نمط من أنماطه. وأغلب الأوزان والإيقاعات تقع في ثلاثة أوزان رئيسية هي:

أ‌- الفرعاوي- إيقاع ثلاثي (3 سحجات).

ب‌- الفرعاوي- إيقاع سداسي (6 سحجات).

ت‌- الفرعاوي- السبعاوي (السبعاوية، 7 سحجات).

والإيقاعات أو الأوزان الثلاث السابقة تنتشر في جميع أنحاء فلسطين خاصة الشمال والوسط إلا أن الفرق الموجود هو في سرعة الإيقاع أو السحجة، فمثلاً، في شمال فلسطين (الجليل) نجد أن الأوزان لا تختلف؛ إلا أنها بطيئة؛ أما في الوسط، فنجد أنها نفس الأوزان، ولكن بسرعة أكبر منها في الشمال؛ أي كلما اتجهنا إلى الشمال كلما صار الإيقاع والوزن أبطأ عنه في الوسط والجنوب.

وكما ذكرنا فإن أنواع الفرعاوي هي:

أ‌-  الفرعاوي- إيقاع ثلاثي- 3 سحجات: وهو نمط منتشر من الفرعاوي، وهو ذو إيقاع قصير حماسي، ويتكون من 3 ضربات كف أو سحجات فقط. وهو منتشر في جميع أنحاء البلاد. ومثال عليه:

1-  عنتر خيال الحصان = اللازمة التي يرددها الجمهور.

الوزن: عنتر خيال لِ حصان.

والإيقاع 1 2 3.

في السحجة (ضربة الكف الأولى) (ضربة الكف الثانية) (ضربة الكف الثالثة).

المقاطع الصوتية: (وهي على البحر المزودج)

عن تر خيا ل لح صا ن

1، 2، 3، 4، 5، 6، 7

1) روحي ودمي لبلادي = اللازمة التي يرددها الجمهور

روحي ودمي لبلادي = الوزن والإيقاع في السحجة

1 2 3

(ضربة الكف) (ضربة الكف) (ضربة الكف)

2) ميلي يا ريحانة = اللازمة التي يرددها الجمهور:

ميـ لي يا ري حا نه

1 2 3 4 5 6 المقاطع الصوتية على البحر المتقارب

ميلي يا ريـ حانة الوزن والإيقاع في السحجة

ضربة الكف ضربة الكف ضربة الكف

الأولى الثانية الثالثة

ب‌- الفرعاوي إيقاع سداسي (6 سحجات)

وهذا نمط من الفرعاوي ينتشر خاصة في شمال البلاد ومناطق الجليل، وهو بطيء الإيقاع أكثر من سابقه.  وهو يتكون من جملة أطول من النوع الأول، بالإضافة إلى أنه ذو إيقاعات أكثر من سابقه، حيث يتكون هذا النمط من 6 ضربات كف أو سحجة و11 مقطعاً صوتيا، ومثال على ذلك:

1- ع الوفا عز الصداقة عِ الوفا = (لازمة يرددها الجمهور)

عَلـ و فا عز الـ صـ دا قه علـ و فا (المقاطع الصوتية على البحر البسيط)

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11

عَل وفا عزال صداقة عَ الـ وفا (الوزن والإيقاع من خلال الصحابة)

1 2 3 4 5 6

(ض.ك) (ض.ك) (ض.ك) (ض.ك) (ض.ك)

2- خيلنا تدوس المنايا خيلنا = (اللازمة التي يرددها الجمهور)

خيل ناتد دوسول المنايا خيلـ لنا (الوزن والإيقاع من الجمهور خلال السحجة)

1 2 3 4 5 6

3-  مالها يما جفتني مالها = (لازمة يرددها الجمهور)

مال ها يمـ ما جـ فتـ ني مالـ ها (المقاطع الصوتية على البحر المتناهي

1 2 3 4 5 6 7 8 9

ت‌-  فرعاوي سبعاوي (سبع سحجات): وهذا النمط منتشر كذلك ولكن بشكل أكبر في مناطق جنين وطولكرم خاصة، وهو سريع الإيقاع.  ويعتبر من أجمل أنماط الفرعاوي وأكثرها حماسة وسرعة. وهو يتطلب 7 إيقاعات أو ضربات متتالية وسريعة.  ويمكن أن يغنى هذا النمط على طريقتين هما:

1-  فرعاوي سبعاوي مع حلالي يا مالي، وهنا يبدأ الزجال بقول "تا نغني عَ السبعاوية... قولوا حلالي يا مالي"، ويردد الجمهور "يا حلالي يا مالي" يا حلالي يا مالي (تردد مرتين مع سبع سحجات متتالية ومتواصلة زمنياً)

مثال: يقول الزجال:

نادى المنادي للميدان والفرسان اتجمعوا

الجمهور:

يا حلالي يا مالي- يا حلالي يا مالي

مع 7 سحجات متواصلة

2-  فرعاوي سبعاوي 7 سحجات بدون حلالي يا مالي:

وهذا الفرع من الفرعاوي السبعاوي يختلف عن سابقه بأنه لا يوجد حلالي يا مالي كما في النمط السابق، إلا أن الـ 7 سحجات ما زالت موجودة وبنفس الطريقة السابقة:

مثال:

يقول الزجال: حنَّا فرسان الميدان يا ويل اللي يعادينا.

