الرئيسة/  مقالات وتحليلات

ازالة قبة مسجد الرحمن  انتهاك خطير للمقدسات الدينية

نشر بتاريخ: 2023-06-20 الساعة: 01:19

 

المحامي علي أبوهلال


يواصل الاحتلال الاسرائيلي انتهاك المقدسات الدينية ودور العبادة، والحريات الدينية للمسلمين والمسيحيين، على السواء في القدس المحتلة، وبضغط من المستوطنين، والجماعات اليمينية المتطرفة أجبرت سلطات الاحتلال أهالي بلدة بيت صفافا على "تقصير ارتفاع قبة مسجد الرحمن وتغيير لونها" بدلا من هدمها، وقام أهالي البلدة في ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء الماضي 14/6/2023 ، بإزالة قبة مسجد الرحمن الذهبية، تمهيدا لتقصير ارتفاعها وتغيير لونها من الذهبي الى الفضي، ثم إعادتها من جديد، نظرا لانزعاج المستوطنين من لونها الذهبي الذي يذكرهم بلون قبة الصخرة المشرفة.

وتعود أساسات المسجد إلى نحو قرن من الزمان، إذ بني على مساحة 700 متر، وجدده ورممه المقدسيون قبل 7 سنوات، وتمت إضافة طابق جديد، وبناء القبة الذهبية. ورفعت بلدية الاحتلال في مدينة القدس طلبًا إلى ما تسمى محكمة الشؤون المحلية الإسرائيلية في يناير 2022، من أجل هدم مسجد الرحمن، وقبته الذهبية بزعم البناء دون ترخيص. وفي حينها أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن بلدية الاحتلال بالقدس تعرضت لضغوط كبيرة من المنظمات اليمينية المتطرفة للمطالبة بهدم المبنى الإسلامي بكامله، وليس هدم القبة الذهبية فحسب، بزعم أن "القبة وضعت لتكون مصدرًا آخر للعنف" في مدينة القدس المحتلة. وكانت سلطات الاحتلال قد قررت في بداية عام 2021 هدم المسجد، ولكن بعد الهبة الشعبية التي شهدتها مدن الداخل المحتلة، ومعركة "سيف القدس" في مايو 2021، أجلت حكومة الاحتلال في حينها عملية الهدم.

وبعد مداولات استمرت لعدة أشهر وبعد مشاروات مع أهالي القرية تم الموافقة على "تقصير ارتفاع القبة الذهبية وتغيير لونها الى الفضي"، مقابل عدم هدم القبة الذهبية والطابق العلوي، وكذلك سيتم بناء مأذنة للمسجد، حيث وجد أهالي البلدة أن هذا الخيار هو الأفضل والأقل ضررا لحماية مسجد الرحمن، للحفاظ على وجود الجامع وعدم المساس به، لافتا الأعمال في المسجد سيقوم بها الأهالي."

ويشير أهالي بلدة بيت صفافا أن هذه الإجراءات تنم عن توجهات عنصرية واستيطانية واستعمارية، فالقبة الذهبية التي تتوسط بلدة بيت صفافا، أثارت حفيظة المستوطنين لتطابق شكلها مع قبة مسجد الصخرة المشرفة، وطالبوا بهدمها حتى لا تصبح المنطقة "حرما شريفا"، وحتى لا تصبح القدس حسب ادعائهم كمكة المكرمة، وهذه القبة الذهبية هي محاولة لإظهار البلدة كجزء من مجمع مقدس في القدس، يحرم على الإسرائيليين دخول القرية، وهي مظهر من مظاهر السيادة الإسلامية بحسب تعبيرهم.

يذكر أن اتفاقية رودوس عام 1949؛ قسمت بلدة بيت صفافا إلى قسمين بين "إسرائيل" والأردن، ومنذ ذلك الحين بدأ الاحتلال بسرقة أراضي البلدة إضافة إلى اقتطاع مساحة من الجانب الأردني في حينه، وبعد عام 1967 خضعت البلدة بشقيها للاحتلال. وهذا المسجد الذي نتحدث عنه يقع في المنطقة التي تتبع للقسم المحتل عام 1948 وأسس قبل أكثر من 100 عام، ويعد من أوائل المساجد في بيت صفافا.


بيت صفافا هي بلدة فلسطينية تقع على مسافة 4 كم جنوب غرب القدس وشمال بيت لحم، وتقدر مساحة أراضيها ب 3314 دونما، وتحيط بها المستوطنات من جميع الجهات، واستولت قوات الاحتلال على مئات الدونمات من أراضيها لصالح شق شوارع استيطانية، قطعت أوصالها، وعزلتها عن محيطها.

وتتعرض البلدة لهجمة استيطانية واسعة تعرضت أراضيها للمصادرة، إذ تقلصت مساحتها من 5288 دونما إلى 1212 بفعل الاستيلاء الممنهج على أراضيها منذ عام 1948، ولعل آخرها الإعلان الذي ظهر في اللافتات التي علقتها بلدية الاحتلال حول نيتها مصادرة 150 دونما في بيت صفافا بمنطقة الطنطور وطبليا والجبل لصالح شوارع تخدم المستوطنات.

 كما وافقت لجنة التخطيط والبناء اللوائية في بلدية الاحتلال على إيداع خطة لبناء 1465 وحدة استيطانية بين جبل أبو غنيم وبيت صفافا، تسمى حي القناة السفلية، بينما تقرر إجراء مناقشة أخرى بشأن خطط بناء مجمع استيطاني جديد في التلة الفرنسية.

إن أطماع الاحتلال، والمستوطنين والجماعات الدينية المتطرفة في بلدة بيت صفافا، هي أطماع قديمة وتجد دائما المبررات لمصادرة أراضي البلدة، وهدم المباني والمنازل، ودور العبادة فيها، كما هي أطماعهم ومخططاتهم في القدس المحتلة، وفي كل بلداتها، وقراها ومخيماتها، انها سياسة التهويد التي تستهدف القدس، وسياسة الترحيل القسري والتطهير العرقي التي تستهدف المقدسيين.

وتترافق هذه السياسة الاستعمارية، مع التوجهات الأخرى التي تستهدف ضرب المقدسات الدينية، الاسلامية والمسيحية، ومصادرة حرية العبادة واقامة الشعائر الدينية فيها، وكل هذه السياسات العدوانية والعنصرية، تتعارض مع القانون الدولي الانساني، وقانون حقوق الانسان، وقرارات الشرعية الدولية، التي تستوجب المسؤولية الدولية على دولة الاحتلال، وتتطلب من شعبنا ومن أحرر العالم، ومن المنظمات الدولية ذات الصلة، التصدي لهذه الجرائم ، ومواجهة وملاحقة من يرتكبها بحق القدس وبحق المقدسيين، والعمل الجدي من أجل وقفها.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2024