الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ليقاضيهم أهل ترمسعيا في أمريكا وأوروبا

نشر بتاريخ: 2023-06-25 الساعة: 13:11

 

المحامي إبراهيم شعبان


إثر الهجمات البربرية الهمجية من قبل المستوطنين المتطرفين الإسرائيليين، على بيوت وأهالي بلدة ترمسعيا ، وإعمال يد القتل والحرق والتدمير للحياة الإنسانية والمساكن والسيارات والمزروعات فيها، حيث قتل أحد شباب البلدة المتزوجين أثناء دفاعه عن البلدة، وإصابة أكثر من اثني عشر شخصا فلسطينيا بالرصاص الحي، وحرق ثلاثين منزلا، وتدمير أكثر من ستين سيارة، قام وفد من الإتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسة الأوروبية وانضم إليه تمثيل أمريكي بزيارة البلدة المنكوبة. 

وعبر الوفد بما أوتي من كلمات أدبية ومشاعر عاطفية عن إدانتهم لهذه الأفعال وتضامنهم مع أهالي الشهيد والمصابين، وأخذوا الصور التذكارية مع الأهالي، وعادوا من حيث أتوا ليكتبوا التقارير لوزراء خارجيتهم، وليطلبوا منهم مواقف غامضة عائمة غائمة، لا تسمن ولا تغني من جوع، كالتي اعتادوا على اتخاذها طيلة خمسة عقود ونيف، وأغلب الظن أنهم سيكرروها في أي حدث قادم يصيب الفلسطينيين بأذى.


أسطوانة قديمة مشروخة بالية، ما انفك الأمريكيون والأوروبيون عن القيام بها في حركات مسرحية بلهاء. وكأن الفلسطينيين أطفال سذج ينسيهم دم أبنائهم وهدر ممتلكاتهم، عبارات مزخرفة وزيارات تلفازية ومواقف مسرحية. فالتاريخ الذي لم يجف مداده بعد يعلمنا أن الإتحاد الأوروبي، لم يستطع وقف أعمال الهدم والتخريب الرسمية لمشاريع ممولة بالكامل من الإتحاد أللأوروبي في الضفة الغربية، حتى أن المدارس هدمت بالكامل ولم تنج من النزعة التدميرية الإسرائيلية. ولم يستطع الإتحاد الأوروبي أن يطالب السلطات الإسرائيلية بمجرد مطالبة مالية، أو اعتذار أو شجب رغم أن الإتحاد يعتبر المستورد الأول من المنتجات الإسرائيلية. يعني بجرة قلم سترتعد فرائص الحكومة الإسرائيلية لو أراد وعزم الأوروبيون.


وما لنا ننسى قضية منتجات المستوطنات الإسرائيلية وتسويقها في دول الإتحاد الأوروبي. ألا يعتبر الإتحاد الأوروبي الإستيطان بأدب جم ولغة دبلوماسية رقيقة خرقا لقواعد القانون الدولي، بدل أن يعتبره جريمة حرب، وفق قواعد القانون الدولي الإنساني. وما دام الأمر كذلك فلماذا لا يقوم الإتحاد الأوروبي بوسم ومقاطعة جميع المنتجات الإستيطانية في جميع دول الإتحاد الأوروبي كافة، بل يقف عاجزا عن أي فعل بحجة أو باخرى.


ولماذا ننسى الموقف الأوروبي البائس اللاموقف والذي ما زالت أحداثه ساخنة ولم تنسه الذاكرة، فيما جرى في بلدة حوارة.

 فما الذي استطاع الإتحاد الأوروبي عمله بعد حرق وتدمير عشرات المنازل في حوارة خلال الشهر الماضي على يد ذات العصابة الإستيطانية العنيفة. أين الموقف الأوروبي الجاد الرصين بل اين الإجراءات الأوروبية ردا على هذه الهجمات البربرية الإستيطانية ولماذا لم يتعلم من الغزو الألماني ومن محاكمات نورمبورغ وميثاق لندن . بل أين الإجراءات الأوروبية القانونية ردا على تلك الخروقات القانونية الجسيمة لقانون الإحتلال الحربي، سواء على صعيد اتفاقية جنيف الرابعة أو المحكمة الجنائية الدولية أو الإختصاص العالمي لمحاكمة مجرمي الحرب أو على صعيد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

يبدو أننا نسينا في مطالبتنا الإتحاد الأوروبي بأننا لسنا أوكرانيين، ولسنا بيض البشرة، وليست ثقافتنا غربية الجذور، ولسنا أوروبيين، بل فلسطينيون دفعوا ثمن العنصرية الأوروبية والطرد الأوروبي ليهود أوروبا في الإقليم الفلسطيني المسالم. وقطعا لن ننسى أن سلطتنا الفلسطينية لا تستطيع أن تحرك ساكنا تجاه الأوروبيين ما داموا هم الممول الرئيس للميزانية الفلسطينية.


