الرئيسة/  مقالات وتحليلات

المواطن الفلسطيني أبو قوطة ضحية "مجتمع سيد قطب الحقيقي"!

نشر بتاريخ: 2023-07-30 الساعة: 08:20

 

موفق مطر


 الجريمة بحق المواطن محمد أبو قوطة في خان يونس ليس سببها منع حماس الانتخابات البلدية في قطاع غزة وحسب، - كما قال أحدهم لتطويق رد الفعل الشعبي- بل في تعبئتها وسبل تكوينها لشخصية أعضائها، وما تهديد أحدهم للمغدور بقوله:"والله لهدها فوق راسك" إلا انعكاس للطبيعة الإجرامية التي تنمو في ظل قمع وتنكيل وظلم لم يقع على الشعب الفلسطيني إلا من جيش منظومة الاحتلال الصهيونية العنصرية، فحماس فرع جماعة الإخوان المسلمين المسلح في فلسطين لم تخرج يوما عن (أصول العدائية العنيفة النظرية والعملية) المطلقة للآخر التي خطها رأس الإخوان المسلمين الأكبر (سيد قطب) في كتبه وتعاليمه للجماعة، وبرزت واضحة أثناء محاكمة أعضائها بتهمة التآمر على الدولة المصرية ومحاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر عندما قالوا:"نحن جماعة المؤمنين الحقيقية، نعيش في وسط مجتمعٍ جاهلي. لا علاقة لنا بالدولة والمجتمع، ونحن في حالة حرب معهما".. ومجتمع المؤمنين الحقيقي هذا الذي اخترعه سيد قطب ونشره في في كتابه «معالم في الطريق» وقدمه:" طريق مرصوف بالجماجم والأطراف والدم" وبما أن الحاكم والمجتمع جاهليون، وليسوا مسلمين، فالحاكم والمجتمع بالطبع هدف مشروع".

 لن تنفع محاولات حماس امتصاص رد الفعل الشعبي على الجريمة، فالذاكرة الفردية والجمعية الفلسطينية، للجماهير الفلسطينية محفور على صفحاتها أن انقلاب حماس الدموي حدث بعد شهور قليلة على تسلم حماس حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية إثر فوز كتلتها بأغلبية المقاعد في الانتخابات للمجلس التشريعي – حسب النظام،، ورغم ذلك عمل هؤلاء على تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، على رأس الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، وجرفوا نظام وقانون ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وسلخوا قطاع غزة وفصلوه جغرافيا وسياسيا وحتى مجتمعيا وسكانيا، كل ذلك لمنع قيام مشرع دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس خدمة لمؤامرة (دولية صهيونية إقليمية) ولدفع حوالي مليوني فلسطيني إلى اليأس والإحباط، وإلى ما دون خط الفقر بعد أن كان القطاع ركنا أساسيا في الاقتصاد الفلسطيني، أما مبررات الانقلاب وسفك دماء المواطنين الفلسطينيين المنتسبين لأجهزة الأمن الفلسطينية ولحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وشرعنة جرائم الحرب وضد الإنسانية بسيل من فتاوى قضت بتحليل هدر دماء الآخر في المجتمع الفلسطيني، ارتكازا على مقولة: "إنهم مجتمع المؤمنين الحقيقي" التي غرسها سيد قطب في نفوسهم.

إن الشعب الفلسطيني ما زال يذكرعملية تدمير مقر الأمن الوقائي على رؤوس أفراد وضباط منتسبين للجهاز ويعملون بمدينة (خان يونس) في شهر مايو من سنة 2009، حيث ارتقت أرواح 20 تحت الأنقاض، فيما اصيب 29 آخرون بجراح وكسور، أما صيحات (الله اكبر) في خلفية شريط فيديو للجريمة وفاعلها، فهي أعظم دليل على أن تدمير البيوت والمقرات والمساجد على رؤوس من بداخلها جزء لا يتجزأ من منهج العنف الدموي الذي يتبناه رؤوس حماس ومشايخهم الذين افتوا بهدر دماء الآخر الفلسطيني، ونذكرهم بعملية تفجير بيت عبد اللطيف موسى على رأسه وقتله مع مجموعة من مرافقيه، وهو شيخ ما سمي حينها (جماعة أنصار الله)، وبنفس اليوم تدمير مسجد (ابن تيمية) في رفح على رؤوس 19 شخصا مسلحا من هذه الجماعة الأصولية في شهر آب من سنة 2009.. وللتذكير بدقة أكثر فقد وصفت حماس "عبد اللطيف موسى بالمصاب بلوثة عقلية " لأنه دعا رؤوسها بالخضوع لأحكام الشريعة الإسلامية، ونشرت حماس حينها بيانا أكدت فيه: "إن أي مخالف للقانون ويحمل السلاح لنشر الانفلات ستتم ملاحقته واعتقاله"... ما يعني من الناحية العملية (قتله وسحقه) ولعل شريط قتل المطلوب للاحتلال المناضل سميح المدهون أثناء أيام الانقلاب 2006 والتمثيل بجثمانه بعد إفراغ رصاص عدائيتهم من مسافة صفر، وطعنه بالسلاح الأبيض وسحله شبه عار في مشهد لا نراه إلا في الشرائط الوثائقية عن حياة مفترسات بعينها من ضمن مجتمع الوحوش البرية.

سيبقى سفك دماء الإنسان الآخر أسلوب الجماعة لإخضاع كل من ليس في إطار جماعتهم، فالقتل أحد أساليب الإرهاب المادية إلى جانب التكفير والتخوين كإرهاب فكري ونظري تتبعه الجماعة أينما نشأ لها فرع في الأرض، ولعل مشاهد إحراق المواطنين وقطع رؤوسهم في أقطار عربية وأخرى أجنبية التي احتلت وسائل التواصل المرئية لسنوات تحت مسميات (داعش والقاعدة) وغيرهما لأكبر دليل على أن تعاليم جماعة الإخوان المسلمين كانت الأساس لهذا العنف الدموي الهمجي، فالجماعة وما فرخته من جماعات تحت مسميات أخرى أثبتت وبالدليل القاطع أنها توأم الصهيونية الدينية العنصرية، التي تشرعن قتل الآخر بسيف الرب حتى لو كان جنينا في رحم امرأة حامل، ذلك انطلاقا من عدائية الجماعة للفكر الإنساني التحرري التقدمي المتنور، وللحرية وقيمها وأخلاقياتها. والأهم من كل ذلك عدائيتها لكل ما هو حضاري ومدني.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024