الرئيسة/  مقالات وتحليلات

"حصان طروادة" في خطة نتنياهو !

نشر بتاريخ: 2024-02-26 الساعة: 03:37

 

موفق مطر

 

لم يكن مفاجئا اعلان رئيس حكومة منظومة الصهيونية الدينية الاستعمارية العنصرية بنيامين نتنياهو خطته "لليوم التالي" في قطاع غزة، ويمكن تلخيصها بعد التدقيق في مضمونها ومراحلها بجملة واحدة: "تحديث النكبة الفلسطينية"، فخطة نتنياهو تعني إطلاق الهمجية، لإفساد العالم في القرن الواحد والعشرين، وضربة نووية لديمقراطيات العالم الحر، وخريطة طريق لاغتيال شرائع حقوق الانسان، وتدمير قواعد وركائز العدل والسلام العالمي، ومسخ القوانين الدولية لتبقى مجرد حبر على ورق، أو تحويرها لتكون اداة حرب في أيدي دول استعمارية، انجب تزاوج مصالحها وعقليتها الاستعمارية دولة احتلال واستيطان وعنصرية منحوها اسم "اسرائيل".
خطة نتنياهو تستنسخ جريمة الحرب، والجريمة ضد الانسانية، وتكرس سيطرة القوي الظالم على الضعيف المظلوم، هذا بالنسبة للعالم، أما بالنسبة لنا، فإن الخطة تستهدف وجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، وهويته الوطنية، وحقوقه الانسانية والسياسية الطبيعية، في مقدمتها حقه في تقرير المصير، والحرية والاستقلال بدولة ذات سيادة ، واستلاب قراره الوطني المستقل، وتهجير الشعب الفلسطيني من فكرة الوطن المعنوي (منظمة التحرير الفلسطينية) على طريق تهجيره القسري من وطنه الجغرافي (فلسطين).
كنا على يقين بأن نتنياهو يؤخر اشهار (خطة العار) ليتسنى له اختيار من يناسبه، يمكنه من ثغرات لاختراق جبهة وحدة الشعب الفلسطيني، وفعلا كان له ما أراد، حتى وإن كنا لا نرى إلا أقزاما في (حصان طروادة) الذي يعول عليه نتنياهو، فليس من قبيل المصادفة اعلان المتحدث باسم حماس اسامة حمدان توافق جماعته مع فصائل فلسطينية – لم يذكرها – على تشكيل حكومة تقوم بمهمة الاعمار في غزة والتهيئة للانتخابات! وإعلان عضو المكتب السياسي لحماس محمد نزال عن اجتماع رئيس المكتب السياسي للجماعة اسماعيل هنية مع عراب الانقلاب والانفصال ومنقذ حماس في السراء والضراء – الدايتوني، محمد دحلان – كما وصفوه، واعتبروه رأس المؤامرة الأميركية الاسرائيلية على "مقاومة حماس"! وعلى أساس ذلك برروا انقلابهم الدموي سنة 2007، أما الرسائل التي بثها ناصر القدوة "المستعد للقيام بالواجب "– كما قال -  من باريس، وعبر لقاء طافح بالكذب، والادعاءات الباطلة - مع الصحفي الاسرائيلي في جريدة يديعوت احرونوت (ناحوم برنياع) فهؤلاء وغيرهم تنافسوا على تقديم "مناقصة وطنية "طمعا باعتماد اوراقهم لليوم التالي، أما القاسم المشترك بين هؤلاء ونتنياهو، فهو العدائية المطلقة لرئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية ابو مازن، ونزعتهم الرغبوية نحو السلطة بأي ثمن ، المموهة بمصطلحات من قاموس الديمقراطية ! يرددونها في كل محضر،  وعلى كل منبر في أسوأ عملية خداع ومخادعة للشعب الفلسطيني، فهؤلاء يضجون المحافل بمقولة الدعوة للانتخابات في "اليوم التالي "بدون ادنى اعتبار لدماء الشعب الفلسطيني النازفة بعشرات آلاف الشهداء منذ 141 يوما، وبالمجازر، والدمار، والجوع والأمراض، والأوبئة.
نتنياهو أبقى الباب مواربا في خطته، وتحديدا في موضوع ادارة شؤون المواطنين، حيث تحدث عن اشخاص مؤهلين لذلك ولكن "تحت سلطة الاحتلال الامنية المطلقة وبلا حدود" فنتنياهو - ومعه المنظومة الحاكمة – معني بمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 حزيران 1967، وقطع الطريق على حل الدولتين، حتى لو مررت واشنطن قرارا بمجلس الأمن لقبول دولة فلسطين في الجمعية  العامة كاملة العضوية.. لذلك وبعد اتفاقه مع واشنطن على عدم وجود حماس في الحكم في "اليوم التالي" إلا أن خطة اسرائيل باحتلال قطاع غزة باتت أمرا واقعا، وبالتوازي يستبيح  جيشها ومستوطنوها المجرمون كل مكان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما يعني أن منظومة الصهيونية الدينية لن تسمح بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة حتى لو اقتضى الأمر تفجير الشرق الأوسط.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024