خطوات ضرورية قبل القاهرة
نشر بتاريخ: 2023-07-16 الساعة: 09:05
عمر حلمي الغول
لم يبق الكثير من الوقت حتى يلتئم اجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل السياسي الفلسطيني في الثلاثين من تموز/ يوليو الحالي في القاهرة بناءً على دعوة الرئيس محمود عباس لتدارس الوضع والتطورات المستجدة في الساحة الفلسطينية، وخاصة التغول الإجرامي الفاشي الإسرائيلي على أبناء الشعب في مختلف محافظات الوطن الجنوبية والشمالية وخاصة اجتياح مدينة جنين الباسلة ومخيمها البطل في الثالث من الشهر الحالي. ومن خلال التدقيق في نشاط وحركة الفصائل ألاحظ شيئا من السكون النسبي، وكأن لسان حالها جميعا يقول، هناك الكثير من الاتفاقات والتفاهمات والحوارات تمت، ولا يوجد جديد يمكن الحديث عنه.
وعلى أهمية كل الاتفاقات والإعلانات والتفاهمات السابقة، إلا أن الشعب والقيادة الفلسطينية يعيشون في خضم حرب إسرائيلية مفتوحة على كل الجبهات لتحقيق أهداف حكومة الترويكا الفاشية الثلاثة أولا القبول بأن إسرائيل "الدولة القومية لليهود" في فلسطين التاريخية، وفي المقابل نفي حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني؛ ثانيا من لم يقبل بالأمر الواقع والاستسلام لمشيئة وإملاءات حكومة نتنياهو السادسة فعليه الرحيل؛ ثالثا ومن لم يرحل طوعا فالجيش وعصابات المستعمرين ستتولى أمره لإرغامه على الرحيل. وهو ما يؤكد حقيقة واحدة وواضحة، تخلي إسرائيل الدولة اللقيطة عن مطلق تسوية سياسية، وقطع الطريق على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وهذا يعني إلقاء الدولة الصهيونية كل الاتفاقات في سلة المهملات، الأمر الذي يتطلب ردا ورؤية سياسية وتنظيمية وكفاحية تتناسب مع التحديات الإسرائيلية المنفلتة من عقالها، لوقف استمرائها سياسة البطش والتنكيل والقتل على الهوية الوطنية، ووضع كوابح أمام تسارع مصادرتها وتهويدها وإعلانات عطاءاتها لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية وإقامة البؤر الاستعمارية الجديدة، وإعادة الاعتبار للقضية والأهداف الوطنية ومنظمة التحرير وسلطتها الفلسطينية، وفرضها على الأجندة الإسرائيلية والعربية والأممية كقضية مركزية للعالم كله، وليس للعرب فقط.
وهذا يتطلب من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، العمود الفقري للحركة الوطنية ومنظمة التحرير قبل غيرها التحرك الفوري في الإعداد والتحضير الجيد والمناسب لاجتماع الأمناء العامين، وتحديد الأولويات السياسية والتنظيمية والكفاحية، وذلك من خلال تكثيف اللقاءات مع فصائل منظمة التحرير المختلفة: الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وجبهة النضال وجبهة التحرير الفلسطينية والصاعقة والقيادة العامة والجبهة العربية الفلسطينية وجبهة التحرير العربية والمستقلين، وفي ذات السياق التنسيق المسبق مع القيادة المصرية للإسهام بدورها كحاضنة وراعية أولى للمصالحة الوطنية لإنجاح أعمال الاجتماع، وحتى لا يكون كالاجتماعات السابقة، التي لم تثمر عن نتائج ملموسة، ولكسر حالة الاستعصاء والمناكفات والتحريض من قبل القوى المتخندقة في دائرة أجنداتها الفئوية، وحساباتها النفعية الصغيرة على حساب المشروع الوطني، وأيضا لقطع الطريق على المخطط المعادي، الذي أعدته القوى المحلية والعربية والإقليمية، والهادف لتقويض الكيانية الفلسطينية واستبدالها بإمارة غزة، وكانتونات متفرقة في المحافظات الشمالية.
نعم هناك حاجة ماسة لتنشيط تفعيل العملية السياسية مع الكل الوطني، والتركيز على أولا وضع خطوات عملية لتجسيد الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب، وتعزيز أواصر الشراكة السياسية؛ ثانيا العمل على ضم قوى الإسلام السياسي وخاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي لمنظمة التحرير، والبدء في إعادة تشكيل المجلس الوطني وفق ما تم الاتفاق عليه سابقا، بحيث يكون عدد أعضائه 350 عضوا من مختلف التجمعات الفلسطينية وفق المعايير التي تم الاتفاق عليها بالانتخاب حيثما تسمح الشروط في هذا التجمع أو ذاك، وبالتعيين في الساحات التي تحول دون الانتخابات؛ ثالثا تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم مختلف المكونات السياسية بهدف الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطنية؛ رابعا الاتفاق على رؤية برنامجية متكاملة سياسية وتنظيمية وكفاحية، انطلاقا من الترجمة الفعلية لقرارات المجلسين الوطني والمركزي وبما يستجيب وحاجات ومصالح الشعب العليا، وتشكيل قيادة وطنية موحدة لتفعيل المقاومة الشعبية وكل أشكال المقاومة على أرضية نظام سياسي تعددي واحد، وسلاح واحد، وقانون واحد، وخطة وطنية واحدة استراتيجية وتكتيكية تعمل بالتناغم والتكامل بين كل مكونات ومؤسسات الشعب الوطنية، وتحت راية منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد؛ خامسا فرض السيادة الفلسطينية على كل أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس العاصمة الأبدية لفلسطين؛ سادسا تعزيز وتعميق الحاضنة الشعبية والرسمية العربية، وفي أوساط أنصار السلام في العالم، وتوسيع دائرة التحالفات الدولية مستفيدين من التحولات العالمية الجارية والسائرة بخطى حثيثة نحو منظومة عالمية نوعية متعددة الأقطاب؛ سابعا توسيع وتعميق النشاط في المنابر الدولية لرفع مكانة فلسطين لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ومطالبة الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية للاعتراف بها، والتمهيد لعقد مؤتمر دولي وفق روزنامة محددة لإنهاء الاستعمار الإسرائيلي وتأمين استقلال وسيادة الدولة الفلسطينية، وتأمين الحماية الدولية للشعب العربي الفلسطيني.. إلخ.