أن تحيا في غزة فهذا يعني أن قذيفة أخطأتك
نشر بتاريخ: 2023-12-08 الساعة: 22:08
مهند عبد الحميد
هذه عينة من كلام الناس الذين يتعرضون لحرب إبادة، ولكل أنواع الخطر والتهديد، ويعيشون في شروط غير إنسانية استثنائية، لجهة الظلم المحيق بهم، ولجهة عجز العالم بنظامه وقوانينه عن حمايتهم وإنقاذهم، وعجز النظام العربي عن أبسط أشكال الدعم. وافتقاد فلسطين في أن تكون فلسطين في الليلة الظلماء. كلمات أقوى من أي تحليل ورأي وتعليق وعصف فكري.
• «نزحت من الشمال وموجودة حاليا في رفح، قاعدة في خيمة، وَلّدت طفلا قبل 6 أيام ومعيش ملابس للبيبي، إذا بتعرفي يا صاحبتي حد من رفح يِقدر يوفر لي كم غيار للبيبي، رجاء المساعدة، هذا رقمي ...».
• أنتجت قبل الحرب 18 لوحة للمعرض، وكنت بصدد استكمال المزيد من الأعمال خلال الشهرين الماضيين ليتسنى لي افتتاح معرضي الشخصي. فقدت أعمالي جميعها ومرسمي وأدواتي ومكتبتي، بسبب قصف منزلي كنت قد وثقت بالصور من أعمالي الجديدة فقط 5 أعمال أثناء تنفيذها لم يتبق شيء سوى الحطام والذكريات. رفيدة سحويل.
• «الجهود القطرية، الجهود المصرية، الصليب الأحمر كلهم كانوا تحت خدمة الرهائن الإسرائيليين. أما أطفالنا ماتوا وهم متأملين وبستنوا استجابة لمناشدتهم.. ما أرخص روحنا! إحنا اللي بننشل المصابين من تحت الردم وبنساعد بعض، كل المنظومة المؤسساتية وقعت وتركت الناس وحدها، شو يعني الصليب الأحمر ما معه تنسيق مع الاحتلال»؟.
• مرح، ابنة الخمس سنوات، الناجية من القصف الجوي الذي قتل 12 من أسرتها، عائلة عزوم، وأحال منزلهم في حي الجنينة في رفح إلى ركام. قالت للممرض الذي يعالجها «عمو بدي أسألك شغلة: هذا حلم ولا .. حقيقة»؟.
• نحن، المشردين، الذين نتكدس فوق بعضنا البعض نازحين من شارع إلى شارع ومن مدرسة إلى مدرسة ومن حي إلى حي، لا نجد ولا تجد نساؤنا مكانا نقضي به حاجتنا. لماذا نموت ونذبح ونتشرد بلا مأوى وتتناثر أشلاؤنا؟ أَمِن اجل سلامتكم؟ أَمِن اجل سلاحكم وما قيمة سلاح لا يمنع سقوط سقف فوق رؤوسنا؟ أخي الأكبر، استشهد وزوجته وأولاده وبناته وأحفاده قبل أن نفترق تحت هول القصف، كل في طريق، كان ليلتها يبكي ويحتسب بالله. يا إخواني لا تتركوا العدو يرتكب المزيد والمزيد من المذابح والمجازر والتشريد. أبو العز شهاب
• والدي ووالدتي أصيبا بجلطات نتيجة الخوف والقهر والإذلال لم يستقبلهم أي مستشفى من مستشفيات غزة في الشمال واصبح وضعهما صعبا جدا، ولا استطيع عمل شيء.
