في القدس ومخططات التهويد
نشر بتاريخ: 2023-08-29 الساعة: 16:46
عماد عفيف الخطيب
في العام 2015 منحت حكومة نتنياهو "وزارة القدس والتراث" صلاحيات دمج البعد التراثي في المخططات والفعاليات الخاصة بمدينة القدس تحديداً، وفي أراضي الضفة الغربية الفلسطينية التي تسميها "يهودا والسامرة". ومنذ العام 2018 قامت الوزارة بدور محوري في تطوير مشروع القرار 3790 والذي في إطاره أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة تطوير القدس الشرقية بميزانية بلغت 3،2 مليار شاقل تصرف على قطاعات البناء والتنظيم والمواصلات والتعليم والإندماج وعلى تعزيز البيئة التكنولوجية للأعمال.
وفي ذات سياق خطط التهويد، وافقت الحكومة الإسرائيلية على "خطة الطوارئ للفترة 2023-2027" التي قدمتها وزارة القدس والتراث وعنونتها "حماية المواقع الأثرية والتراثية ومنع تدميرها وسرقتها وتمكين البنية التحتية التراثية في "يهودا والسامرة" وغور الأردن".
بلغت ميزانية تنفيذ الخطة 150 مليون شاقل، وبإقرارها صرح وزير القدس والتراث “إن مواقع التراث تمثل أصولاً تاريخية توراتية ويهودية وستحصل على الحماية الكاملة ضمن هذه الخطة". وأضاف بأن التمهيد لتنفيذ هذه الخطة تمثل في تحويل تبعية "سلطة الآثار الإسرائيلية" من "وزارة الثقافة والرياضة" إلى "وزارة القدس والتراث"، مع منح "سلطة الآثار" ذراعاً تهويدياً من خلال تعاونها مع "الصندوق القومي اليهودي" لوضع اليد على المواقع الأثرية والتراثية المنتشرة على أراضي الضفة الغربية تعزيزاً لسياسة الإستيطان ولمحاولة إضفاء الشرعية على المستوطنات وبؤرها كافة وضم ما تبقى من الأراض الفلسطينية.
خلال الفترة الماضية أتخذت الحكومة الإسرائيلية جملة إجراءات تهويدية في موقع بالمنطقة المصنفة (ب) في جبل عيبال من أراضي الضفة الغربية حيث تشرف السلطة الوطنية الفلسطينية على المواقع الأثرية.
وأدعى علماء الآثار الإسرائيلين ومن ساندهم من علماء الآثار الإنجيليين الأمريكيين أن الموقع توراتي يدعى مذبح يشوع. ورداً على تصريحات غربية بأن الإجراء الإسرائيلي يتعارض مع إتفاقيات أوسلو، قال وزير القدس والتراث الإسرائيلي “إن الخطأ المسمى باتفاقات أوسلو والذي أدى إلى هجر العديد من المواقع التراثية سينتهي قريباً، وكل موقع تراثي، بغض النظر عن مكانه، سيتم حمايته".
ولاحقاً في سابقة هي الأولى من نوعها قام مسؤول المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية قبل أشهر قليلة بتسليم وزارة السياحة الفلسطينية قطعة أثرية ترجع للحضارة الآشورية قام أمن المطارات بأمريكا بمصادرتها وإعادتها لفلسطين. وتبين لاحقاً ان القطعة سُرقت من موقع أثري يدعى خربة الكوم في محافظة الخليل. وإستنكر وزير القدس والتراث ما قام به مسؤول المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية ووعد بفحص "مدى قانونية" ما قام به من تسليم للقطعة الأثرية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.
ترصد الحكومة الإسرائيلية مئات ملايين الشواقل لتهويد كافة المواقع التراثية والأثرية في فلسطين التاريخية، وهي تدرك أن تلك المواقع الأثرية ما هي إلا شاهد وحافظ للرواية التاريخية والوطنية الفلسطينية التي تدحض بشكل كامل روايتها الدخيلة. أما من يتتبع سياسة الإستيطان الإسرائيلية الممنهجة فهو يدرك حتماً أن ماكينة الإعلام الإسرائيلي ما إنفكت تروج بأن أحد أهم المبرارات لسياسة الإستيطان هو "حماية الإرث التراثي التوراتي واليهودي من التخريب الفلسطيني".
وإستكمالاً لسياستها في سرقة التراث العربي الفلسطيني، تدّعى إسرائيل وتسوق بأن الأكلات الشعبية الوطنية الفلسطينية مثل الشكشوكة والفلافل والمقلوبة وحلويات الكنافة هي جزء من التراث الإسرائيلي. وهي أيضاً تسوّق بأن الثوب والكوفية الفلسطينيان والزنار المطرز "مكونات أصيلة من تراث يهودي تمت سرقته.”
ولم تسلم الفنون الشعبية الوطنية فقبل عدة أعوام بدأت فرق غنائية إسرائيلية بتقليد "الدحّية" الفلسطينية وعرضها في الحفلات على أنها فولكلورهم.
ختاماً "تبقى فلسطين ويخرج منها من عبرها غازياً"
mat