وإذا قلبنا الصفحة سنجد أن السفير الأمريكي اليهودي لم يكلف نفسه بزيارة بلدة ترمسعيا وأناب غيره لتفقد رعاياه المنكوبين. ألا تعتبر ترمسعيا بلدة فلسطينية سكانها من الأمريكيين حصرا. ودعونا نسأل السفير الأمريكي ، ماذا فعل تجاه مقتل المواطن الفلسطيني الأمريكي في قرية جلجليا على يد القوات الإسرائيلية. وماذا فعل وجميع الإدارات الأمريكية تجاه مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة من عام ونيف.


لم يسمع الفلسطينيون من الإدارة الأمريكية على مدى خمسة وسبعين عاما سوى أدبيات ونثريات وعبارات وإدارة للصراع، وتمويل لوكالة الغوث، وتدريب لقوات الأمن الفلسطينية، وتمويل لبعض أنشطة المنظمات غير الحكومية الفلسطينية ،وصرف المليارات للكيان الإسرائيلي، وأخيرا وليس آخرا تآمر على القضية الفلسطينية وإعاقة لأي حل سياسي عادل.


لا بد من التذكير هنا ان بعض العائلات الأمريكية التي اصيب بعض أفرادها بتفجيرات الإنتفاضة الثانية، اقاموا دعاوى تعويضات على السلطة الفلسطينية، باعتبارها مسؤولة عن تلك العمليات التفجيرية. وأخذ القضاء الأمريكي بالإختصاص الشخصي نتيجة أن المصاب أمريكي. وبالفعل حكم القضاء الأمريكي لصالحهم بالتعويض بعشرات الملايين من الدولارات.

 واقام بعض الأمريكيين بشكل مماثل، دعوى على البنك العربي لفتحه حسابات بنكية لأشخاص اتهموا بميولهم التنظيمية الفلسطينية.


وهذا يدعو للتفكير والإقتراح، لماذا لا يقاضي الأمريكي الذي يسكن بلدة ترمسعيا والذي أصيب بضرر مادي أو جسدي ملاحقة الإسرائيليين أمام المحاكم الأمريكية مدنيا وجزائيا. والتركيز هنا على الطلب من المواطن الأمريكي الفلسطيني من ترمسعيا حصرا مقاضاة الإسرائيليين. وهذا الطلب محصور بهم وليس السلطة الوطنية الفلسطينية ولا التنظيمات الفلسطينية لأن مثل تلك الطلبات سيفشل مسار المقاضاة. ومن المؤكد أن رجال عدل فلسطينيون وأمريكيون سيتبنون مثل هذه الأنواع من القضايا بل سيسعون لتبنيها. والإسرائيلي هنا يشمل الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي والأحزاب الإسرائيلية المتورطة بما فيهم المستوطنون الإسرائيليون ووزرائهم سموترتش وبن غفير.


هذا ليس توسيعا للمسؤولية الجزائية والمدنية بل توضيحا لها. فبموجب إتفاقيتي جنيف الرابعة لعام 1949 وإتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1977 والعرف الدولي تعتبر قوات الإحتلال مسؤولة عن أمن وسلامة الأشخاص المحميين وهم الفلسطينيون في الأرض المحتلة. وعليها إتخاذ الإجراءات التي تكفل سلامة وأمن المحميين الفلسطينيين وممتلكاتهم. والحكومة الإسرائيلية مسؤولة شاءت أم أبت عن أفعال المستوطنين لأنهم وجدوا بقرار منها.


في ظل انسداد الأفق السياسي للقضية الفلسطينية، وفي ظل عجز الأمم المتحدة عن تنفذ قراراتها، وفي ظل تراخي كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وفي ظل عدم توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، فلا أقل أن يبادر الفلسطينيون المتجنسين بالجنسية الأمريكية من ترمسعيا بمبادرة يقيمون فيها الدعاوى المدنية والجزائية، أمام المحاكم الأمريكية، على مستوطنين يحملون الجنسية الأمريكية وهم كثر، وعلى الإدارة الإسرائيلية مدنيين وأمنيين، فما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك!!!

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024