الرئيسة/  مقالات وتحليلات

سحق فكر المقاومة، وتهجير غزة!

نشر بتاريخ: 2023-10-15 الساعة: 15:41

 

بكر أبوبكر
بات من الواضح والجلي أن الحكومة الاسرائيلية التي ضربتها مطرقة شديدة على رأسها لم تكن كتلك المطرقة التي ضربت رأس غولدا مائير عام 1973 ولا رأس وزير حربها موشيه دايان. ولصعوبة استعادة التوازن في ظل الضربة الموجعة على الرأس فإن العقل الإسرائيلي المتطرف بطبيعته أخذ ينزلق أكثر واكثر نحو الدموية، مستخدمًا مصطلحات الانتقام والثأر و"الإبادة"هذا المصطلح النازي البائد، ولكنه الذي استفاق فجأة ليصبح على فم المتطرفين والإرهابيين الإسرائيليين وغالبية المجتمع.
لم تكن المطرقة التي سقطت على رأس "نتنياهو" ووزير حربه "غالانت" بأقل شدة من تلك التي سقطت على رأس الرئيس الاميركي الذي يثبت كل يوم أنه صهيوني بل ومتطرف أكثر من الصهاينة الإسرائيليين أنفسهم فبدا يكذب ويضلل بالكثير من تخريصاته في الخطاب الذي أسقط فيه كالعادة أسّ المشكلة أي القضية الفلسطينية وتحرير فلسطين بدولتها المستقلة ونصّب نفسه مدافعًا عن اليهود بمجموعة من الأكاذيب البشعة التي ثبت زيفها لاحقًا، ومصورًا الحرب وكأنها حربًا دينية ومتعهدا هو ووزير خارجيته بالدفاع عن الإسرائيليين "بقلب ورب".
ما نقوله أن الصدمة أو اللطمة او المطرقة كانت قادرة على إفقاد الاحتلال وصانعيه التوازن فانحازوا لفكرهم الاستعماري الذي جلب الكيان الى هذه المنطقة العربية، وبدأوا يدبجون التضليلات والاكاذيب لتبرير عدوانهم الوحشي ضد المدنيين.
وفي ظل فقدان التوازن هذا فإن الهدف القادم أصبح واضحًا ويتجه نحو القضاء على تنظيم "حماس" وباعتبارها كما قال "بايدن" ووزير خارجيته"أنها أسوأ من داعش"، ولغرض حفاظه هو و"نتنياهو" على مبرر وجوده في المنطقة العربية، أي لغرض نهب النفط والمحافظة على "إسرائيل" مهيمنة على كل الأمة العربية.
أنظر لتنامي القتل بدم بارد والتطرف النازي ضد غزة، وفي الضفة الغربية واكتساح عصابات المستوطنين الإرهابية للبلاد وإغلاق الضفة بأكثر من 80 حاجزًا يقطع الأوصال والاعتداءات للمستوطنين بالضفة والقتل المباشر، الى جانب حرق غزة وإبادتها، وأنظر الى ما قالت النائبة الإرهابية في الكنيست المدعوة "تالي غوتليف" كنموذج فقط، التي طالبت ب"الانتقام العنيف" في أعقاب هجوم "حماس"، مشيرة لاستخدام السلاح النووي ضد القطاع، أو ما قاله مئير المصري من احتلال القطاع أو ما قاله زميله المتطرف بتدمير غزة وإبادتها كما حصل بمدينة درسدن في ألمانيا.
ما نريد أن نخلص إليه هنا أن الهدف للقيادة الإسرائيلية أصبح واضحًا بالقضاء على "العقرب الذي تمت تربيته بالحديقة الخلفية" أو أن "الحل الجذري هو أن تكون حماس في صفر قوة " كما قال أحد المحللين الإسرائيليين، سواء بالقضاء النهائي على قوة الحركة العسكرية أو مقرونة بتدميرها سياسيًا واسقاط سلطتها في غزة، أو بنقل قياداتها خارج القطاع (أنظر نموذج بيروت 1982 كما أراد شارون)، إن لم يتم القضاء عليهم.
وقال أيضًا "تل ليف رام" في صحيفة معاريف: يجب إنهاء المعركة "بينما لا تكون لحماس القدرة على إدارة حكم او خيارات عسكرية، مَن سيحل محل حماس لم يعد أمرًا ذا صلة". بينما وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي"رون ديرمر" أكد أن حكومة اسرائيل "ستعمل على شل قدرة الإرهابيين"، وتردد صدى مثل هذه الدعوات لدى بعض أعضاء الكونغرس والقيادة الأميركية بوضوح.
لم يتوقف الطرح السياسي شديد التطرف عند هذا الحد بل تم إخراج المخططات الجاهزة في عقول الإرهابيين المتطرفين والتي لم تفارق أدراجهم، التي تطالب بشطب قطاع غزة ذاته بسكانه عن الخريطة، من مثل تحديد مساحة فاصلة ضخمة بين القطاع والداخل (وكأن قطاع غزة دولة عظمى او مساحتها تحتمل ذلك!؟) أو بدفع ( نتيجة الدمار الشامل فإن 350 ألف فلسطيني بغزة خارج بيوتهم، ألا يشكل ذلك دفعًا طوعيًا-قسريًا نحو التفكير بالخروج والهجرة!؟)، أوطرد سكانها للخارج بمعنى أنها لجوء ونكبة جديدة يخططون لها فيما إذا كان من تجاوب أميركي-أوروبي وعالمي، دون مجرد التفكير حتى الآن بأس القضية أي استقلال دولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والتاريخي.
كل من القيادة الصهيونية والفلسطينيين يرون نفس النظرة من أن هذه الحرب تشكل انعاطفة عظمى فقد تكون آخر الحروب فإما سحق وتهجير، وإما حل.
إن عملية إضعاف او إسقاط الفكر النضالي، الفكر الثوري، والمقاوم سواء أكان مربوطًا بالفصيل الفلسطيني "س" او "ص"، فإنه ينسحب على ذات الفكر النضالي عند الفصيل او الفصائل الأخرى بالتأكيد، فلا يظن أي فصيل فلسطيني أنه بمنأي عن التدمير والسحق سواء تنظيميًا باختراق أو بإفقاد فكره وقوته البشرية وأهدافه بالتحرير، وأيضًا بإسقاط منظمة التحرير الفلسطينية ما هو السياق القادم في الأجندة التدميرية الصهيونية إلا إذا كانت اليد الفلسطينية الموحدة قادرة على التكاتف وحماية بعضها البعض! أولًا كمقدمة لاستعادة النفس العربي المنقطع من اللهاث وراء الصهيوني الذي مرغ أنفه بالتراب مؤخرًا.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024