أنقذوا طلبة جامعات فلسطين قبل فوات الأوان !!
نشر بتاريخ: 2023-05-27 الساعة: 23:10
موفق مطر
ليست مناظرات، ولا علاقة لها بالديمقراطية وأحد مساراتها الانتخابات، إنما استعراضات مليشياوية، فهنا مسلحون وملثمون في حرم كبرى جامعات الوطن وشعارات وبيارق لجماعات وفصائل وتنظيمات !!!! وأجواء صاخبة لا مجال فيها لتركيز بوصلة العقل، ولايجوز إطلاقا تسميتها "مناظرات" فما بين الردح والتشكيك بوطنية الآخر، وكيل الاتهامات التي تستوجب نصب محاكم خاصة للنظر باعتبارها جرائم على مستوى وطني وما بين المناظرات التي تستوجب طرح البرامج ومناقشة اليوم والرؤية للغد بهدوء وعقلانية، وتقديم المعلومة الموثقة والموثوقة مصادرها، فارق واضح المعالم يدركه العقلاء والحكماء والبسطاء أيضا كالفارق بين الحق والباطل، فما يحدث فيما يسمى الدعاية الانتخابية لانتخابات مجالس الطلبة في جامعاتنا أو بعضها على الأقل نكسة لمنهج الديمقراطية بكل ما تعنيه الكلمة، والتعبئة السياسية الوطنية، والحياة التنظيمية بوجهيها الداخلي والجماهيري، حتى إن الذي يشاهد الصورة عن بعد يعتقد أن صور المسلحين والملثمين والرايات من وقائع مهرجانات وفعاليات حزبية خاصة، بينما واقع الأمر أن كل هذا يحدث في حرم جامعات في الوطن على رأسها جامعة عريقة، كانت إدارتها تقرر فصل الطالب الملثم وتمنع أي مظهر للعسكرة في حرمها ! والسؤال الأهم ما الذي تغير ؟!.وفي وجهه الآخر، من المسؤول عن تردي منهج الديمقراطية، وإسقاطها من قاموس فكر وسلوك وعمل أجيال المستقبل في فلسطين ..فكل ما يحدث - جملة وتفصيلا – خطر جسيم على معنى الانتماء الوطني للأجيال القادمة، باعتباره الشرط الأساس اللازم لتطبيق منهج الديمقراطية كأسلوب للحياة في مساراتها كافة، فما رأيناه وسمعناه – وتحديدا مما يسمى الكتلة الإسلامية التابعة لفرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين المسمى حماس، ولاء أعمى لكل مسمى إلا للوطن ! فهنا لمسنا المعنى الحقيقي لعملية نزع التعقل والتفكير والحوار والمناقشة والبحث، وإحلال نزعة الانقياد والتبعية والتسليم بحماس عالي المستوى والتدفق، وبرؤية أبعد تبديد الآراء والمواقف والأفكار العقلانية لدى الطلبة (جيل المستقبل)، وإحلال المواقف وردود الأفعال الانفعالية، وإغراقهم بتناقضات على حساب التناقض الرئيسي مع منظومة الاحتلال الاستعمارية الفاشية العنصرية، ناهيك عن تعميق الفصل بين مكونات الشعب الفلسطيني، ومقومات الوحدة الوطنية، ومعاملة كل منها وكأنها كيان غريب من خارج الوطن، وهذا ما شاهدناه وسمعناه من مناظر (الكتلة الإسلامية) وهو يوجه كلامه لمناظر الشبيبة التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بقوله : "عزامكم" ويقصد بها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي قاد كل جولات الحوار مع جماعته (حماس) التي ينتمي إليها هذا المناظر، وبقوله : "رئيسكم" ويقصد بها رئيس الشعب الفلسطيني، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعمل بأمانة على توفير افضل مناخات الديمقراطية في الوطن، وبقوله أيضا :"ديمقراطيتكم" وكأن هذا المناظر قد حظي بما يشاء من الحرية حتى تجاوز خطوطها الحمراء وتعدى على مقامات ورموز سيادية وكال التهم للمؤسسة الأمنية تحت مظلة ديمقراطية منظومة الاحتلال الإسرائيلي أو ديمقراطية جماعته الدكتاتورية (حماس) في قطاع غزة حيث انتهكت حقوق مئات آلاف الطلبة في الجامعات من حق انتخاب مجالسهم الطلابية، أما الباحث عن الحريات لدى جماعته، فإنه كمن يبحث عن الكمأة في البحر!! أما للباحثين عن الحقائق بالأرقام، فإن حركة التحرر الوطنية ما زالت تتمتع باحترام الغالبية العظمى من شريحة الطلبة في الجامعات، هذا في إطار مجاراة البعض الذي يعتبر النتائج (عدد الأصوات والمقاعد) معيارا للقياس، رغم عدم موافقتي على هذا الأمر، لأن الانتخابات بمثابة امتحانات مرحلية، غالبا ما يشكل المزاج العام وقوة الحشد والتحالفات اللامنطقية واللاموضوعية بين تيارين متناقضين تماما من حيث جوهر الأفكار والنظريات، ورغم ذلك فإن نتائج التصويت قد منحت قوائم الشبيبة في الجامعات أصواتا أعلى مما حصلت عليه الكتلة الإسلامية، حيث نالت الشبيبة 16194 مقابل 16135 للكتلة، مع الإشارة إلى أن مقاعد انتخابات مجلس طلبة (فلسطين الأهلية) فازت بها الشبيبة بالتزكية ، بعد انسحاب الكتلة، وما زال في البرنامج انتخابات في جامعتين في الوطن، وما الحديث عن انتصارات عظيمة وتفسيرات في غير موضعها وموضوعها لنتائج الانتخابات إلا من باب (الخرط السياسي) والدعائي للتمويه على تراجعات حقيقية في ميادين المواجهة مع الاحتلال الصهيوني، وفي ميادين الحريات والتقدم نحو اللقاء الوطني، وفي ملف الوحدة الوطنية .
نعتقد أن إنقاذ طلبة الجامعات الفلسطينية من أي جنوح لمركب الديمقراطية قبل فوات الأوان بات مسؤولية وطنية شاملة، تبدأ بقرارات وتوجيهات سياسية تعبوية حاسمة من قيادات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتلك الواقعة خارج إطارها حتى الآن كحماس وغيرها، وكذلك إدارات الجامعات مسؤولية الحفاظ على طبيعة الحرم الجامعي من حيث الشكل وحمايته بقرارات صارمة مسنودة بقوانين عليا، إضافة للتركيز على المعاني الحقيقية لمنهج الديمقراطية، والانتخابات، والمناظرات، والدعاية الانتخابية، وآدابها وقوانينها وأخلاقياتها ..فجامعات فلسطين كانت مصدرا غنيا لتخريج القيادات الوطنية، أما الواقع فيدفعنا للخشية على مستقبل أجيالنا إذا تبوأ الانفعالي العدمي وأخذ مكان العقلاني المنجز.