"هذه كذبة كبيرة"!
نشر بتاريخ: 2023-10-05 الساعة: 09:10
موفق مطر
نعتقد أن عبارة "التاريخ الوطني الفلسطيني" هي العنوان الجذري الصحيح لتاريخ شعبنا منذ الأزل وإلى الأبد على أرض وطنه فلسطين، وتاريخ الحضارات المتعاقبة على فلسطين التي تدل آثارها القائمة والمكتشفة حتى اليوم على قدرة الشعب الفلسطيني على التمييز بين الحضاري الحيوي، والهمجي المدمر، أما الغزوات والحملات العسكرية الدموية، أو التي اتخذت من فلسطين ممرا ودمرت ما صادفها في دروبها، وكذلك الحملات العسكرية المسلحة، التي اتخذت الاستعمار الاستيطاني سبيلا لإنشاء تاريخ مصطنع مكذوب (مزور) كحال الحملة الاستعمارية الاستيطانية الدولية الصهيونية المسلحة، والإرهابية العنصرية على فلسطين، فإنها ليست أكثر من صفحات سوداء قائمة فرضت على كتاب تاريخنا الوطني الحضاري وصفحاته المشرقة في اتجاهات الأرض الأربعة.. ومن هنا فإن الرواية الفلسطينية أكبر وأعظم من قدرة أي كان على حصر بداياتها بما يتناسب ودعايته وادعاءاته ومفاهيمه المحدودة جدا للدين! والتاريخ ومقومات الشعب والدولة، ومعاني الهوية الوطنية.
لا بد من القول بأن حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني، مرتبط بالمعنى الحرفي والموضوعي بتاريخ فلسطين الوطن، ليس الأرض وحسب، لذلك نعتقد بخطأ الذين يتقصدون ابتداء الرواية الفلسطينية بالقطع مع السابق لتاريخ الفتح العربي الإسلامي لفلسطين، ويغفلون عن قصد أيضا قرونا من تاريخ المسيحية في الأرض المقدسة (فلسطين)، ولا يعترفون بجذور تاريخنا الأساس على أرض وطننا فلسطين الذي يمتد عميقا في تجويفات الزمان اللانهائية، رغم أن المعلوم والثابت في مخطوطات العلماء المتخصصين بأن فلسطين موطن أول مدينة مأهولة في تاريخ الإنسانية (أريحا) الفلسطينية... ليس هذا وحسب، بل إن البعض هذا يذهب إلى حد الاندفاع نحو مربع (الحرب الدينية) المصممة في غرف الدولة الاستعمارية الغربية العميقة، الحرب التي كلفت المنظومة الصهيونية العنصرية للتبشير والإعداد لها، في سياق سلخ الحق الفلسطيني عن جوهر الهوية الوطنية الفلسطينية، وقطع سلسلة التاريخ الوطني الفلسطيني، ما يعني تحويل الرواية الفلسطينية إلى حلقات متناثرة، ضائعة في ظل تناقضات بين مراجع دينية، تسيرها غايات سلطوية! لا علاقة لها بجوهر وروح العقائد السماوية الداعية جميعها لنصب ميزان الحق والعدل والمساواة والسلام، ونشر مبادئ وقيم المحبة والإخاء الإنساني تحت تاج الحرية وحرية الاختيار!.
لم يسبق لمسؤول عربي أو فلسطيني، أكد على ضرورة حماية وحفظ الرواية الفلسطينية كما فعل رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الرئيس محمود عباس إبو مازن، لاعتقاده بأن الرواية الوطنية الفلسطينية المسندة والمبرهن عليها بالبحوث والدراسات العلمية، المنسجمة مع تطورات متسارعة على بنية الفكر الإنساني، والمعارف والثقافة الإنسانية، هي قوة الحق الناعمة القادرة على ليس الصمود والمواجهة وحسب، بل على الحياة والانبعاث من جديد، إثر كل حملة صهيونية دينية وسياسية عنصرية تشنها منظومة الاحتلال والاستيطان الإرهابية (إسرائيل)، مسنودة بحملات صهيونية استعمارية دولية تستهدف الرواية الوطنية الفلسطينية، لذلك نسمعه ونراه عند كل منبر وطني أو عربي أو دولي، يحض على استطلاع الرواية الفلسطينية، وقراءتها ببصيرة متجردة من التزوير والتحريف، واليقظة من خطر الكذبة الصهيونية على أمن واستقرار شعوب ودول العالم والسلام بينها، بعد تمريرها وتجسيدها على أرض الواقع بنكبة سنة 1948، كادت تفتك بالشعب الفلسطيني، لولا الجذور الثقافية الحضارية، وعناصر الهوية الوطنية الفلسطينية القوية، التي مكنته من تجاوز صدمة النكبة، والانتقال إلى مرحلة الثورة، ثم تجسيد الكيانية السياسية واستقلالية القرار الوطني والتمثيل الحصري عبر منظمة التحرير الفلسطينية، وتثبيت دولة فلسطين في خريطة الجيوسياسية، وفي نصوص القانون الدولي. ومما لاشك فيه بأن الكفاح والنضال بأساليبهما المشروعة، كانت عاملا مهما في توكيد الرواية الفلسطينية التي في أحدث انتصار لها، اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة (الشرعية الدولية) بنكبة سنة 1948 التي ألحقتها الدول الاستعمارية والصهيونية الدينية والسياسية بالشعب الفلسطيني، لتصبح منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية (إسرائيل) الدولة الوحيدة في العالم التي تحتفل بعروض ومراسم أعياد بذكرى مجازر في حرب دموية، انتهت تهجير ثلاثة أرباع شعب من أرض وطنه الطبيعي والتاريخي (950 ألف) مواطن فلسطيني من مدن وقرى فلسطين التاريخية، وتستكمل الكذبة (الاستعمارية– الصهيونية) بإطلاق مصطلح يوم الاستقلال، وهنا يسأل الرئيس أبو مازن الأدمغة المتخصصة بالتاريخ الحديث، والعلوم السياسية، وحتى الثقافة الإنسانية في العالم سؤالا بسيطا كما قال في افتتاح المنتدى الوطني الثامن "الحياة الرقمية والإبداع" في رام الله أول أمس الثلاثاء: "من الذي كان يحتل دولة إسرائيل حتى تحتفل بذكرى تخلصها من هذا الاحتلال؟!.. هذه كذبة كبيرة !".
mat