يردد الجمهور: حنَّا فرسان الميدان يا ويل اللي يعادينا.

(مع 7 سحجات متتابعة زمنها).

ووزن الإيقاع كالآتي من الجمهور:

حنَّا فر سانل الميدان يا ويللي يعا دينا

1 2 3 4 5 6 7

المقاطع الصوتية وهي على البحر الكامل

حن نا فر سا نل مي دا ن يا وي لل لي يعا ديـ نا

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15

نماذج من الفرعاوي:

اللازمة التي يرددها الجمهور (المطلوع):

وين دَرْبِ الحَبايِب يا يُمّا وين

الزجال: راحُو عَنا وَابْعَدوا اليومِ بِسَنْتين

الجمهور: وين درب الحبايب يا يما وين

الزجال: طَوَلُوا عَلْينا الغَيبة أيامِ طوال

حَالي عَلى فُرقتهم مَا هُو حال

باله يا طيرِ الطاِير ودّي مِرْسال

لِحبابٍ سافَروا ما بَدْري وين

الجمهور يردد بعد كل شطرة:

(وين درب الحبايب يا يما وين)

الزجال: وعَ دروبِ الحَبايب لامِشي مِشوْار

لامشي عَليهم ليلة وليلةِ وِنهار

طَوَلوا عَلي الغيبة ما دْري شو صار

حَمَّلوني جَفاهُم عُمُرْ وِسْنين

الجمهور يردد بعد كل شطرة:

وين درب الحبايب يا يما وين

القرادي:

القرَّادي من "الَقَردُ" أي لجلجة اللسان، حيث يتلجلج اللسان عند غنائها لسرعة وزنها، والقرَّادي قد تكون مأخوذة من "القَرْد" وهو الحيوان المستخدم للعب والتسلية، حيث يقال في العامية الفلسطينية (قَرَّدَنِه، وقِرْدْ، وقَّردّنا، وقرَّدنّاهم، قَرَّدنونا..." دلالة على العبث واللعب واللهو، وبالتالي قد يكون مصطلح "القرَّادي مأخوذا من العامية.

والقرَّادي هو شعر الغناء والطلعات الجميلة.  ويتميز بالموسيقى السهلة الشعبية التي من السهل على الجمهور ترديدها والسرور بها؛ حيث يقوم الزجال بقول الشعر ويردد الجمهور من بعده لازمة محددة سهلة الترداد.

والقرادي عادة ما يغنى بعد السهرة (السحجة أو الصف أو في الصباح قبل الزفة؛ لأنه لا يغنى خلال الزفة أو السهرة؛ بل يغنى عادة والناس جلوس والزجَّال يجلس بينهم ويردد أشعاره.

والقرادي من أجمل فنون الزجل الشعبي؛ لما يتميز به من صور جميلة وموسيقى سهلة سلسة على لسان المستمع ومن مشاركة واسعة من الجمهور.

والقرادي عادة ما يكون إيقاعه الموسيقي والصوتي على البحر الشعري العامي والمسمى بالبحر المزدوج، وهذا البحر يتكون من 14 مقطعاً صوتياً، 7 مقاطع صوتية لصدر بيت الشعر و7 مقاطع صوتية لعجز بيت الشعر، كما في المثال التالي:

بِخَمْر الحُبْ اسْكَرتِينا وسِهرْتِي بِليالِينا

وِتْمنيْنا حَبلِ الحُب يِظل يمْرجِح فينا

14 مقطعاً صوتياً= بخمـ رلـ الحب اسـ كر تيـ نا

1 2 3 4 5 6

وس هر تي بلـ يا ليـ نا

1 2 3 4 5 6 7

أنواع القَرَّادي: هناك أنواع كثيرة ومتنوعة من القرادي بعضها مشهور ومعروف، وبعضها أقل انتشاراً واستعمالاً.

أنواع القرادي المعروفة:

1-  القرادي العادي القصير: هذا النمط من القرادي يتكون من أربعة شطرات متساوية في الوزن والإيقاع، ثلاث شطرات منها تلتزم بقافية محددة (حرف أو حرفين)، والشطرة الثالثة من الأربعة شطرات حرة القافية وخارجه عن قافية الشطرات الثلاث المتبقية. والشطرة الثالثة والرابعة تردد من طرف الجمهور كذلك في ترديد نفس اللازمة والقافية، ويستمر الجمهور كذلك في ترديد نفس اللازمة التي بدأ بها الزجال غناءه.

ومقارنة مع أنماط القرادي الأخرى فإن هذا النمط (القرادي العادي القصير) يعتبر أكثرها سرعة في الأداء وأكثرها سهولة، وmat

Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024