الرئيسة/  مقالات وتحليلات

 فتح والمتدينون الجدد

نشر بتاريخ: 2024-04-01 الساعة: 23:15

 

بقلم / خضر محجز 

 في المجتمعات المنحطة، حيث يُوجَد حكام فوق الشعب، تنعدم النظرية العامة في استلهام الواقع، وينعدم البرنامج الذي يقود نحو المستقبل، بما يؤدي إلى تدهور المجتمع إلى أن يهوي في وهدة الزوال. حكام غزة المتدينون الجدد لا نظرية لديهم ولا برنامج، سوى أن يحلوا محل منظمة التحرير. لقد جربوا الانقلاب فنجح، فرأوا أن الحياة مجموعة من الانقلابات: انقلاب على منشئي المساجد والسيطرة عليها، دون أن يبنوا حجراً فيه؛ انقلاب على السلطة، وانتزاع بعض ما في يديها، تمهيداً لانتزاع الباقي؛ انقلاب على التجارة، وسيطرة على منافذ البيع والشراء، بما دمر التجارة وهوى بالمجتمع المنحط إلى التسول؛ انقلاب على سلطة الأب في البيت، وذلك بتحريض أبنائه عليه، بعد تجنيدهم في الحزب، وتعليمهم أنّ أباهم قد عَقَّهُمْ قبل أن يعقوه؛ وكل ذلك لغسل دماغ الفتى من كل قيمة إيجابية، وغرس طاعة الحزب فيه، حتى صار كل أب له ولد في حماس يتمنى موته؛ انقلاب على درس التاريخ، بتعليم الناس أن عصر الانحطاط العثماني هو عصر الازدهار، حتى كتبوا لعبد الحميد تاريخاً لم يكتبه في مذكراته؛ وقل مثل ذلك في كل أمر يومي من أمور حياة الجماعة المنحطة التي تخضع لكل طغيان، وتطلب من ربها سراً أن يحررها، كأنها ترى في الله رباً للعاجزين والمتواكلين والمنحطين! وكل ذلك ليس نظرية في الحكم، بقدر ما هو أحلام جماعة باطنية غير مبدعة، تحاول إعادة أنتاج إبداع فتح في اقتناصها زعامة منظمة التحرير، رغم اختلاف الظروف. فحين سيطرت فتح على المنظمة، كان ثمة عبد الناصر العظيم. والجماعة الباطنية لا تحب عبد الناصر، كما لا تحب كل عظيم. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كانت المنظمة ثمرة ناضجة سقطت في حجر فتح، بإعلان الشقيري عدم كفايته. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان ثمة ياسر عرفات الرجل الذي أقنع الفلسطينيين بأن البندقية تنوب عن الأرض إلى حين تستعيدها. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان قد خرجت لتوها منتصرة في معركة الكرامة، بما توج الأمة العربية بإكليل الغار، بعد شهور قليلة من هزيمة 1967. وحين سيطرت فتح على المنظمة، لم توجد تنظيمات معارضة لسيطرتها، بل موافقة راضية معترفة بزعامتها. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان يوجد شيء اسمه الاتحاد السوفيتي، ولم تكن أمريكا قد تفرّدت بحكم العالم بعد, وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان ثمة دعم عربي. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان قد اختارت الشعب من قبل، الشعب كما هو بمسلميه ومسيحييه وملحديه ـ بمثقفيه وعماله ـ بأحراره وحرائره ـ بزعرانه وغانياته ـ بمتدينيه وعصاته ـ بصبيانه في الحواري، وصباياه في البيوت ومشاغل الخياطة ـ بطلابه وطالباته في المدارس والجامعات ـ بشيوخه الذين يسعلون ويضرطون، وعجائزه اللاتي يكدن لكنائنهم... لهذا أطلقتُ على فتح اسم "قبيلة الشعب"! أما حماس فقبيلة منتسبيها، بل قبيلة بعض منتسبيها الذين كلهم حمقى، يرون إسماعيل اللطخ ينهبهم، فينتظرون يوم الحساب ليسأله الله نيابة عنهم، ثم يؤوبون إلى بيوتهم يصلون للحزب. وحين سيطرت فتح على المنظمة، كان العالم في ترقب ذاهل، وكان الناس يغنون لفتح. فماذا فعلت حماسٌ لتستحمق وترى أنها قادرة على السيطرة على المنظمة بأدوات لا تملكها؟ شيء واحد نجحت فيه حماس: استبدال زي الفلسطينيات الجميل السابغ، بزيٍّ سمته الجلباب، وزعمت أنه اللباس الشرعي الوحيد! فهل تريد حماس وراثة منظمة التحرير بهذا الإنجازر؟.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024