يوآف غالانت ..آلة الهمجية الاستعمارية الأنيقة !
نشر بتاريخ: 2023-10-08 الساعة: 17:38
- موفق مطر
نعلم جيدا ان الذي وضع نفسه قيما وقاضيا يمنح هذا حق الدفاع عن النفس، ويمنعه عن آخر، هو نفسه الذي مازال حتى اللحظة فاقدا للحكمة في القرار، والنبل في الفعل، هو نفسه الذي كرس الهمجية البشرية نمطا وسلوكا في الصراعات، رغم ادعائه الكاذب بتبني مدارس الفكر الانساني، وفلسفة السلام بين الوان طيف امة الانسان، هو نفسه الذي يكرس التمييز بين روح انسان وآخر، وبين دماء ابناء آدم، وبذلك يشرعن اعلاء قيمة دم الاسرائيلي اليهودي، والهبوط بقيمة دم الفلسطيني ! مجسدا بذلك الهمجية البشرية الحديثة التي لا تختلف عن القديمة إلا بأناقة الملبس والعناية الفائقة بالمظهر، ولا يغرنا أن يكون النموذج رئيس دولة استعمارية عظمى، أو وزيرا في بلاط ملكي، أو نائبا تحت قبة بيضاء أو سوداء – لا يهم لونها وشكلها حتى - لا تفكير يشغله سوى استمرار سلطانه ونفوذه ومصالحه، ورسم خطط الحاق النوائب بشعوب استضعفت بنزيف الصراعات الداخلية العرقية والطائفية والمذهبية وحتى الاجتماعية، ونخر هياكل دول تحاول الوقوف على أقدامها، وامتلاكك ناصية قرارها المستقل، ونهب ثروات أوطان تحت مسميات شركات ومشاريع وبنوك، ومنظمات، هي في الواقع اذرع اخطبوط سام، والأصح (العم سام)!
أعمى هؤلاء بصائرهم وضمائرهم، عن همجية الصهيونية الدينية والسياسية، عن عنصرية حكومة فيها مجرم حرب بمسمى وزير واسمه يوآف غالانت يصف عائلات فلسطينية باتت مصائرها بأطفالها الرضع، بشيوخها ونسائها اجسادا وجثامين مقطعة ومحروقة ومتفحمة تحت ركام بيوتها يصفها " بالوحوش البشرية يجب القضاء عليها " فهذا التلمودي العنصري بامتياز يدرك جيدا ان جرائم جيشه بحق المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في فلسطين عموما وغزة تحديدا، إنما هي استحضار حي للهمجية البشرية الخارقة لقوانين الطبيعة ومخلوقاتها الأشد فتكا، وربما كان حريا به مشاهدة افلام هيوليود السينمائية التي تنتهي بدمار الهمجية الآلية، المسيطر عليها، او المنفلتة، التي لا يقدر عليها إلا العقلاء من الأقوياء المعنيين بالحياة والسلام بين الناس على الأرض، فهذا النموذج المدمر المسير بقدرة البشري الهمجي الأنيق، والبالغ تمكنه من تكنولوجيا الشر ما لم يبلغه الانسانيون من تكنولوجيا الخير والحق، سينتهي بتدمير ذاتي شمشوني، ما لم يتخذ الحق والحكمة والتعقل سبيلا.
لا بد من تأكيد ما نؤمن به بأن اعظم وأفظع مصيبة قد تحل بالمجتمعات الانسانية، اعتبار سفك دماء الانسان المسالم البريء معيارا لقياس درجة الانجاز، وفي معان اخرى للاستحواذ على اوسمة البطولة والتمجيد ! فهذا المنطق كان سائدا في المجتمعات البشرية التي كانت تحت تأثير قانون الحياة الطبيعية الملخصة بمقولة: "البقاء للأقوى" رغم أن قانون الطبيعة هذا والمقولة ليست مطلقة، ذلك أن الشبع في عالم الحيوان مثلا هو الحد الفاصل بين شهوة الغريزة، والفعل اللامحدود من البطش والفتك وسفك الدم، أما في عالم البشرية المجردة من الانسانية وقيمها وأخلاقياتها، فإن الفعل يستمر ما دام الهمجي يمتلك اسباب القوة، وما دام الضحية متاحا .
ما زالت المفاهيم البشرية لمعنى "البقاء للأقوى" تفسر بمصطلحات حق لكن الباطل مقصدها، رغم محاولات التجميل التي اتخذتها نظم سياسية في العالم لإخفاء قبحها، وكأن تطور وتقدم ورقي الانسانية لم يبلغ رجالاتها بعد، فهؤلاء مخادعون، يبدون لشعوبهم وجها جميلا، لكنهم يظهرون لشعوب اخرى في الأرض القبح في اسوأ مضامينه وأشكاله .
العقلاء من امة الانسان متفقون على حرمة وقدسية دم وروح الانسان البريء ، ومتفقون على صون كرامته وقيمته وعدم الانتقاص من حقوقه، أو التمييز على اسس عرقية أو دينية أو جنسية أو اللون، ومتفقون أيضا على قدرة العقل الانساني بالوصول الى فضاء السلام، كل مع الآخر، إذا جعل نفسه تحت الحكمة، اما إذا تجبر واستكبر في استعلائه، وفقد الحكمة تلقائيا فإن مصيره، مع من يمثلهم الجحيم قبل الفناء، ذلك أن الحكمة هي القانون الطبيعي الناظم للنبل الانساني، وكل فعل انساني مرتكز على الايمان بالحق، أما استغلال الحق والحقوق لضرب الحكمة ذاتها فهذا بمثابة تفجير ذاتي حتى ولو لم يكن مقصودا !
mat