• «ربما لم يحدث شيء. كل هذا الموت اخترعناه. المدينة ماتت ميتةً طبيعية ولم يقتلها أحد. وحدها البنايات والخيام والمستشفيات سقطت على غفلة فوق رؤوس ساكنيها ولم يمت أحد. فالموت صامتٌ ووقورٌ ونحن نحدث الكثير من الضجيج. كل هذه الدماء تهويمات. الأقدام الصغيرة التي صعدت إلى الجنة طيور مهاجرة هربت من برد الشتاء. الأيادي المبتورة تضرّعات مرفوعة إلى السماء. كل هذا الموت مبالغات. الأكفان عرائس الربيع. المقابر الجماعية أنهار زرقاء. والأم التي احتضنت أطفالها انحنى البيت عليهم ذات ليلة وضمّهم إلى قلبه. وهل أدفأ من جدران البيوت؟ لا تصرخوا، إنهم فقط نيام. والنوم ليس جريمة. لا قتلى هنا ولا قاتل ولا شهود. لم يحدث شيء. لم يمت أحد». سيلفانا الخوري
• فقدت شقيقتها وأفراد عائلتها، الجمعة الماضية، في دير البلح. «لقد كتبت لها عدة مرات، ولم ترد. كنت أعرف أن شيئا ما قد حدث. لا أعرف إذا كانوا قد دفنوها. ولا أعرف ماذا حدث لأطفالها». وتقول، إنه أصبح من الصعب أكثر فأكثر التعرف على هوية القتلى، وخاصة الأطفال الذين قتلوا مع والديهم في الغارات الجوية. وتقول، بعضهم مدفون في مقبرة جماعية، دون أسماء، وتؤكد أنها قررت كتابة أسماء أبنائها على أجسادهم. «كتبت أسماءهم على الوركين والفخذين. إذا حدث لهم أي شيء ومتنا أيضا، على الأقل سيتعرفون عليهم قبل دفنهم». شيرين فلاح
• انهالت الصواريخ على مزارع دير البلح - التي توفر السلة الغذائية للمدينة - حطمت الصواريخ بعض المزارع ومن بداخلها، أفلت البعض من الدمار. كان يسوق بقرته الحلوب التي تدر عليه دخلا يعتاش وأسرته منه، لم تقو البقرة على المسير قد تكون مصابة بشظية، لكنه سرعان ما وضعها في عربة يجرها حمار، استغرب الجميع من المشهد واستغربوا اكثر من الكيفية التي صعدت فيها البقرة إلى العربة.
• مجموعات من النساء والفتيات، اغتنمن الهدنة ليدخلن البحر القريب من الخيام التي نصبت على عجل لإيواء المهجرين الجدد. شرعن بغسل الثياب المتسخة بمياه البحر حيث لا تتوفر مياه للشرب ولا للغسيل، كان مفعول الصابون ضعيفا، رغوة أقل وتنظيف أقل ولمن يدقق تفوح من الغسيل رائحة الأسماك. النساء والفتيات جمعن بين تنظيف الملابس، والترويح وكأنهن يتنفسن الصعداء لبعض الوقت. تعاون الأبناء الصغار في نشر الغسيل على بقايا جدران شاليه كان يرتاده عُلية القوم. أضفى على العملية نوعا من التسلية.
• رزم الحطب الُموَضّبَة معروضة للبيع بقيمة 50 شيكلا للرزمة الواحدة لاستخدامها في الطبخ وفي إعداد الشاي والقهوة. في زمن الحرب، أصبح الخشب بديلا للوقود الذي حظرته سلطات العدوان، وبعد تدخل دولي رفيع المستوى سُمح بإدخال النزر القليل، وعُرض بأسعار مرتفعة ومتفاوتة من مكان لآخر ومن بائع لآخر، لكن الوقت الذي يستغرقه المواطن للحصول على جرة غاز قد يصل إلى 6 ساعات. سؤال: من أين يأتون بالخشب، قال صديقي من غزة، انهم يستخدمون الأعمدة الخشبية المستخدمة للتليفون وغيره، ويستخدمون الأبواب المخلعة في البيوت المدمرة، كما لجؤوا إلى الأشجار وبعضها معمرة كأشجار مقبرة دير البلح التي جرى تقطيعها وعرضها للبيع والاستخدام. وقد أصبحت القبور مكشوفة بلا أشجار وكأن النكبة الجديدة لا تستثني الأموات.
• «من حقنا نعرف احنا ليش بنموت؟ عشان شو؟ وشو بدكم تحققوا لحتى يقف الموت؟ من حقنا حد يحكيلنا احنا وين ولوين حنوصل بدون شعارات رنانة بدون تجميل للي بصير. اللي بيحكوا عن الصمود، اللي بيحكوا عن الصبر، اللي قادرين يعملوا شي وما عملوا حتى لو كلمة، اللي قادرين يوقفوا هالموت العشوائي ومستمرين كلهم شركاء بدمـنا بإبادتنا بقـتلنا. احنا مرعوبين، نشف دمنا، تلفت أعصابنا تنفخت عيوننا من التعب والعياط وقلة النوم بكفي يا رب. أنا مش مسامحة ولا حد، حسبي الله ونعم الوكيل». هيا السنوار.