الرئيسة/  مقالات وتحليلات

جريمة إباحة قتل الأطفال!

نشر بتاريخ: 2023-07-09 الساعة: 03:42

 

عمر حلمي الغول


الشعب الفلسطيني بكل أبنائه أطفالا ونساء رجالا وشيوخا يعتبرون أهدافا لجيش الموت الإسرائيلي وقطعان المستعمرين، ومعرضون للقتل والاعتقال في كل لحظة دون تمييز. ولا تتورع الدولة اللقيطة الإسرائيلية عن ارتكاب أي جريمة حرب ضد أبناء الشعب. لأن هدفها الأساس يتمثل بعملية تطهير عرقي شاملة ضد كل من هو فلسطيني، ومن لا يطاله الترحيل والطرد والتشريد، سيطاله الموت، أو بالحد الأدنى الاعتقال، أو قبوله التحول لعبد مأجور في خدمة أهداف الدولة الفاشية المقامة على أنقاض نكبة وحقوق الشعب، والتي ترعاها دول الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة.

ومن مظاهر التغول والوحشية الإسرائيلية ضربها بعرض الحائط القانون الدولي عموما، واتفاقية حقوق الطفل الأممية خصوصا، وآخرها إحالة مشروع قانون للكنيست من قبل اللجنة الوزارية للتشريع يوم الأحد الماضي الموافق الثاني من يوليو الحالي المقدم من أحزاب الائتلاف الفاشي الحاكم الذي يسمح للسلطات الاستعمارية باعتقال الأطفال دون سن الرابعة عشرة، الذين أدينوا بالقتل، أو بالشروع في القتل كـ"جزء من عمل قومي، أو كجزء من أنشطة المنظمات الفدائية" وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت". وطرح مشروع الاقتراح الإرهابي، وأحد قوانين الغاب في الجلسة العامة للكنيست يوم الأربعاء الماضي الموافق الخامس من يوليو الحالي لإجراء مزيد من النقاش حوله، تمهيدا لإقراره بالقراءات الثلاث.

وهذا المشروع يتناقض مع أبسط القوانين والأعراف الوضعية والسماوية، وهو بمثابة انقلاب على اتفاقية حقوق الطفل الأممية، ويعكس روح دولة اسبارطة الصهيونية المنتجة للإرهاب والجريمة المنظمة، ويستهدف استباحة مطلق حق إنساني للإنسان الفلسطيني بغض النظر عن عمره أو جنسه أو دينه أو معتقده أو لونه، ويعتبر تكريسا لقوانين الغاب.

وما يعمق ما تقدم، المقابلة التي أجرتها قناة الـ"بي بي سي" البريطانية مع رئيس الوزراء الأسبق، نفتالي بينت، التي أجرتها معه انجانا جادجيل، التي حشرته بالسؤال: "هل القوات الإسرائيلية سعيدة بقتل الأطفال الفلسطينيين؟" فجاء رده باهتا مدعيا "أن الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل جميعهم وعددهم أحد عشر هم من المسلحين." وهذا افتراء على الحقيقة والواقع، لأن أغلبهم من المدنيين العزل، فردت عليه انجانا بأن أربعة منهم تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاما، أي أنهم أطفال، وحتى ينكأ الجراح، ويؤكد وحشيته وعنصريته، قال إنهم "قرروا حمل السلاح، وهذه مسؤوليتهم". وتعقيبا على سؤال المذيعة "كيف ستعرف مسلحا يطلق النار يبلغ من العمر سبعة عشر عاما؟ مع أن الأمم المتحدة عرفت هؤلاء بالأطفال. فقال "لا يوجد أم إسرائيلية تريد إرسال ابنها إلى جنين." وهذا كذب وافتراء. لأن الأمهات الإسرائيليات كن مجندات، وما زلن يعملن في أجهزة أمن الدولة الاستعمارية، وهن بطبيعتهن جزء من المستعمرين، وتابع "نحن نفعل ذلك لأنه ليس لدينا خيار آخر."  وهذا كذب فاضح، لأن هناك أهم خيار، هو السلام الممكن والمقبول، وانسحابهم من أرض الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

لكن لأنه لا يؤمن بالسلام، ومسكون باستكمال دولة إسرائيل الكاملة على أرض فلسطين التاريخية، ويقف خلف منطق المستعمر المتغطرس والفاشي، ومزور التاريخ، ونافيا للرواية الوطنية الفلسطينية، التي هي أصل الحكاية في الوطن الفلسطيني العربي، قال ليؤكد خيار التطهير العرقي والترانسفير، وسحق الحق الفلسطيني في تقرير المصير على أرض وطنه الأم فلسطين "عندما يقررون قبول الدولة اليهودية في أرض إسرائيل، فإن ذلك سينتهي." وفق ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست" يوم الأربعاء الموافق الخامس من يوليو الحالي. بتعبير آخر، يريد من الفلسطينيين أن يسلموا بالرواية الصهيونية الأميركية المزورة، ويرفعوا الراية البيضاء أمام جبروت القوة الإسرائيلية الغاشمة. وتجاهل كليا أحد غلاة الصهيونية الدينية المتطرفة، أن خياره لا يجلب الأمن والهدوء ولا السلام، بل العكس صحيح. لأن الشعب العربي الفلسطيني لن يقبل بغير الاستقلال الكامل على أرض وطنه الأم فلسطين في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، وبالتالي ما يطالب به، ودفاعه عن قتل الأطفال وأبناء الشعب العزل في جنين وغيرها من محافظات الوطن الشمالية والجنوبية، يؤكد أن الإسرائيليين في غالبيتهم العظمى لا يقبلون القسمة على خيار السلام، ولا يريدون سماع كلمة سلام من حيث المبدأ، لأنها تثير الرعب في نفوسهم، وكونهم يخشونه، ويحصرون خيارهم في مواصلة دورة العنف والقتل والإرهاب لجميع أبناء الشعب من النساء والأطفال والرجال والشيوخ. لقناعتهم، أن الفلسطيني الجيد، هو الفلسطيني الميت.

إن جريمة إباحة اعتقال وقتل الأطفال الفلسطينيين وصمة عار في جبين العالم كله والغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، التي تغطي جرائم حرب الدولة المارقة والخارجة على القانون، وعلى الأشقاء العرب ودول وأقطاب العالم والهيئات الأممية اتخاذ ما يلزم لحماية أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما والأطفال والنساء خصوصا من مجرمي الحرب الصهاينة المتوحشين.

[email protected]

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024