الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ما هذا العبث يا رئيس حماس بالخارج؟!

نشر بتاريخ: 2024-01-17 الساعة: 23:53

 

 موفق مطر


أثار انتباهنا الموقف المزاجي الجديد لخالد مشعل رئيس حماس في الخارج – لاحظوا أن الجماعة برأسين، وإن كنا على يقين أنها باتت الآن بعدة رؤوس– فالرجل لا يعجبه مصطلح حل الدولتين فقد قال: "الغرب يتحدث أن معركة 7 أكتوبر فتحت أفقا لموضوع الرؤية السياسية ومن هنا يعودون إلى بضاعتهم القديمة وهي حل الدولتين وحماس لا تقبل بمصطلح حل الدولتين وهو مرفوض، لأنه يعنى أن لنا دولة موعودة، وفي الوقت المطلوب أن نعترف بشرعية الدولة الأخرى التي هي الكيان الصهيوني وهذا مرفوض رفضا قاطعا"... وفي هذا السياق فإننا نتحدى خالد مشعل أن يقول لنا متى طُلِب، أو من طَلَبَ من حماس الاعتراف بإسرائيل؟! لأن احترام سياسة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد واحترام تعهداتها والتزاماتها الدولية، وتحديدا المتعلقة بالشرعية الدولية، ليس المقصود منه تجريد أي فصيل فلسطين من مواقفه السياسية، وإنما الالتزام بمبدأ التوافق الوطني، وإعلاء المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ولعل مشعل يعلم أن منظمة التحرير لا تمثل الفصائل الفلسطينية وحسب بل الشعب الفلسطيني كافة، وعليه أن يعلم أن نسبة المستقلين والاتحادات الشعبية في المجلس الوطني الفلسطيني أكثر من ثلثي أعضائه، وعليه لا يجوز لرؤوس حماس التفكير بأن تكون بديلا عن منظمة التحرير، لمجرد شعور بارتفاع حرارة شعبيتهم، فالحقائق على الأرض، غير صورة ذلك الوهم المرسوم في مخيلتهم!. 

ننصح مشعل بقراءة نص وثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في 15 نوفمبر من العام 1988 ليدرك أن الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض وطنه فلسطين ثابت، وأن قيام دولة فلسطينية على أرض فلسطين كان وما زال قرارا وطنيا مستقلا، حظي بإجماع وطني، ولعله يقتنع بأن الأمر لا يتعلق بالمصطلحات السياسية، فهذه سهلة الصياغة، وإنما يتعلق بكيفية إخضاع المستحيل، وانتزاع ما أمكن من الحق، فالسياسة الوطنية متحررة من الفئوية، ومضادة لفايروس التبعية والولاء لأجندات خارجية. 

لا يقبل مشعل مصطلح "حل الدولتين" ويصفه بالغربي!! وهو نفسه ناظم وثيقة حماس التي التصقت باسمه، الصادرة عن جماعته في أيار/ مايو سنة 2017، والنص في بندها رقم 20: "ومع ذلك -وبما لا يعني إطلاقاً الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أيٍّ من الحقوق الفلسطينية– فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة".. فمشعل ذاته يقر بأنها صيغة توافقية وطنية مشتركة، فلماذا ينقلب عليها اليوم؟!.. أم تراه يبحث عن "مصطلح  شرقي" مثلا!!!.فيؤمن لجماعته وجودا ولو اسميا، في تركيبة معادلات تظهر ملامحها تدريجيا في الإقليم يهم بعض أطرافها وجود اسم فلسطيني فيها!. 

ينقلب مشعل لأن جماعته لم يفلحوا في تكريس أنفسهم كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولأنهم يرون كيف استطاعت القيادة الفلسطينية بمنهج النضال والحكمة تثبيت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وأن دول العالم كافة تتعامل مع المنظمة كحقيقة تاريخية عاكسة لإرادة الشعب الفلسطيني، ينقلب مشعل لإدراك جماعته بأن دولا إقليمية تعمل لحساب دول كبرى، قد استخدمت حماس في أكبر مؤامرة لضرب منظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني، وأن صلاحيتها قد انتهت، تماما كانتهاء صلاحية فروع الإخوان المسلمين في بلاد عربية!. 

 يتجاهل مشعل ما كان رؤوس جماعته فيما يسمى "حماس الداخل" قد وافقوا في اجتماعات حوار الفصائل الفلسطينية في القاهرة يومي 21 و22/ 11/ 2017 ونذكره بالموثق في  البيان  الختامي: "أكد المجتمعون على أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية بما يعزز نضال شعبنا في الوطن والمنافي من أجل تحرير أرضه وإنجاز حقه في الحرية والعودة والاستقلال وفي سبيل حقه في تقرير مصيره، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين لأراضيهم وديارهم التي هجروا منها، وكذلك توحيد جهود كافة القوى لخدمة أبناء شعبنا وتعزيز صموده والتخفيف من معاناته اليومية بكل أشكالها." ويشطب توافقا وطنيا تجلى في اجتماعات الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في 4/9/2020 في بيروت ورام الله، حيث نص البيان الختامي بعد تحذير من مؤامرة على الحق الفلسطيني واختزاله في حلول معيشية وتجريد الشعب الفلسطيني من حقه: "بإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس المحتلة عاصمتها، كما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وحل قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم الذين هجروا منها على أساس القرار 194" حسب نص البيان.. فعقلية الانقلاب مستحكمة في رؤوس الجماعة، حتى ولو على ذاتها، عقلية تأبى مغادرة أنفاقها المظلمة، التي صممت منذ سنة 1928 كمتاهات لتضييع الإنسان العربي،  ومنع أنوار العلم والمعرفة ونتاج الفكر والتطور والتقدم، والحضارة، تنفيذا لخطة وثيقة كامبل الاستعمارية سنة 1905.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024